مـقـالات - رئيس التحرير - صلاح الدكاك

الحديدة عرشنا على الماء

في الحديدة والساحل الغربي يقاتل مجاهدو الجيش واللجان بظهير شعبي متماسك متين ومؤطر، عدا عن بسالة وإيمان وعقيدة يقر بخوارقها من خبروا بأس رجال الرجال في مضامير الوغى، وما يتسرب منها بعدسات الإعلام الحربي إلى الشاشات، هو نزر من كثير بطولات ترفع قواعد مدرسة عسكرية يمانية أنصارية فذة لا نظير لها في قواميس العلوم العسكرية ومدونات الحروب عبر التاريخ. لا جدوى من زحوفات الجرذان على الحديدة، ولا منطق لاستمرار العدو فيها سوى استرخاص تحالف العربان الزنيم لدم الارتزاق المحلي الجنوبي والشمالي، واسترخاص واشنطن لخزائن العربان وأمن رعايا مشيخاتهم، فإن كسبوا -كما أوجز سيد الثورة أبو جبريل- فالغنيمة لأمريكا، وإن خسروا فمغبة الخسارة على عاتق العائلات المالكة ومستقبل رعاياها ومشيخاتها...

حجر في قاع العالم الميت

لم يضف تقرير فريق الخبراء الأممي عن انتهاكات التحالف في اليمن، شيئاً ذا قيمة لجهة وعينا الشعبي الجمعي بمدى بشاعة آلة العدوان ذات الرؤوس الحربية المتعددة التي تديرها الإمبريالية الأمريكية، مستهدفة مجموع أصول ومكتسبات الوجود اليمني برمته. قبل وبعد التقرير الذي نشر جزءاً يسيراً من غسيل تحالف العدوان القذر لأول مرة على حبل رسمي أممي، كنا ولا نزال الموضوع اليومي لترسانات القتل العسكري والاقتصادي على مدى نحو 4 أعوام، وكان العالم بما فيه الأمم المتحدة يراوح بين أكثرية والغة في دمنا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وقلة متفرجة متعاطفة عن بعد أو لاهثة وراء إثارة بصرية و(أكشن) مجاني قوامه لحم شعبنا وبسالة مقاتلي جيشنا ولجاننا الشعبية....

كانت أفغانستان تسبح في بحيرة من الدم المسفوك على شرف آلة الاحتلال الأمريكي، حين خرج نشطاء غربيون في تظاهرة احتجاجية منددة بوحشية دمية واشنطن (حامد كرازاي) الذي يعتمر قبعة مصنوعة من جلد حيوان بري على وشك الانقراض. كان (كرازاي) يجري زيارته الخارجية الأولى عقب تنصيبه حينها. وقد أمكن لعدسات العين الأوروبية الرحيمة أن تستشرف روح حيوان مزهوقة خلف خام القبعة الأفغانية الشهيرة؛ لكن القبعة الأمريكية المصنوعة من لحم وجلد وعظام الشعب الأفغاني لم تثر حفيظة هذه العدسات المقعرة والمحدبة، ولم تستوقفها لتذرف دمعة حداد على أرواح عشرات الآلاف من البشر المذبوحين خلفها بجنازير (المارينز) وسواطير ومفخخات فقاسات أمريكا القاعدية التي استبدلت الدمية (الطالبانية) بـ(كرازاي) تدشيناً لمرحلة من القرصنة الكونية هي الأبشع من كل سابقاتها....

خلال نحو 4 أعوام، وعبر سلسلة من ذروات الرد والردع التصاعدية، استطاع العقل اليمني العسكري للقيادة الثورية في صنعاء، فرض معادلة من توازن الرعب لا يمكن للعالم المنافق والمتواطئ مع الجلاد الأمريكي على لحمنا ودمنا، أن يقفز فوقها أو يشيح عنها غير آبه دون أن تقع مصالحه الاستراتيجية في بؤرة حريقها. أنف "نيكي هيلي" في اجتماع مجلس الأمن بشأن اليمن، الخميس الفائت، بدا قميئاً ومنكسراً خلافاً للعادة، وبصرف النظر عن لزوميات الغطرسة الأمريكية التي زخرت بها كلمتها التعقيبية على تقرير المبعوث الأممي "غريفيتث"، فإن "هيلي" طارت بعلو خفيض للغاية في تعليقها على متغيرات ملف الحرب على اليمن، وهو ما يؤكد اكتواء واشنطن بنار الردع اليمني على نحو غير مسبوق، يجعلها أنضج من ذي قبل لمهادنة اللهب عوضاً عن صب المزيد من زيت التمادي عليه....

الصماد 2 ما من سقف آمن للمليك

بعد (الصماد 2) ستتحول منظومة الدفاع السعودية (والإماراتية) الضخمة والمكلفة إلى عبء حديدي غير ذي جدوى، وسيستعاض عنها بجيش من (البودي جاردات) يعمل بمفهوم الحماية الشخصية، وينتشر حول كل منشأة حيوية في المملكة وحول كل شخصية مهمة ورفيعة.. باختصار لن يكون بإمكان الرياض المنخورة بالاحترابات الداخلية الملكية العائلية، والمثخنة بفواتير الغرق في اليمن، توفير غطاء أمني بحجم التهديد الذي تتعرض له بفعل هذه النقلة النوعية التي فرضها جيشنا ولجاننا على مسار الاشتباك والردع، وسيساعد مناخ الخوف السائد بعد عملية (صماد 2) على ارتفاع وتيرة الاحتراب الأميري التآمري البارد وعمليات التصفيات البينية... هذا التقزيم من ترسانة العدو ذي الإمكانات الحربية الكبرى هو معجزة يمانية قوامها تعطيل التفوق المهول لسلاح معسكر العدوان وتصفير قيمته الفنية القتالية وجدوائيته لجهة الدول التي تلوذ به وتهرق التريليونات الهجومية بغية اكتساب الوزن وتحقيق الغلبة الهجومية والمنعة الدفاعية لتشاهد منطاد رهاناتها العملاق وهو يفرقع مزقاً ودفعة واحدة بوخزة دبوس بعيد المدى والأثر....