زين العابدين عثمان

زين العابدين عثمان / لا ميديا -

تحتل أجهزة الاستخبارات أهمية كبرى في الحروب الأمنية والمعلوماتية والصراعات العسكرية بإطارها العام وأنماطها المختلفة إقليمياً ودولياً، نظراً لدورها الرئيس الذي لا غنى عنه في تحصين الدولة وتدعيم استراتيجية أمنها القومي والمؤسسي من الأخطار الكامنة والداهمة التي تهدد استقرارها وسكينة شعبها وجيشها من الداخل والخارج، فإن حاجة اليمن لمنظومة استخبارات قوية وفاعلة داخلياً وخارجياً في ظل هذا المضمار الساخن، تعتبر ضرورة ملحة تتطلبها الظروف الأمنية التي يمر بها وأنشطته الدفاعية والقومية، خصوصاً وأنه يتعرض ولايزال لأعنف عدوان تدميري على كل الأصعدة وفي مقدمتها العسكرية والاستخبارية من قبل تحالف العدوان الأمريكي- السعودي- الإماراتي.
وبهذا الصدد عملت القيادة في صنعاء على تركيز الجهود نحو تفعيل أجهزة الاستخبارات كأولوية عليا، وهيكلتها، والعمل على تزويدها بالكوادر البشرية المؤهلة والتكنولوجية الحديثة التي ترقى لمستوى التحديات والأخطار الأمنية والتحولات الاستراتيجية القومية التي يمر بها اليمن.
فالقيادة الثورية اهتمت كثيراً بأجهزة الاستخبارات وعملت على تنشيطها وتطويرها على مدى السنوات الماضية من العدوان إلى أن أوصلتها اليوم لمستويات قوية وفاعلة في مهامها العملياتية والاستراتيجية، خصوصاً في المهام المخصصة لمواجهة العدوان السعودي ـ الإماراتي ميدانياً وعسكريا، حيث ترجمت ذلك بسلسلة إنجازات عملية محكمة في معركة جمع المعلومات المهمة عن العدو من جهة، وفي عمليات اختراق غرف عملياته وقلاعه الأمنية المحصنة والإطاحة بها من جهة أخرى، وقد كان أبرزها اختراق غرف العمليات العسكرية المشتركة بالعمق السعودي وخروجها بتقرير مفصل عن طبيعة المخططات والبروتوكولات العسكرية التي يحضرها النظامات السعودي والإماراتي للحرب على اليمن، إضافة الى كشف التواجد والحضور المباشر للضباط والجنرالات الأمريكيين والبريطانيين في هذه الغرف وتوثيق طبيعة أعمالهم التي تنضوي في إطار تقديم الخطط العملياتية والاستشارية للضباط السعوديين والإماراتيين، كذلك كشف مقطع الفيديو الذي يوضح لحظة استهداف الطائرة "صماد 3" لمطار أبوظبي مطلع عام 2018، والتي حصلت عليها الاستخبارات اليمنية بعد اختراقها لكاميرات المراقبة التلفزيونية للمطار.
أما الأهم فكانت العملية الاستخبارية التي حصلت الثلاثاء الماضي، ونتج عنها القضاء على أحد أخطر الشخصيات التي تتعامل مع الاستخبارات السعودية، والتي نفذت عملية اغتيال الشهيد السيد إبراهيم بدر الدين الحوثي، قبل شهر، حيث كانت هذه الشخصية متحصنة في محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة قوات الاحتلال السعودي.
مما لا شك فيه أن الاستخبارات اليمنية اليوم أصبحت فعلاً تمتلك إمكانات نوعية على مستوى النخب البشرية والتكنولوجيا المتقدمة التي تتيح لها العمل بمثالية عالية في جمع المعلومات ذات الأهمية على الصعيد التكتيكي والاستراتيجي.
فمثلاً في المجال التكتيكي، تستطيع جمع المعلومات الكاملة والمباشرة حول قوات العدو السعودي والإماراتي وتمركز ثكناته الحيوية واللوجستية في أرض المعركة بالداخل اليمني أو في عمق أراضيه، وتحليل هذه المعلومات بمهنية محترفة تمكن قوات الجيش واللجان الشعبية من اكتساب نقطة تفوق أساسية في الحرب، وهي العلم المسبق بتحركات العدو والاستعداد لمواجهته مع تهيئة العوامل المثالية لكسره وسحقه استراتيجياً وعسكرياً بهجمات مباغتة استباقية.
أما في المجال الاستراتيجي، فالاستخبارات اليمنية تستطيع جمع المعلومات المتعلقة بالشؤون العسكرية والأمنية لتحالف الرياض وأبوظبي وتنسيقها وتحليلها على الوضع الاستراتيجي، ومعرفة نوع النشاطات والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية لهذا التحالف ودراسة تأثيرها على القدرات العسكرية والسياسات المتبعة، وأيضاً جمع المعلومات المباشرة العسكرية والسياسية والمعنوية ومواطن الضعف والقوة لهذا التحالف، والعمل على تهيئة هذه المعلومات لتقديمها مواد أساسية في إطار التخطيط العملياتي بغرف الجيش واللجان الشعبية، والتحضير لشن هجوم استباقي بأسلحة ضاربة كسلاح الطيران المسير أو عبر الصواريخ الباليستية أو غيرها من الأسلحة ذات المفعول التدميري الكبير والحاسم.
ما ي جب قوله في الأخير أن الاستخبارات اليمنية مع هذه القدرات الناهضة والتطور العملياتي، باتت فعلاً معادلة استراتيجية لا يمكن القفز عليها، وإضافة عسكرية في رصيد القوة للجيش واللجان واستراتيجيتهم الدفاعية والأمنية، ويداً خفية ضاربة للمنظومات الأمنية لتحالف الرياض وأبوظبي، تكشف المخططات، وتقض مضاجع النظام السعودي والإماراتي وعملائه من الخونة والمجرمين.

أترك تعليقاً

التعليقات