يوسف صلاح الدين

يوسف صلاح الدين / لا ميديا -
يزيح سيد الثورة الجدران المنبرية بينه وبين المتلقي ويحدثه عن كثب بعفوية تتوافر على منطق برهاني عجيب من حيث تلاحم النص القرآني فيه بالواقع المشهود.
المتكلم هنا ليس قائداً يستهدف تجييش جمهور المتلقين لمعركة محدودة زمانياً ومكانياً بل هو محب مشفق صادق الود شديد الحرص على المتلقي ويستهدف نجاته. وأياً كان انتماء هذا المتلقي فإنه مقصود بالود والنصح والتبيين كإنسان على محك المساءلة والحساب والجزاء في مشهد يوم عظيم..
والمتكلم الذي يتوجه إلى المتلقي بكل هذا الود الناصح ليس خطيباً قد استمنع بمنبره واستغنى عن الحاجة للإنابة واستعلى على الحاجة للتذكير... وإنما هو منيب يدعو للإنابة ومهتدٍ بما يهدي المتلقي إليه ومجيب لما يدعو به ومقبل على موجبات الفوز والنجاة آخذ بأيدي الناس صوبها مستحثاً هممهم وأذهانهم لتجاوز ما يحول بينهم وبينها من تصورات وأفكار مثبطة للهمم وآيلة بنفوس أصحابها إلى درك القنوط واليأس من الخلاص ومن ثم فقدان الصلة كلياً بالله ومنابع نوره والانزلاق في ظلمات الوسواس بما يجعل كلفة الإنابة باهظة في تقدير النفوس المستيئسة ويعزز لديها قناعة باطلة بأنه لا طاقة لها بها!
يضيء سيد الثورة عبدالملك بدر الدين مجاهيل النفس البشرية بكشاف إيماني موضوعي يقارب تداعياتها النفسية السلبية بمنطق فيزيائي تتجلى من خلاله التباساتها بالوساويس المثبطة لخيريتها وإيجابيتها والحافزة والمستحثة لكوامن شرها وسلبيتها بمنأى عن التجريد الذي يتسم به الخطاب الوعظي التقليدي في العادة في حديثه عن علاقة الإنسان بالشيطان..
وفي هذا السياق الموضوعي يصف سيد الثورة سلبية النفس البشرية وشريتها بلهب يستعر بدءاً بالرغبات والأهواء وتغدو معه النفس البشرية متاحة ومواتية لولوج وسواس الشياطين فيها وتسعيرها بلهب إضافي هو لهب التكوين الشيطاني «خلقتني من نار»..
المحاضرة الرمضانية العاشرة لسيد الثورة إضاءة نورانية عميقة تتجاوز علم نفس الجريمة الغربي الذي يفسر النزوع الإجرامي بِشرِّية الإنسان كأصل في تكوينه إلى إضاءة منابع ظلمة منطق الجريمة المختل المنتجة له فالنفس -بالضد للنظرية الغربية- مجبولة على الخير والشر وعلى الفجور والتقوى وهي بين أن تجنح لخيريتها بالتزكية والاتصال بمطلق نورانية الرعاية الإلهية أو تجنح لشريتها بالتدسية فتقع فريسة للأهواء والوساوس وهذا هو ذات الخيار الإنساني الحر الذي ينتظم وفقه مبدأ الثواب والعقاب والحساب والجزاء...
«وهديناه النجدين، إما شاكراً وإما كفوراً»
«ونفس وما سوَّاها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكَّاها وقد خاب من دَسَّاها».

أترك تعليقاً

التعليقات