لا مسافة بين الطلقة والكلمة
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
لا يمكن لأي مقاومة أن تستمر وتظفر بالنصر إذا لم تمتلك نظرية شاملة متكاملة وأهدافاً استراتيجية ومنظومة قيم ومفاهيم إنسانية، أن تمتلك رؤية معرفية لطبيعة مكونات الواقع وحركته، وترتيب أولوياتها على أساس المواجهة، كقانون لحماية نفسها في سياق بلورة مشروعها النهضوي التنموي الإنساني في إطار تحصين ذاتها تحصيناً حقيقياً. وطبيعي أن عجزت النظريات والقيم والمفاهيم وحدها عن أن تنتصر، فلا بد من امتلاك منظومة دفاع وأسلحة الردع، كما امتلكها الجيش واللجان الشعبية، كقاعدة أساسية لعملية الردع ومواجهة العدوان وشراسته الحيوانية، امتلاك الصواريخ المجنحة عابرة القارات وطائرات مسيرة تخترق قلب العدو وتوجه له ضربات قوية موجعة في اقتصاده ومواقعه الاستراتيجية، قوة ردع وصمود وإسناد قوي للمقاومة العربية والإسلامية لمواجهة المشروع الأمريكي في المنطقة، ومرتكز ثابت لإفشال مخططاته، ونقاط مضيئة في مسيرة التحرير، وإثبات وجود يؤكد قدرة المقاومة العربية والإسلامية على مجابهة المؤامرات الدنيئة والفتن الطائفية والمذهبية.
المقاومة هي الأساس وأشكالها متعددة، وتبدأ بالكلمة الحرة الصادقة وبكل ما تحمل هذه الكلمة من شرف الانتماء وسط انحطاط وهبوط أنظمة التطبيع والتنازلات والتراجع الأدبي والفكري والأخلاقي والسياسي. لقد جعلوا من الكلمة المفعمة بالجرأة والمليئة بدلالات الانتماء والحرية والحقوق والواجب والعقيدة والالتزام والنضال والمقاومة والعقل والتمرد والرفض وغيرها، جعلوها كلمات بلا معنى، بلا مؤثرات، بلا ملامح، جردوها من دلالتها الثورية والإنسانية، في الوقت الذي نحن فيه أحوج ما نكون للكلمة الصادقة الأمينة التي تعبر عن حال المستضعفين والكادحين والمقموعين وهم الغالبية العظمى. وبطبيعة الحال لن نكون بسذاجة فكر العدو وإعلامه وتضارب أقواله وتصريحاته وهزال الحجج المستخدمة لإقناع الرأي العام العربي والعالمي، إعلام يستمد ضعفه وهزاله من ضعف وهزال تلك الأنظمة وهشاشتها. نضالنا متكامل، فليس هناك بين مناضل الطلقة ومقاوم الكلمة مسافة أو حاجز، الكل يكمل بعضه، الكل متمسك بالثوابت وبالحقوق وبالوعي الحقيقي لهذا الصراع وأبعاده الغربية والاستراتيجية، وتأكيد الحقيقة لأمتنا بأنه ليس أمامها سوى المقاومة، وبها تنتصر ولن تنكسر إرادتها أو تنهزم، بها يتحقق مشروعنا ونحن نصارع هذا العدو الظالم ونشتبك معه بكافة الوسائل والأشكال، ولا خيار أمامنا إلا المقاومة من الكلمة إلى عود الكبريت إلى الرصاصة... ونضالنا لن يكون عفوياً أو عشوائياً ولا ارتجالياً أو مزاجياً، صراعنا مثل التاريخ لا يحتمل الفراغ ولا يتوقف، ولا نقف نتلطى وراء انهزامية بن سلمان وزمرته الخائنة التي لا علاقة لها بتراث أمتنا، بعد أن تنازلت وفرطت بالتاريخ والشهداء والوطن والكرامة والمستقبل. نرفض أن نستقيل من الحياة. نريد أن نفعل فعلاً خارج الروتين اليومي للعولمة. ولا خيار أمامنا سوى المقاومة، لأن المطروح أكثر من استعباد الأمة، المطروح تغييب هويتها وتاريخها وإلغاء مستقبلها. المقاومة تدافع عن الأمة كبشر لهم حقوقهم، تدافع عن أراضينا وتاريخنا وحقوقنا بأن نعيش كأمة لها كرامتها وحريتها، أن نستفيد من ثرواتها ويكون لها موقع بين الأمم.

أترك تعليقاً

التعليقات