الذئاب والثورة
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
ليس من وقت ضائع عند تحالف العدوان الكوني، وعليه فإن فم التحالف المتوحش يطبق على الأرض ليبتلعها أولاً، ثم يعود إلى إعلان الهدنة كخطوة ثانية وقاسية على طريق التهام الوجود الإنساني من أساسه بالجوع والتآكل التدريجي والإبادة الجماعية والإمعان السادي اللئيم في الذبح والقتل والتفجير وخطوة خطوة إلى حد الانقراض، ومع ذلك يستمر تثاؤبنا غير مكترثين لعامل الوقت، إلى متى وقد أصبح فم الأطفال يبصق دماً ساخناً وصارخاً؟ إلى متى وقد أصبحنا رهائن للجوع والموت بلا شبهة وبلا اتهام؟ إلى متى نسمح للذئاب المفترسة تحل محل المقاتل والمناضل لتبني الجحور حيث يمكن لتحالف العدوان أن يضع بيضه المسموم بمأمن عن القوى الحية المناضلة التي لا غاية لقتالها ومقاومتها سوى تحرير اليمن شمالاً وجنوباً من الأفاعي وبيضها سواء بسواء؟ إلى متى تتمكن القوى الحاقدة من اجتثاث روح العدالة والمساواة من كيانها ويظل الأبطال الذين نذروا أنفسهم للشهادة هنا وهناك وقبل ذلك للإرادة الحرة دونما وجل وحتى الموت باتوا مجرد حديث لتضميد الضمير المتآكل؟
إلى متى يستمر الصمت القاتل عن المآسي والجوع والموت والضياع الذي يشكل حياتنا، وأسباب فقرنا وتجويعنا وتشرذمنا وخرابنا، وما من دراما مأساوية بدت مفجعة كما هو الآن موتنا جوعاً وبهذا الرخص وبتلك السخرية والتزوير للقيم والأخلاق وإغراقنا بالكآبة، وتفريغنا من كل قوة تهدد ذئاب الصحراء الذين يتمنون إلغاء وجودنا وكرامتنا، إلغاء تاريخنا وانتصاراتنا وتجريدنا من كل سلاح بما في ذلك سلاح العقل والنفس الطويل، سلاح العمق والامتداد، سلاح الهوية والانتماء، سلاح الجيش واللجان الشعبية، ويقدمون لنا البديل الرخو، هدنة بدون اطمئنان ولا استقرار ولا غذاء، ولا ارتواء ولا دفء.
يقدمون لنا الموت جوعاً حتى الحقيقة أصبحت غائبة وظاهرة استثنائية، وإن وجدت، فإنها لا توجد إلا وهي تحتفظ بطبعها المكتوم حيث تتشابك الخيوط الاستراتيجية للصراع في منطقة قوس الدم، ومحاولة تغيير موازين القوى ورسم معالم جديدة للصراع وحلول إنقاذية ذات طابع انتهازي لمصلحة العدو، وكل ذريعة للعدوان ليست إلا هجمة سياسية حاقدة باسم القانون الأممي وحرمته لتسهل السطو على هذا البلد المسالم، وتعمل جاهدة لزجه في منظومة فاسدة لا نهاية لتداعياتها القاتلة، وتحاول إطفاء جذوة الحياة بالموت جوعاً وتعزيز الإحساس بالانكسار كمصير محتوم والتلاعب بكل القضايا المتصلة بحياة الناس وحقوقهم وبكل ما من شأنه أن يرفع مستواهم إلى مصاف يليق بهم كبشر يجسدون المبادئ الإنسانية والحضارية.
لا هدنة تستعجل رسم ملامح الاستسلام في اللحظة التي تفوح ويختلط فيها الدم بوحل الشوارع ونحن من يدفع ثمن القوس الدامي المضطرب دماً وروحاً وجوعاً في حالتي مد الاستراتيجيات أو جزرها.

أترك تعليقاً

التعليقات