عبدالملك المروني

عبدالملك علي المروني / لا ميديا -

الأزمة العراقية التي بدأت مع اندلاع الاحتجاجات في الأول من أكتوبر الماضي مرشحة لتطورات أكثر سخونة مع مرور الوقت وغزارة الأسباب والدوافع التي تعمل على زيادة تأجيجها.
المحتجون "المنتفضون" يطالبون -كعادة العرب- بإسقاط الحكومة، والاستجابة لمطالبهم، ومحاسبة الفاسدين وعودة الحياة الديمقراطية إلى الشارع العراقي كما كانت. والحق أننا لا نعلم عن أي شارع يتحدثون، وما إذا كانت الديمقراطية والحكم الشوروي الذي ينعون غيابه قد تجلى في عهد صدام حسين أو عبدالسلام قاسم أو حتى السلف الصالح من أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي أو أبو عباس المنصور أو سواهم! غير أن المهم هو التزام المحتجين بذات الشعارات التي ترفع في كل أزمة تصنعها واشنطن وفي مقدمتها إسقاط الحكومة.. ولا ندري متى يحين الوقت الذي يعلن فيه عن إسقاط الشعوب أو استقالتها بدلا عن هذه الحكومات!
الحكومة العراقية، بالمناسبة، موقفها واضح ومعلن "لن نستقيل ونترك البلاد عرضة للانهيار والتصدع"، وهو لسان حال كل حكومة عربية يطرق العنف الشعبي بواباتها.
والموقف العربي من الأزمة غائب تماماً. أما أوروبا فهي تنتظر كعادتها واشنطن من أجل تعزيز موقفها. وروسيا متفرجة بحذر وترقب، مكتفية بالدعاء والتوسل إلى الله أن ينصر الحق على الباطل، وإيران الجارة المتهمة بإدارة شؤون العراق من الباطن تتواجد في قلب الحدث أو تحيط به منعا لمشروع أمريكي للعراق خلاصته تقسيم البلاد وخلق تيار سني واسع يقف بمواجهة التيار الشيعي، (ولينصرن الله من ينصره)..
هذه هي الأجواء المحيطة بالمشهد العراقي الآن، والنتيجة سقوط ما يزيد عن 300 مواطن عراقي لقوا حتفهم قتلا في هذا السخط المحموم.
وإذا كانت الأيام حبلى بمفاجآت وتطورات جديدة لا يعلم سوى الله أين تستقر، فإن الأكيد بأن هذا الشعب المظلوم ديمقراطيا طوال قرون، عرضة لتصدع جديد قد يسفر عن ظهور "مهدي منتظر" جديد من فصيل الجنرال برايمر أو السيدة حرمه، خاصة مع وجود ما يشير إلى اعتزام المحتجين الاستعانة بالأمم المتحدة للتدخل في الأزمة وفرض حكومة عراقية جديدة بثوب أممي؛ وهي الورقة التي تستطيع واشنطن التدخل من خلالها وبسط هيمنتها على هذا الشعب، وتنصيب كرازاي جديد في أرض الرافدين.
ولكن هل هذا كل شيء؟ طبعاً لا، لأن العراق هو أحد أضلاع مثلث (العراق، لبنان، اليمن)، وهي الدول الثلاث التي تم التخطيط لضربها دفعة واحدة تحت يافطة قمع إيران وتمزيق أذرعتها في المنطقة، غير أن اليمن وبفضل إرادة الله وحكمة قيادتها الثورية والسياسية استطاعت إفشال المخطط الإمبريالي الاستعماري.. فهل يعي صناع الموت والدمار حقيقة الواقع اليمني ويستوعبون الدروس المتلاحقة والقاسية؟
ذلك ما نستبعده، على الأقل في الوقت الراهن الذي ما تزال فيه خزينة الأموال الخليجية فاتحة صدرها وعورتها أمام رعاة البقر!

أترك تعليقاً

التعليقات