صامدون رغم الألـم
 

أحلام عبدالكافي

تؤرقني آلامٌ سكنت جوانب نفسي.. ماذا عمن تضرروا في هذا العدوان الوحشي، من أصبحوا بلا مأوى بين عشية وضحاها.. عمن فقدوا أحباءهم وأعزاءهم في غمضة عين، بل عمن فقدوا أعضاء من أجسادهم، فوجدوا أنفسهم في سجل المعاقين، بفعل قصفٍ لعدو غاشم..؟!
ثم أجد نفسي ملزمة بالتقرب إليهم أكثر، حين تجدني لا أفوت فرصة لسماع حديث أم ثكلى فقدت أولادها، وهي تروي حكاية شيطانٍ بثوب وعقال اختطف أبناءها من بين ذراعيها بغياً وظلماً.. ثم أجد نفسي تارة أخرى أطيل التأمل في أطلال بنيان قصفه العدوان حقداً وعدواناً.. لا لشيء، وإنما من أجل أن أستمد القوة والبأس من براثن إجرامهم، ومن بين كل تلك الجراح التي خلفها عدوانهم، بل من أجل أن أزداد يقيناً أن من يقتل الأبرياء في مساكنهم هو أحقر وأضعف ما يكون، وأن من يحاول أن يعدم الحياة والوجود إنما هو من لا يستحق الحياة على هذا الوجود. 
تأخذني نفسي بعيداً إلى عالمٍ يشبه إنسانيتي،، فأراني قد ازددت إصراراً على أن أبحث عنها، وأن أنتزعها من بين ذلك السواد.. لم يكن الطاغي يوماً منتصراً بوجود الثائرين، ولم يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً... نعم، لم يعد يخيفني هكذا عدو بلغ به الإثم والإجرام أعلى مراتب الهالكين.. ولم يعد يقلقني صوت طائرات حلقت عالياً، لأنها أجبن من أن تهبط على أرض الأحرار.. 
فلا والله لن أفسح مجالاً لمصاصي الدماء أن يحدوا شفرتهم بخنوعي، ولن أسمح لتجار الحروب أن يمعنوا في غيهم بسكوتي... والله لن يجدني العدو إلا حيث يكره، فلقد أدركنا أننا نتعامل مع أشباه البشر، من يكتحلون برؤية الجثث، ويتلذذون بسفك الدماء بغدرٍ بعيداً عن شرف النزال.. وهم ذاتهم من تراهم أشد جبناً وقت النزال وفي حضرة الأبطال.. هذا ما يحدث فعلاً في اليمن من هزيمة نكراء يبوء بها أنصار الذلة والمهانة على أيدي رجال الرجال.
فما كان كيد الشيطان إلا ضعيفاً.

أترك تعليقاً

التعليقات