تقرير / لا ميديا -
يواصل العدو الصهيوني مسيرته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني بلا رادع، مضيفاً إلى سجلّه المظلم صفحاتٍ جديدة من الإبادة الجماعية والانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. فبعد مضي 29 يوماً على «اتفاق وقف إطلاق النار»، الذي كان يُفترض أن يكون متنفساً إنسانياً لشعبٍ أنهكه العدوان والحصار، تتكشف الحقائق لتثبت أن «إسرائيل» لم توقف حربها، بل غيّرت شكلها فقط.

أرقام من تحت الركام
أفادت وزارة الصحة في غزة، أمس السبت، بأن المستشفيات استقبلت، خلال الساعات الـ72 الماضية، 10 شهداء و6 إصابات جديدة، بينهم تسعة شهداء تم انتشال جثامينهم من تحت الأنقاض. وبذلك ارتفع عدد الشهداء منذ سريان «وقف إطلاق النار» إلى 241 شهيداً، و614 مصاباً.
وفي المحصلة الكارثية لعدوان الإبادة، وصل العدد التراكمي للشهداء إلى 69,169 فلسطينياً منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وتؤكد اللجنة الوطنية الفلسطينية لشؤون المفقودين أن أكثر من 10 آلاف شهيد ما زالوا تحت الركام، لم يُنتشلوا بعد، في مشهدٍ يشرح فصول الجريمة المستمرة.

الاحتلال يواصل التدمير والحصار
مع دخول «اتفاق وقف النار» في غزة يومه التاسع والعشرين، تستمر آلة الاحتلال الصهيوني في تنفيذ عمليات النسف الممنهجة للمباني السكنية شمال القطاع وشرقه، مع غارات جوية متفرقة وقصف مدفعي متقطع، فيما تُبقي معابر غزة شبه مغلقة، وتُدخل كميات محدودة من المساعدات لا تكفي لإطعام مخيم واحد، وفق مصادر فلسطينية.
ووفق بيانات وزارة الصحة، فإن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية بلغ مستوى حاداً، وهو ما يعني أن آلاف المرضى والمصابين محكومون بالموت البطيء داخل المستشفيات التي لم تعد سوى أجنحةٍ من العجز والانتظار.

المقاومة تنتشل جثمان أسير صهيوني
في الأثناء، أعلنت مصادر في كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس أنها تمكنت من انتشال جثة الضابط الصهيوني هدار غولدن في مدينة رفح، بعملية معقدة نجحت أيضاً في انتشال 6 شهداء فلسطينيين.
وتستمر فصائل المقاومة الفلسطينية في تسليم جثث الأسرى الصهاينة وفق التزاماتها في المرحلة الأولى من اتفاق «وقف إطلاق النار»، ما يؤكد مرة أخرى التزامها الإنساني، مقابل تنكّر العدو الصهيوني لكل بنود الاتفاق، ورفضه بدء المرحلة الثانية، وتلويحه باستئناف عدوان الإبادة تحت ذرائع لا تنتهي.

مؤشرات لعودة الإبادة
في الشأن ذاته، يواصل العدو الصهيوني التلاعب بالاتفاق الإنساني، عبر ربطه «التهدئة» بشروط مُذلة. فقد أوصى من يسمى «رئيس الأركان» في قوات الاحتلال، إيال زامير، بعدم الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق قبل «استعادة جثث الأسرى» و»نزع سلاح المقاومة كلياً»، في انتهاك واضح للاتفاق المبرم برعاية دولية.
مراقبون يرون أن هذه التصريحات قد تكون مقدمة لعودة الكيان الصهيوني لتوسيع عدوانه على غزة وصولاً إلى العودة إلى خططه الرئيسية في الاحتلال الكامل وتهجير السكان.

مقابر الأحياء
وفي فضيحة جديدة للعدو الصهيوني المدعوم من دعاة الإنسانية في الغرب، كشفت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية عن وجود سجن للعدو الصهيوني تحت الأرض يُعرف باسم «ركيفت»، يُختطف فيه عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة في ظروف وُصفت بأنها «جحيمية» و»خارج الزمن».
السجن الذي أعيد تشغيله بأوامر من المجرم الصهيوني إيتمار بن غفير، في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان قد أُغلق في الثمانينيات بسبب لا إنسانيته؛ لكن، «إسرائيل» أعادت فتحه لتعيد معه أسوأ ممارسات الجريمة الحديثة.
ووفق الصحيفة يقبع المعتقلون في زنازين بلا نوافذ ولا ضوء شمس، ولا يُسمح لهم بالخروج إلا لدقائق معدودة كل يومين، في ساحة تحت الأرض. يُسحب الفُرش عند الفجر وتُعاد في الليل، وتُقدَّم وجبات بالكاد تُبقيهم على قيد الحياة.
المحامية جنان عبده، من اللجنة الشعبية لمناهضة التعذيب، قالت: «ما شاهدناه في ركيفت ليس اعتقالاً، بل دفن أحياء تحت الأرض». وأشارت إلى أن من بين المعتقلين ممرضاً اعتُقل وهو يرتدي زيّه الطبي، وشاباً في الثامنة عشرة من عمره اعتُقل عند حاجز عسكري، دون أي تهمة.
هذه الشهادات، التي أكّدتها منظمة (PCATI)، تكشف أن العدو الصهيوني لم يعد يكتفي باختطاف الفلسطينيين، بل بات يدفنهم أحياء في أسوأ أقبية العذاب التي يمكن تخيلها.

14 مصاباً في الضفة بهجمات الغاصبين
وفي الضفة الغربية المحتلة، تتواصل جرائم الغاصبين الصهاينة بحماية قوات الاحتلال، ضمن المخطط ذاته الهادف إلى اقتلاع الوجود الفلسطيني من أرضه بكل الوسائل. ففي بلدة بيتا جنوب نابلس، هاجم غاصبون، أمس، فعالية لقطف الزيتون، واعتدوا على المشاركين بالحجارة والضرب المبرح، ما أدى إلى إصابة 16 شخصاً بينهم صحفيون ومسعفون ومتضامنون أجانب.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن المصابين نُقلوا إلى مستشفى رفيديا الحكومي، وبعضهم يعاني من كسور ورضوض خطيرة. كما أضرم الغاصبون النار في منزل المواطن باسل الشيخ في قرية أبو فلاح شمال شرق رام الله، وسط إطلاق نار مباشر من قوات الاحتلال على من حاولوا إخماد الحريق.
وبجهود حثيثة من العدو الصهيوني تحولت الضفة إلى ساحة تدمير يومية مفتوحة لعصابات الغاصبين، الذين يمارسون جرائمهم العلنية في وضح النهار، ضمن سياسة تبادل أدوار بين قوات الاحتلال والغاصبين هدفها النهائي التنكيل بالفلسطينيين حتى طردهم من أرضهم.