مسؤولون أمريكيون يكشفون كواليس إنهاء «ترامب» عدوانه على اليمن
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
كشف مسؤولون أمريكيون جانباً من الأسباب التي أجبرت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إنهاء الحملة العسكرية ضد اليمن وإعلانه الاتفاق مع صنعاء على وقف إطلاق النار بين الجانبين، في وقت تواصل القوات المسلحة اليمنية عملياتها الاسنادية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، تقريراً مطولاً، أكدت فيه، بلسان مسؤولين أمريكيين، أن فشل الحملة العسكرية الأمريكية في تحقيق أي نتائج ضد القوات المسلحة اليمنية، إضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تكبدها الجيش الأمريكي في هذه الحملة، وارتفاع تكاليفها، والمخاطر المتزايدة على الأصول العسكرية الأمريكية نتيجة للتطور القدرات الحربية اليمنية، وغيرها من الأسباب التي دفعت جميعها «ترامب» إلى إعلان وقف إطلاق النار مع «الحوثيين» بناء على مقترح عماني كان بمثابة «المَخرَج الأمثل» لترامب، بحسب تعبير الصحيفة.
وأفادت «نيويورك تايمز» بأن ترامب عندما وافق على الحملة ضد صنعاء، بحجة «إعادة فتح حركة الملاحة في البحر الأحمر» كان يريد رؤية النتائج في غضون 30 يوما من الضربات الأولية قبل شهرين.. مشيرة إلى أنه «بحلول اليوم الحادي والثلاثين، طالب ترامب بتقرير عن التقدم المحرز، وفقا لمسؤولين في الإدارة. ولكن النتائج لم تكن موجودة. ولم تكن الولايات المتحدة قد نجحت حتى في تحقيق التفوق الجوي على الحوثيين».
وبدلاً من ذلك، بحسب الصحيفة، فإن ما ظهر بعد 30 يوماً من تصعيد الحملة ضد اليمن «كان مشاركة عسكرية أميركية أخرى باهظة الثمن وغير حاسمة في المنطقة».
وأضافت: «وأسقط الحوثيون عدة طائرات مسيرة أميركية من طراز إم كيو-9 ريبر، وواصلوا إطلاق النار على السفن الحربية في البحر الأحمر، بما في ذلك حاملة طائرات أميركية. فيما أدت الضربات الأميركية إلى إتلاف الأسلحة والذخائر بمعدل بلغ نحو مليار دولار في الشهر الأول وحده».
وأوضحت أنه «لم يكن من المفيد أن تسقط طائرتان من طراز إف/إيه-18 سوبر هورنيت، تبلغ قيمة الواحدة منها 67 مليون دولار، من على حاملة الطائرات الرئيسية الأميركية المكلفة بتنفيذ الضربات ضد الحوثيين، في البحر».
وبحسب الصحيفة فبحلول ذلك الوقت «كان ترامب قد سئم».
مبادرة عمانية
«نيويورك تايمز» ذكرت في تقريرها أن مسؤولين عُمانيين قدموا مقترحاً يُعد «مَخرَجاً مثالياً» لترامب من المأزق اليمني الذي ورّط نفسه فيه، وقُدم المقترح العماني للمبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط «ستيف ويتكوف»، وينص المقترح على أن توقف الولايات المتحدة حملة القصف، وأن يوقف «الحوثيين» استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر. وفي الخامس من أيار/ مايو الجاري، تلقى مسؤولون في القيادة المركزية الأميركية أمراً مفاجئاً من البيت الأبيض بـ«إيقاف» العمليات الهجومية، تلا ذلك بيوم، إعلان ترامب وقف الأعمال العدائية ضد اليمن.
وبحلول الخامس من أيار/ مايو، كان ترامب مستعدا للمضي قدما، وفقا لمقابلات مع أكثر من اثني عشر مسؤولا حاليا وسابقا مطلعين على المناقشات في دائرة الأمن القومي المحيطة بالرئيس. وتحدثوا لنيويورك تايمز بشرط عدم الكشف عن هويتهم لوصف المناقشات الداخلية.
وقالت الصحيفة إن ترامب «بدا معجباً بالجماعة اليمنية، رغم تعهده في وقت سابق بالقضاء عليها تماما».
وأشارت إلى أن الإعلان المفاجئ لترامب بـ»النصر على الحوثيين» كما يصفه البعض «يوضح كيف أن بعض أعضاء فريق الأمن القومي للرئيس الأمريكي قللوا من شأن جماعة معروفة بقدرتها على الصمود».
وأضافت: «كان الجنرال مايكل كوريللا، رئيس القيادة المركزية، قد ضغط من أجل حملة قوية، والتي أيدها في البداية وزير الدفاع ومستشار الأمن القومي، وفقًا لعدة مسؤولين مطلعين على المناقشات. لكن الحوثيين عززوا العديد من مخابئهم ومخازن الأسلحة خلال القصف المكثف».
وقالت الصحيفة إن قائد القيادة المركزية الجنرال كوريللا كان قد اقترح تنفيذ حملة ضد اليمن «تستمر من ثمانية إلى عشرة أشهر تقوم فيها طائرات القوات الجوية والبحرية بتدمير أنظمة الدفاع الجوي الحوثية. وقال بعد ذلك إن القوات الأميركية ستنفذ عمليات اغتيال مستهدفة على غرار العملية الإسرائيلية الأخيرة ضد حزب الله، بحسب ثلاثة مسؤولين أميركيين».
وأشارت إلى أن مسؤولين سعوديين دعموا خطة كوريلا وقدموا «قائمة مستهدفة تضم 12 من كبار القادة الحوثيين الذين قالوا إن مقتلهم سيؤدي إلى شلل الحركة. ولكن الإمارات العربية المتحدة، لم تكن على يقين من ذلك. لقد تمكن الحوثيون من الصمود لسنوات من خلال القصف السعودي والإماراتي».
تكلفة مذهلة
واعترف مسؤولون أمريكيون، في حديثهم لـ«نيويورك تايمز» بأن تكلفة الحملة ضد اليمن «كانت مذهلة وتجاوزت المليار دولار في الشهر الأول فقط»، وعلى الرغم من القوة الضخمة التي حشدتها الولايات المتحدة إلى البحر الأحمر، والكمية الهائلة من الذخائر المتطورة التي استُخدمت في الغارات على اليمن «كان الحوثيون لايزالون يطلقون النار على السفن الحربية والطائرات بدون طيار ويعززون مخابئهم وينقلون مخزونات الأسلحة إلى تحت الأرض».
ولفتت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض «بدأ بالضغط على القيادة المركزية لمعرفة مقاييس النجاح في الحملة. وردت القيادة بتقديم بيانات توضح عدد الذخائر التي تم إسقاطها. وقال مسؤولون إن مجتمع الاستخبارات قال إن هناك بعض التدهور في قدرات الحوثيين، لكن الجماعة يمكنها إعادة تشكيل نفسها بسهولة».
وأفادت بأن كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكي كانوا ينظرون في مقترحين، الأول تكثيف الهجمات لمدة شهر آخر، ثم تجرى تدريبات «حرية الملاحة» في البحر الأحمر باستخدام مجموعتين من حاملات الطائرات، كارل فينسون وترومان. ولو لم يطلق «الحوثيون» النار عليها، لكانت إدارة ترامب أعلنت النصر.
والمقترح الثاني يتضمن تمديد الحملة لإعطاء ما تسمى بـ«قوات الشرعية» الموالية للسعودية والإمارات، الوقت للتحرك البري صوب صنعاء.
وقالت: «وفي أواخر أبريل/ نيسان، نظم السيد هيجسيث مكالمة فيديو مع مسؤولين سعوديين وإماراتيين ومسؤولين كبار من وزارة الخارجية والبيت الأبيض في محاولة للتوصل إلى طريقة مستدامة للمضي قدمًا ووضع قابل للتحقيق للحملة يمكنهم تقديمه إلى ترامب، ولكنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى توافق في الآراء».
وبحسب الصحيفة فقد جاءت الحوادث الأخرى وأبرزها اضطرار حاملة الطائرات ترومان في 28 أبريل/ نيسان، إلى القيام بمنعطف حاد في البحر لتجنب نيران «الحوثيين» القادمة، وما حدث حينها من خسارة مقاتلة سوبر هورنت، تلا ذلك بأيام قليلة خسارة طائرة أخرى من ذات الطراز، إضافة إلى نجاح قوات صنعاء في استهداف مطار «بن غوريون» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بصاروخ فرط صوتي تجاوز منظومات الدفاع «الإسرائيلية».. كل ذلك ساهم في دفع ترامب لاتخاذ قرار وقف الحملة على اليمن بناء على المقترح العماني.
واختتمت نيويورك تايمز تقريرها بالقول: «وأعلن مسؤولون حوثيون وأنصارهم النصر سريعا، ونشروا على وسائل التواصل الاجتماعي وسم: اليمن يهزم أميركا».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا