عادل بشـر / لا ميديا -
تواصل وسائل الإعلام العبرية تسليط الضوء على الجبهة اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني في حرب الإبادة التي يتعرض لها قطع غزة على مدار أكثر من عام، حيث يواجه كيان الاحتلال موجة متصاعدة من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي زادت القوات المسلحة اليمنية من وتيرتها في كانون الأول/ ديسمبر الفائت، وكانون الثاني/ يناير الجاري، تزامناً مع إمعان العدو الصهيوني في جرائمه بحق الفلسطينيين وبالتوازي، أيضاً، مع تصاعد الاعتداءات الأمريكية البريطانية "الإسرائيلية" على اليمن.
وبينما ينتظر الكيان الصهيوني عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الـ20 من الشهر الحالي، للبدء في تنفيذ خطة جديدة لتقويض القدرات اليمنية وإبطال فاعليتها في استهداف "إسرائيل"، ومنع صنعاء من استخدام البحر الأحمر وباب المندب في حصار "تل أبيب"، وفقاً لوسائل إعلام عبرية، فإن ذات الوسائل تؤكد في معظم تقاريرها أن "إسرائيل" تعاني في التعامل مع الجبهة اليمنية التي تُثبت يوماً بعد آخر أنها "من أخطر الجبهات" التي واجهها الكيان طوال سنوات استيطانه في الأراضي الفلسطينية.
صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل"، نشرت، أمس، تقريراً رصدته "لا" أكدت فيه أن لدى صنعاء "إمدادات لا نهاية لها من المقاتلين" إضافة إلى امتلاكها "قوة جوية متطورة بشكل كبير". 
وذكر التقرير الذي بعنوان "من يخاف من الحوثيين؟ آخر وكلاء إيران يثبتون أنهم ليسوا ضعفاء أمام إسرائيل"، أن ملايين "الإسرائيليين" اضطروا خلال الأيام الماضية إلى البحث عن ملجأ بسبب هجمات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي تطلق من اليمن "وعادة في منتصف الليل".
وأوضح أن صنعاء صعّدت في الأسابيع الأخيرة "هجماتها الصاروخية بعيدة المدى عالية القوة لتتناسب مع شدة واتساع التهديد الذي كان يشكله في السابق شركاؤها في محور المقاومة مجتمعين".
ونقل التقرير عن مايك نايتس الخبير البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الأمريكي، القول إن "التهديد الذي تمثله اليمن يتفاقم بسبب بعده عن إسرائيل، مما يقيد الضربات الجوية، والمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية المحدودة عن الأهداف المحتملة"، مشيراً إلى أن الأهم من ذلك أن اليمنيين يتمتعون "بالحماسة الدينية، والاستعداد الذي لا مثيل له للموت كشهداء والتضحية من أجل القضية الفلسطينية".
ووصف نايتس الحوثيين بأنهم "عنيدون للغاية وأقوياء للغاية"، لافتاً إلى أنه "في حين يمكنهم الاعتماد على إمدادات لا نهاية لها من المقاتلين، فإن التهديد الحقيقي لإسرائيل ينبع من القوة الجوية الحوثية، والتي تطورت بشكل كبير".

خيارات محدودة لتحدي متوسع
وتطرق التقرير إلى تهديدات وزير الدفاع "الإسرائيلي" كاتس باستهداف قيادات أنصار الله، على غرار ما حدث من استهداف لقيادات في حركة حماس وحزب الله، حيث أفاد التقرير بالقول: "لكن الحوثيين يمثلون تحديًا مختلفًا تمامًا عن الجماعات الأخرى، وقد يكون من الصعب القضاء على قياداتهم".
ونقل التقرير عن الخبير الأمريكي نايتس القول: "يتمتع زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي بمهارة إخفاء مكان وجوده، إنه يشبه الشبح، ولا يعرف مكانه إلا عدد قليل من الناس في أي وقت. ولا يحمل أي أجهزة إلكترونية على الإطلاق".
وأضاف: "وبما أن الحوثيين أصبحوا مؤخرا قضية رئيسية بالنسبة لإسرائيل، فمن المعتقد أن إسرائيل لديها معلومات استخباراتية محدودة ليس فقط عن قادة الحركة ولكن أيضا عن مخازن الأسلحة، مما يحد من بنك الأهداف المحتملة في الغارات الجوية". مؤكداً أن صنعاء لن تتراجع أمام محاولات ممارسة ضغوط عسكرية أو اقتصادية عليها، وأن "الطريقة الأكثر وضوحا بالنسبة لإسرائيل لوقف هجمات الحوثيين هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة".

أرض مغلقة
من جهتها صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، أفادت بأن "إسرائيل" تواجه موجة متصاعدة من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار من اليمن، مؤكدة أنه وبالرغم من "الضربات الانتقامية الإسرائيلية القوية، فإن الحوثيين لايزالون غير رادعين".
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، أمس، أن "وضع اليمن كـأرض مغلقة يقيد الوصول إليها ويجعل جمع المعلومات الاستخباراتية أمراً بالغ الصعوبة، فضلاً عن أن موقعها البعيد الذي يعقد الغارات الجوية المستمرة"، مشيرة إلى أنه "وعلى النقيض من حماس وحزب الله، فإن مواجهة الحوثيين في اليمن تشكل تحديات فريدة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، فعلاوة على ما سبق من تعقيدات في الحالة اليمنية وأبرز ذلك انعدام المعلومات الاستخبارية، فإن اندماج الحوثيين العميق في المجتمعات المحلية من شأنه أن يعقد الجهود الرامية إلى الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة وقابلة للتنفيذ. فضلاً عن ذلك، وعلى النقيض من لبنان أو سوريا أو غزة، فإن التضاريس الوعرة والجبلية في اليمن توفر للحوثيين تحصينات طبيعية، وهو ما يعقد العمليات العسكرية ويقلل من فعالية تكتيكات الحرب التقليدية".
وأضافت: "لقد سمح هذا التفوق الجغرافي لصنعاء بالصمود لسنوات من القصف الجوي والهجمات على جبهات متعددة من قبل القوات المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية". موضحة أنه وعلى الرغم من تفوق التحالف السعودي الأمريكي الإماراتي في السلاح وخضوع اليمن للمراقبة الجوية والأقمار الصناعية المتواصلة، فإن ذلك لم يضعف صنعاء. وبدلاً من ذلك، عزز المجلس السياسي الأعلى سيطرته على جزء كبير من البلاد.
واعتبر التقرير أن "القدرة الكبيرة على الصمود، إلى جانب الأسلحة المتطورة التي تمتلكها صنعاء، يجعل منها خصماً هائلاً، وقوة قادرة على خوض حرب متقدمة".
وأضاف: "الحوثيون صعبو المراس، كما يعترف العديد من الإسرائيليين. ومن السذاجة الاعتقاد بأنهم سيتراجعون، بغض النظر عن مدى قوة الرد الذي ستقدمه الولايات المتحدة أو إسرائيل". لافتاً إلى أنه "كان من المتوقع أن تهزم القوات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية الحوثيين بسرعة؛ ولكن على الرغم من الإنفاق الهائل على الأسلحة وعقد من القصف الذي استهدف قدرات الحوثيين الحاسمة، فإنهم مازالوا غير مهزومين".