النصر الإعلامي الذي أشاعه تحالف العدوان بقيادة السعودية، في وسائل إعلامه وإعلام مرتزقته، عن سيطرته على المخا في الساحل الغربي، لم يستمر كثيراً حتى تلاشت هالاته الضخمة التي صنعتها الشائعات والفبركات عبر ماكناته الإعلامية, فبعد مرور أيام قليلة على النصر المكذوب أعلنت الإمارات (المشاركة في العدوان) عن مصرع جنود لها على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية، في ذات المنطقة التي قالت إنها سيطرت عليها, تلته عدد من الخسائر الكبيرة في صفوف قواتها ومرتزقتها من مختلف الجنسيات، وفي آلياتها العسكرية، نتيجة استهدافها من قبل قناصة وصاروخية أفراد الجيش واللجان في نفس الجبهة, لتدحض أكذوبة سيطرة قوى العدوان على الساحل الغربي، وتؤكد على أنه تحول إلى نار لا تشبع من التهام جحافل جيوش وعتاد المعتدين, ودلت تداعيات تلك الخسائر في الوقت نفسه على أن الصراع الإماراتي السعودي انتقل من عدن إلى معارك الساحل الغربي.

هزائم مستمرة لقوى العدوان في المخا والإمارات أكبر الخاسرين
مرّ قرابة الشهرين على بدء قوى العدوان ما تسمى عملية (الرمح الذهبي)، بإيعاز إسرائيلي ودعم أمريكي, والتي صعدوا من خلالها عدوانهم في جبهات الساحل الغربي، بغية السيطرة على مضيق باب المندب، وصنع انتصار على أرض الواقع، بعد فشل دام لعامين. وشهدت الفترة التي بدأت في الـ7 من يناير الماضي والمستمرة حتى اليوم، عشرات الانكسارات لزحوف جيوش العدوان ومرتزقتهم في باب المندب وذوباب وكهبوب والمخا، سقط فيها المئات من الأفراد المشكلين لصفوفها، ودمرت العشرات من آلياتها الحربية ومدرعاتها، وعدد من طائراتها (عمودية واستطلاعية)، بالإضافة إلى عدد من زوارقها الحربية, وفرقاطة 702 السعودية المسماة (المدينة).
ولم يعد بمقدور تلك القوى المتهالكة أن تخفي حجم الخسائر التي تتلقاها في الساحل الغربي، خصوصاً تلك التي تكبدتها في الآونة الأخيرة، والتي نسفت ادعاءات سيطرتها على المخا, كخسائر الضربات الباليستية وتدمير البارجة السعودية في عملية تعد استراتيجية وغير مسبوقة في المنطقة، أحدثت ضجة أمريكية وأوروبية، وبينت قدرات رجال البحرية المساندين لرجال الجيش واللجان الشعبية في معارك الشريط الساحلي الغربي، وغيرها من الجبهات المطلة على مياه اليمن الإقليمية.
تلتها ضربة باليستية نفذتها صاروخية الجيش واللجان على تجمعات لجنود الاحتلال الإماراتي في معسكر أنشأوه بجزيرة زقر المحتلة في البحر الأحمر, وأسفرت عن مقتل العشرات منهم ضباطاً ومرتزقة من عناصر الجنجويد السودانية, لتعود من خلالها مجدداً تجمعات المحتلين الإماراتيين إلى بنك أهداف القوة الصاروخية اليمنية، بعد أن كانت آخر ضربة باليستية تلقتها في صافر، في الـ4 من سبتمبر 2015، حيث لقي آنذاك العشرات من قواتها مصرعهم، بينهم أمراء من العائلة الحاكمة.
ويرجح مراقبون أن الإمارات هي من أطلقت عملية (الرمح الذهبي) في الساحل الغربي، بإيعاز أمريكي إسرائيلي, وأنها تمسك بالجزء الأكبر من زمام قيادة جيوش العدوان والمرتزقة هناك, كونها أطلقت تشكيلات عسكرية في صفوف غزاة باب المندب والمخا تحمل مسميات إماراتية. وبما أنها تتحكم بالجانب الأكثر من العديد والعتاد في معركة تحالف العدوان مع الجيش واللجان الشعبية غرب اليمن, فإنها تتكبد الجزء الأكبر من الخسائر في الأرواح والعتاد العسكري.
وقد أظهرت مشاهد وزعها الإعلام الحربي، الأسبوع الماضي، عمليات قنص نفذها أبطال الجيش واللجان على جنود إماراتيين أسقطت العشرات منهم, كما لقي القيادي البارز في صفوف مرتزقة العدوان الموالي للإمارات أحمد البكري، وعدد كبير من المرتزقة والجنود الإماراتيين مصرعهم، الاثنين الماضي، إثر عملية نوعية نفذها مقاتلو الجيش واللجان في المخا، قبل أن تطلق صاروخيتهم، الأربعاء الماضي،  باليستياً على غرفة عمليات الساحل الغربي التابعة للعدوان في باب المندب، نتج عنه مصرع وجرح أكثر من 100 من الجنود الإماراتيين ومرتزقتهم، على رأس قتلاهم  قائد زحوفاتهم العميل اللواء أحمد سيف اليافعي، المعين من قبل العدوان في منصب نائب رئيس هيئة الأركان، والمعروف بولائه للجانب الإماراتي.
ويذكر أن الصريع اليافعي قبل مقتله كان تحدث لصحيفة (الشرق الأوسط) عن إنجازات كاذبة أحرزتها قوى العدوان والمرتزقة بسيطرتها على مدينة المخا في الساحل الغربي, وعدد من الإنجازات العسكرية, غير أن سيطرتهم المزعومة بدعاوى واهية لم تكن كافية لجعلهم يبنون غرفة عمليات آمنة لهم في المناطق التي ادعوا السيطرة عليها، وهذا ما أكدته الضربة الباليستية التي لقي العميل اليافعي حتفه فيها.
وقامت مدفعية الجيش واللجان، في الساعات الأخيرة من ذات اليوم، باستهداف تجمعات لجنود ومرتزقة تابعين (للإمارات) الدولة الشريكة في العدوان السعودي الأمريكي على اليمن, سقط فيها العشرات بين قتيل وجريح، من ضمنهم قائد مدفعيتهم العقيد المنافق عبده محمد الصبيحي، والعقيد المنافق قاسم صالح مهدي الحالمي.
ومن الواضح أن العدد الكبير لقتلى العدوان ومرتزقته في المعارك الأخيرة للساحل الغربي، كما يرى محللون، جعل اجتماع الرباعية الذي عقد في ألمانيا لبحث حل الأزمة اليمنية، غير ناجح، مع أنه شهد لأول مرة مشاركة بريطانية وأمريكية في نفس الوقت إلى جانب السعودية والإمارات شركاء العدوان، بالإضافة إلى مشاركة عمانية.
وفي السياق، يبدو أن صراعاً سعودياً إماراتياً يحدث في الساحل الغربي بغرض سعي كل منهما إلى فرض السيطرة والهيمنة على أكبر بقعة جغرافية يمنية, وهذا الصراع قائم منذ أن دخلت قوات الاحتلال السعودي الإماراتي الجنوب، العام قبل الماضي.

الصراع بدأ في عدن
على خلفية ما تشهده مدينة عدن وبعض المحافظات الجنوبية من عمليات اقتتال بين الفصائل المسلحة والتنظيمات الإرهابية التابعة للعدوان منذ سيطرة قواه ومرتزقته عليها وخروج الجيش واللجان منها, تعيش تلك المناطق حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق، اتضح بعد ذلك أن تلك العمليات هي نتاج خلاف حاصل بين الشريكين في العدوان (السعودية والإمارات) حول السيطرة على الجنوب.
فما حدث في مطار عدن، الأسبوع قبل الماضي، من اشتباك ناري مباشر بين قوات العميل هادي المدعومة من قبل السعودية والفصائل المسلحة المدعومة من قبل الإمارات التي شاركت طائراتها العمودية في الاشتباك للسيطرة على المطار بعد أن أصدر الدنبوع قراراً يقضي بتغيير مسؤول أمن المطار الموالي للمحتلين الإماراتيين، والذي نتج عن رفضه للقرار قيام المسلحين الإرهابيين التابعين للدنبوع ومملكة قرن الشيطان، بحصار المطار، أخرج الصراع الذي كان خفياً إلى العلن.
ويرى متابعون أن هذا الصراع يجسد مساعي كل طرف في بسط نفوذه وتقليص نفوذ الآخر، ويؤكد هذا ما تداولته وسائل إعلام حول قيام السعودية مؤخراً بإرسال سريتين من قواتها الخاصة إلى الساحل الغربي، لتتسلم إدارة عمليات القوى الغازية ومرتزقتها فيه، بغرض إنهاء سيطرة الإمارات وانفرادها بقيادة المعارك هناك منذ بدء عملية ما يسمى (الرمح الذهبي)، قبل حوالي شهرين.
وفي ما يخص الجنوب المحتل أيضاً، اختفى الحراك الجنوبي من المشهد هناك، خصوصاً بعد أن طفت صراعات عملاء الاحتلال على السطح، ولم يأخذ الحراك الجنوبي أي موقع فيها, ليدل ذلك على أن السعودية والإمارات حجمتا دوره في الجنوب، واستبدلتاه بتنظيمات إرهابية يكون لها الدور الرئيس على مسرح الحرب في عدن وغيرها من المدن المحتلة.. وتداول صحفيون وناشطون جنوبيون الصراع السعودي الإماراتي في صفحاتهم على (تويتر) و(فيسبوك)، وأن لا علاقة لهذا الصراع بمعاناة الناس، ولا يعمل المتصارعون من أجل مصلحة أبناء الجنوب, بل يريدون باقتتالهم تصفية حسابات بينهم كونهم ذات الممولين لحرب 1967.
وسمى آخرون ما كانوا يدعونها (مقاومة شعبية) عملاء الاحتلال بعد أن اشتبكوا مع الفار هادي وأهانوه وأذلوه في عدن، وضربوا بقراراته عرض الحائط, بل وصل الأمر إلى افتعال اشتباك مباشر معه أدى إلى ظهور الصراع الإماراتي السعودي في عدن ليكون أمام أعين الجميع. وقال البعض منهم إن مشكلة الجنوب اليوم تكمن في أن من يديره من أبنائه ليسوا إلا عملاء ومرتزقة للخارج, ويقومون بفتح جبهات اقتتال مع بعضهم البعض في المناطق التي يسمونها (محررة)، بينما هي في حقيقة الأمر تحت وطأة الاحتلال السعودي الإماراتي.

يمتد إلى الساحل الغربي
ومما يثبت امتداد الصراع من عدن إلى معارك الساحل الغربي، هو تداول وسائل إعلام سعودية وأخرى تابعة لمرتزقتها خبر مصرع العميل الموالي للإمارات اللواء اليافعي، الأربعاء الماضي, حيث أوردت قناتا (الحدث) و(العربية) وغيرهما الخبر بـ(مقتل اللواء اليافعي). من جانبها، قناة (بلقيس) التابعة لمرتزقة السعودية، تناولت الخبر باحتفاء، وأوردته (بمقتل قائد إماراتي إلى جانب أحمد سيف اليافعي بصاروخ موجه في باب المندب), وفي العادة تتناول تلك القنوات مقتل قيادات عدوانها ومرتزقتها بأنه (استشهاد).
وطفا امتداد الصراع من عدن وظهوره كتنافس في معارك المخا إلى السطح بعد أن وجهت قيادات عميلة موالية للإمارات اتهامات مباشرة بوقوف السعودية وعملائها من حزب الإصلاح وراء مقتل المنافق اليافعي. وكانت مراشقات الاتهام يتبادلها عملاء موالون للطرفين على المواقع الإلكترونية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
كما يوجد هدف آخر من توجيه أصابع الاتهام للسعودية والعملاء الموالين لها بالوقوف وراء عملية مقتل المنافق اليافعي وعشرات الجنود الإماراتيين, وهو كما يرى صحفيون محاولة من قبل العدوان ومرتزقته في عدم منح النجاح في العملية إلى القوة الصاروخية والعناصر الاستخباراتية التابعة للجيش واللجان الشعبية, والتي أثبتت نجاحها في الفترة الأخيرة بعد قيام الهندسة العسكرية التابعة لها بتطوير وصناعة صواريخ باليستية جديدة لم تكشف عن أسمائها بعد, بالإضافة إلى أن تلك الاتهامات تسعى أيضاً إلى التقليل من أهمية الانتصار الجديد الذي حققته الخبرات العسكرية اليمنية في تطوير الأسلحة, كون تمكّن الصاروخ الباليستي من إصابة هدفه في باب المندب يعزز صحة ما أعلنته القوة الصاروخية اليمنية قبل أيام أنها تمكنت من تطوير ترسانتها بالشكل الذي يستطيع تحييد منظومة الدفاع الجوي السعودية (باتريوت باك3) أمريكية الصنع، وهي الأحدث من نوعها، والتي حصلت عليها الرياض بصفقة سلاح مع واشنطن في منتصف العام الماضي.
من جهته، قال الناطق الرسمي للجيش واللجان الشعبية العميد شرف غالب لقمان، الثلاثاء الماضي، إن الضربات الصاروخية الاستراتيجية، رغم قلتها، إلا أنها مؤلمة للعدو، متوعداً بمفاجآت جديدة قاصمة لقوى العدوان. مؤكداً أنه (لولا المعلومات الاستخبارية الدقيقة لما تحققت الإنجازات على مختلف الأصعدة).
إن القراءة الواقعية لما يحدث في أرض المعركة تثبت فشل قوات تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقتهم في مواجهة أبطال الجيش واللجان الشعبية، رغم الفرق الشاسع بين الإمكانات التسليحية واللوجستية لدى الجانبين، وما يؤكد هذا الفشل هو عدم قدرة قوى العدوان ومرتزقتهما على تحقيق أي نصر استراتيجي في معارك الساحل الغربي، وكذا ما تتلقاه من خسائر فادحة عدة وعتاداً، وهذا الفشل والخسائر ستزداد وطأة في قادم الأيام، خاصة وأن في جعبة الهندسة العسكرية اليمنية الكثير من المفاجآت لقوى العدوان ومرتزقتها.