تقرير / لا ميديا -
بينما ينتظر الأمريكي ما سيسفر عنه صراع أدواته من غلبة لهذا الطرف أو ذاك في السيطرة على باب المندب، تأتي الرسالة من صنعاء قوية بما يكفي له ولقوى العدوان والاحتلال بأن يعيدوا حساباتهم ألف مرة قبل أن يقدموا على أي خطوة عدوانية جديدة. الرسالة جاءت على لسان المشير المشاط وسيفهمها الأمريكي قبل غيره بأن تحركاته الجديدة في المناطق المحتلة تكشف نوايا قوى العدوان في الاتجاه نحو التصعيد، وهو ما سيتم الرد عليه باستهداف قواعد الاحتلال العسكرية في مختلف الجزر اليمنية المحتلة.

دخلت صنعاء، اليوم، على خط المواجهة حول باب المندب، ملوحة باستهداف القواعد العسكرية التابعة لتحالف الاحتلال السعودي الإماراتي في الجزر اليمنية.
وفي اجتماع له مع قبائل المحويت، وجه رئيس الجمهورية المشير مهدي المشاط رسالة نارية إلى قوى العدوان والاحتلال باستهداف كافة قواعدهم العسكرية في الجزر اليمنية المحتلة.
يأتي ذلك غداة تصاعد السباق بين الاحتلال وأدواته للسيطرة على باب المندب.
وبحسب مراقبين، فإن تصريحات المشاط تأتي كرسالة إلى الأمريكيين في المقام الأول وإلى تحالف الاحتلال السعودي الأمريكي بأن تحركاتهم في باب المندب هي خطوات عدوانية لن يتم السكوت عنها، حيث تشترط صنعاء رحيل كل قوات الاحتلال عن البلد كمؤشر على صدق النوايا في إيقاف العدوان.
إلى ذلك، تخوض كل من السعودية والإمارات إضافة إلى قطر سباقا محموما على المنطقة الاستراتيجية غرب اليمن ضمن ذلك السيناريو، عبر إنشاء معسكرات جديدة لمرتزقتها في المناطق المتاخمة لمضيق باب المندب اليمني.
وفيما حاولت فصائل الاحتلال الإماراتي بقيادة العميل طارق عفاش إنشاء معسكرات بالقرب من باب المندب، دفع الاحتلال السعودي بفصائله المتمركزة في منطقة رأس العارة بلحج المحتلة لطرد فصائل طارق ومنعها من إنشاء المعسكرات والسيطرة على تلك المناطق.
وقالت مصادر مطلعة إن الاحتلال السعودي وجه التكفيري بشير المضربي، قائد ما تسمى «قوات درع الوطن» الموالية للرياض، للتصدي لهذه التحركات والبدء بتحريك قبائل الصبيحة نظراً لما للمضربي من مكانة لدى هذه القبائل.
وأضافت المصادر أن تحركات قبائل الصبيحة المناهضة لأي وجود عسكري لفصائل عفاش في الجزء الجنوبي الغربي من محافظتي لحج وتعز المطل على باب المندب، هي تحركات مدفوعة من الاحتلال السعودي.
وكان العميل طارق عفاش بدأ قبل أيام باستقدام قوات تابعة له من مديرية المخا معقل فصائله والتهيئة لنشرها في منطقة رأس العارة المطلة على باب المندب، وهو ما ترفضه قبائـــــــل الصبيحـــــــة التي ترى فـي هذا التصرف احتلالاً لأراضيهـــا ومناطقهــــا بالقوة العسكرية.
وفي مقابل التصعيد السعودي ضد فصائله، هدد العميل طارق باستخدام القوة ضد قبائل الصبيحة الرافضة لمساعيه في استحداث معسكر جديد بباب المندب.
واعتبر بيان باسم ما تسمى «المقاومة الوطنية» التي يقودها طارق، أن التحركات في باب المندب تأتي ضمن مسرح عملياتها، مشيرا إلى أنها «تمت وفق خطة أقرتها العمليات المشتركة»، في إشارة إلى موافقة الجناح الجنوبي الذي يقوده التكفيري أبو زرعة المحرمي، والذي يشغل منصب نائب طارق في قيادة تلك الفصائل.
وتوعد البيان بفرض عملية انتشار على كامل المناطق التابعة لمحافظة تعز بهدف ما وصفه تأمين طريق الملاحة الدولية من أي تهديد، وهو ما اعتبره مراقبون ضوءا أخضر من قبل الأمريكيين.
وكانت التحركات الأمريكية الأخيرة التي دشنها السفير الأمريكي لدى حكومة الفنادق ستيفن فاغن الأسبوع المنصرم من قصر معاشيق بمدينة عدن المحتلة، أثارت موجة سخط عارمة لدى اليمنيين شمالا وجنوبا، والذين انتظروا بفارغ الصبر موقفا صارما من صنعاء تجاه ما يحدث، وسط تهافت من قبل قوات الاحتلال ومرتزقته في تثبيت السيناريو الأمريكي الجديد للسيطرة على باب المندب وتطويع المنطقة لصالح أجنداته.
وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والكيان الصهيوني وبقية الدول الأوروبية الغربية الاستعمارية جاهدة إلى إيجاد موطئ قدم دائم لها في البحر الأحمر الذي يحتل أهمية خاصة في الاستراتيجيات العسكرية والسياسية الدولية كونه من أهم الممرات البحرية في العالم الذي يربط بين قارات أوروبا وآسيا وأفريقيا ويتحكم في جزء كبير من التجارة الدولية خاصة تجارة النفط.
وفسر بعض المحللين الوجود العسكري الأمريكي بالمياه اليمنيـة الــــــذي تــم الكشف عنـه مؤخـــــرا بأنه مقدمة لتدخل عسكري أمريكي مباشر في اليمن، فيما ذهب البعض إلى استبعاد هذا الأمر لأسباب منطقية إلى حد كبير.
وكان وصول السفير الأمريكي قد صاحبه وصول قوات أمريكية أيضاً إلى مطار عدن، وهو ما فهم على أنه بداية سيطرة أمريكية مباشرة على عدن، خاصة وأن هذه القوات استلمت مناطق استراتيجية في عدن بالتزامن مع خروج لجزء من قوات تحالف الاحتلال.
في هذا السياق ذهب محللون إلى التأكيد على عدم جرأة الولايات المتحدة الأمريكية على الدخول بحرب مباشرة وعلنية ضد اليمن في المرحلة الحالية، مشيرين إلى أن واشنطن تعرف أن حربا كهذه ستكون مكلفة ولهذا اضطرت سابقاً لاستخدام الأدوات الحليفة والتابعة لها والمتمثلة في تحالف الاحتلال السعودي الإماراتي.
ويستبعد محللون في الشأن العسكري والسياسي إمكانية أن يغامر الرئيس الأمريكي جو بايدن بحرب مباشرة في اليمن في الوقت الذي لم يتبق على موعد الانتخابات الرئاسية سوى عام واحد فقط.
وبحسب المحللين، يمكن إعطاء توصيف للوجود العسكري الأمريكي في اليمن إلى وجود غير مباشر يختبئ خلف قوات الاحتلال الإماراتي أو الفصائل المدعومة منها بشكل أساسي، وبنسبة أقل خلف قوات الاحتلال السعودي، ولكن لا تقتصر هذه الاستفادة غير المباشرة من النفوذ الإماراتي على البر اليمني المحتل، بل يتعداه إلى كامل الانتشار الإماراتي في موانئ إريتريا وأرض الصومال وجزيرة ميون، وأرخبيل سقطرى، ومؤخرا السودان، إضافة الى تمويلها لقاعدة برنيس البحرية المصرية على البحر الأحمر مع إمكانية الاستفادة منها، بالإضافة الى الشراكة الإماراتية مع الكيان الصهيوني، والسماح له بإنشاء مراصد استخبارية لجمع المعلومات في أغلب قواعدها على هذه الجزر، وعلى رأسها جزر سقطرى وعبد الكوري وحديبو.