خاص / لا ميديا
تمخض الجبل فولد فأرا؛ هكذا وصف مراقبون وسياسيون واقتصاديون ما نجم عن التوقيع على ما تسمى الوديعة السعودية المقدرة بثلاثة مليارات دولار، والتي أعلن عنها تزامنا مع تشكيل مجلس احتلال رئاسي عقب اختتام مشاورات فنادقية في الرياض. فمن ثلاثة مليارات دولار إلى 170 مليون دولار فقط هي ما تبقى من وديعة سابقة حجرت عليها قوات الاحتلال السعودي وأفرجت عنها الآن. وفيما يصاب المرتزقة كعادتهم بـ»خيبة أمل» من تحالف الاحتلال، لا تفتأ الانفجارات تعصف بمدينة عدن تعقبها حملات اعتقال غاشمة ضد مواطنين.


هز انفجار عنيف، فجر أمس، مناطق في مدينة عدن المحتلة، وسط حالة احتقان تعيشها فصائل ومرتزقة الاحتلال للسيطرة على المدينة.
وأفادت مصادر بأن مسلحين هاجموا بقنبلة مبنى ما يسمى «المجلس المحلي» في مديرية دار سعد شمالي المدينة، مؤكدة إلحاق الهجوم أضراراً مادية دون معلومات عن ضحايا.
وجاء الهجوم وسط استنفار واسع لمرتزقة الإمارات، على خلفية استهداف موكب من يسمى «رئيس عمليات المنطقة العسكرية الرابعة» المرتزق صالح علي حسن الذرحاني، مطلع الأسبوع الحالي، أثناء مروره أمام شرطة المعلا، بسيارة مفخخة.
إلى ذلك، شن مرتزقة الإمارات أمس، حملة اعتقالات واسعة بحق مواطنين، في عموم مديريات عدن، تزامنا مع تصاعد حالة استنفار غير مسبوقة تعيشها فصائل المرتزقة، في ظل استحداثها عشرات من نقاط التفتيش وسط المدينة.
وأكدت مصادر محلية أن فصائل مرتزقة الإمارات اعتقلت أربعة مواطنين في مديرية كريتر، بتهمة التورط بمحاولة اغتيال الذرحاني.
من جهتهم، اتهم ناشطون موالون لتحالف الاحتلال، مرتزقة الإمارات بشن اعتقالات تعسفية في عدن، مؤكدين أن المعتقلين ليسوا متورطين في حادثة التفجير.
وأشار الناشطون إلى أن عملية الاعتقالات تعبر فقط عن محاولات مرتزقة الإمارات القدامى للعودة إلى واجهة المشهد في مدينة عدن، بعد إزاحة الملف الأمني من تحت بساطهم لصالح مرتزقة العميل طارق عفاش.
وفي صعيد الانفلات الأمني الذي تعيشه مدينة عدن المحتلة، اختطف مسلحون مجهولون، أمس الأول، مواطنا من المدينة.
وأوضحت مصادر محلية أنه تم اختطاف المواطن حسن عبدالرحمن أحمد خان من قبل مسلحين بجولة كالتكس من أمام مركز العزاني التجاري.
وفي صعيد آخر متعلق بوديعة تحالف الاحتلال التي أعلن عنها الشهر المنصرم، تزامنا مع إعلان تشكيل ما يسمى «المجلس الرئاسي»، كشفت معلومات عن فضيحة جديدة.
فبعد قرابة أسبوع من الحديث عن مباحثات الرياض المالية بين وزارة المالية السعودية ومركزي عدن، بشأن تسليم الدعم المالي الخليجي البالغ نحو 3 مليارات دولار كدعم لمرتزقته في المناطق المحتلة، تمخضت تلك الاجتماعات عن مولود وصفه الناشطون بالمخيّب، إذ تتصل تلك المباحثات بالوديعة السابقة المقدمة في مطلع 2018م والبالغة ملياري دولار، والتي لم يتبق منها إلا 170 مليون دولار فقط.
وفيما أكد مركزي عدن، أمس الأول، التوقيع على اتفاقية تمديد الوديعة السعودية السابقة البالغة ملياري دولار، وتحويل الدفعة الأخيرة منها إلى حسابه؛ قال ناشطون: لم يكن أحد يعلم أن دفعة أخيرة لم تسلّم من الوديعة السابقة، معتبرين خبر الدفعة الأخيرة تغطية واضحة على فشل المباحثات المالية بشأن الدعم الخليجي المتعهد به عقب مشاورات الرياض.
وذكر بيان، نشره موقع مركزي عدن الإلكتروني، أن قيمة الدفعة الأخيرة من الوديعة السابقة تصل لنحو 174 مليون دولار.
واعتبر مراقبون خبر الوديعة السابقة المحتفى به في وسائل الإعلام الخليجية، تراجعاً ضمنياً من قِبل تحالف الاحتلال عن تعهداته الأخيرة بشأن وديعة جديدة لما يسميه إنقاذ الاقتصاد في المحافظات المحتلة، خصوصاً والاتفاق يأتي وسط ترقب لنتائج المباحثات التي كان يُعتقد أنها تجري بخصوص تسليم الوديعة الجديدة والمساعدة البالغة قيمتهما نحو 3 مليارات دولار.
وقال المراقبون إن تمديد الوديعة السعودية السابقة لن يجدي شيئاً في معالجة الاختلالات والكارثة الاقتصادية في المناطق المحتلة، ولن يفضي إلا لمزيد من تدهور العملة المحلية، خصوصاً أنه لم يعد الكثير في حساب الوديعة السابقة التي استُنزفت على مدى السنوات الماضية.
وفيما لم تتضح بعد دوافع قرار الاحتلال السعودي تمديد الوديعة، وما إذا كان نتاج خلاف مع الاحتلال الإماراتي الذي يسعى لفرض مزيد من قرارات تحجيم أتباع السعودية من الخونج، أم لعدم رغبة الرياض بتسليم الوديعة الجديدة؛ يؤكد المراقبون أن تحالف الاحتلال والمجتمع الدولي والجهات المانحة يؤججون الصراع داخل أجنحة حكومة الارتزاق على الثروات والموارد، واستمرار مسلسل الفساد المستشري الذي ثبت خلال الفترة السابقة في تقارير دولية وأممية، والذي كان سبباً في انهيار العملة.
وكان مراقبون حذّروا من أن التحسن الطفيف في قيمة الريال بالمناطق المحتلة، ليس تحسناً حقيقياً صادراً عن معالجات اقتصادية عميقة في الموارد والإيرادات، وإنما جاء نتاج تأثر بوعود الخارج بالدعم، ما يشير إلى انتكاسة جديدة لاتزال تتربص بالريال، موضحين أن أسعار الصرف الحقيقية في عدن تساوي 1750 ريالاً للدولار الواحد و450 ريالاً للسعودي، إذا ما تم مقارنة سعر الصرف بأسعار السلع والمواد الغذائية في المحافظات المحتلة.
ويخلص المراقبون إلى أن عدم التوصل إلى الاتفاق على زمن محدد لتسليم الوديعة الجديدة ألجأ الطرفين (مركزي عدن ومالية الرياض) إلى الإعلان عن إنجاز ماضوي، يحيل بتفاصيله إلى المثل العربي القائل “تمخض الجبل عن فأر”، وأن الوديعة الخليجية ليست سوى أكذوبة للكسب السياسي، والنكث بها ليس جديداً، فهو تكرار لخطاب تحالف الاحتلال وأدواته ومرتزقته.