خاص / لا ميديا -
كرّس الاحتلال السعودي رسميا انفصال الجنوب اليمن عن الشمال واعتماده اسم «الجمهورية العربية اليمنية». وفي مراسيم توقيع اعتماد ما تسمى الوديعة السعودية، التي تم توقيعها مع حكومة الارتزاق في الرياض أمس، أظهرت صورة خلفية اسم «الجمهورية العربية اليمنية»؛ الأمر الذي اعتبره مراقبون إقرارا رسميا من قبل الاحتلال السعودي بالانفصال.
حيث قام الجانب السعودي المكلف بالتوقيع على الوديعة برفع لافتة رسمية مكتوب عليها الجمهورية العربية اليمنية (الدولة التي كانت في الشمال) بدلا عن الجمهورية اليمنية.
جاء ذلك خلال توقيع اتفاق جديد بين وزارة المالية السعودية وحكومة ومركزي الارتزاق يقضي بتمديد وديعة المملكة العربية السعودية لدى الجمهورية اليمنية.
وحاولت مواقع إعلام المرتزقة التغطية على الفضيحة بقص أعلى الصورة في إيرادها للخبر. حيث ذكرت أن «وزارة المالية السعودية وقّعت اتفاقا جديدا مع نظيرتها اليمنية وقيادة البنك المركزي اليمني يقضي بتمديد وديعة المملكة العربية السعودية لدى الجمهورية اليمنية».
وأشارت إلى أن «هذا الاتفاق جاء عقب اجتماع موسع عقد في العاصمة السعودية الرياض بين مدير البنك المركزي اليمني أحمد غالب ووزير المالية اليمني سالم بن بريك، مع مساعد وزير المالية السعودي عبدالعزيز الراشد»، مشيرة إلى أن «الاجتماع ناقش آلية استخدام الدعم الجديد المقدم للبنك المركزي والمعلن عنه مؤخرا».
وفي الوقت الذي احتفى فيه المرتزقة، في مختلف مواقعهم وقنواتهم الإعلامية، بالتوقيع على تمديد الوديعة السعودية، غير معنيين بوحدة البلد، تأتي خطوة الاحتلال السعودي لتؤكد ما كان قد طرح خلال الفترة الأخيرة عن رغبة جادة للاحتلال بضم محافظات يمنية إليه، من خلال عمليات تجنيس واسعة في المناطق المحتلة.
وبدأ النظام السعودي، في الفترة الأخيرة، عملية تجنيس واسعة تستهدف كبار رجال الأعمال والمشايخ والشخصيات الاجتماعية والسياسية من أبناء محافظات حضرموت والمهرة وسقطرى، وذلك تزامناً مع استضافة الرياض للقاءات على مستوى القيادات المجتمعية في المحافظات اليمنية الشرقية الغنية بالثروات النفطية، في إطار مخطط يهدف إلى إبقاء تلك المحافظات تحت وصايتها.
ولفت ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نية السعودية تجنيس أكثر من مليوني مواطن يمني من أبناء محافظات حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى.
من جانبه، كشف المرتزِق سالم الشيبة القيادي في ما يسمى «المجلس الانتقالي»، أن اللقاءات التي تستضيفها الرياض للمشايخ والشخصيات الاجتماعية في المحافظات الشرقية، تهدف إلى ضم مناطق الهلال النفطي لليمن إليها، مُشيراً إلى رفض ما يسمى الانتقالي لهذه الخطوة وتوجهه لإجهاضها مستقبلاً.
وكان اجتماع موسع عقد في السعودية دعا إليه المجنس السعودي جمال باخشوين رجل الأعمال المعروف لتجنيس مليوني يمني، بطريقة غير معلنة. غير أن انتشار مقطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي حول ذلك الاجتماع أحدث فضيحة حاولت السلطات السعودية ترقيعها بمعاقبة من فضح اجتماع “باخشوين”.
وتحدث الإعلام السعودي عن قضية تجنيس مليونَي يمني من أبناء حضرموت باعتبارها قضية تستوجب عقاب مروّجها، مركزاً على ضرورة معاقبة من قام بنشر مقطع الفيديو.
وكان رجل الأعمال الحضرمي المجنَّس في السعودية جمال باخشوين عقد اجتماعاً مع رجال أعمال حضارم وجنوبيين مغتربين في السعودية أكد لهم خلاله أن الرياض تعتزم تجنيس مليونَي مواطن من أبناء حضرموت والمهرة وشبوة وأبين، باعتبار تلك المحافظات ضمن الإقليم الجغرافي للسعودية، وأن عملية التجنيس ستجري مقابل منح أصوات خلال استفتاء قادم لصالح ضم المحافظات اليمنية الأربع للسعودية.
وامتنعت صحيفة «عكاظ» عن الحديث حول المحافظات الأربع، وركَّزت حول ما سمتها “قضية تصحيح أوضاع المقيمين”، واعتبرت أن الأمر غير مبنيٍّ على أسس رسمية وأن باخشوين سيعاقَب بناء على مساسه بالنظام العام.
وفيما لم يتضمن التعاطي السعودي مع الأمر أي إنكار لما أورده باخشوين، نقلت صحيفة عكاظ عن المستشار القانوني السعودي سيف الحكمي أن العقوبة يجب أن تطال من قام بتصوير ونشر الفيديو الذي أظهر الاجتماع (وهو اجتماع كان من المفترض أن يكون سرياً)، على أن تكون العقوبة سجن 3 سنوات وغرامة 3 ملايين ريال سعودي أو بإحدى العقوبتين، وتأتي تلك العقوبات ضمن الجزاءات التي تطال من يمسُّ بالنظام العام الرسمي للسعودية (جانب التجنيس).
وفيما جرى وصف ما طرحه باخشوين بشأن احتلال السعودية لأربع محافظات جنوب اليمن باعتباره “بالون اختبار” أطلقته السعودية بهدف بحث مدى توافق المخطط مع الرأي العام المحلي والإقليمي، كان صحفيون يمنيون مدعومون من التحالف قد عملوا على ترويج تأييدات بهدف منح السعودية الحق باحتلال المحافظات الأربع، وهو الأمر الذي وصفته تقارير بتجاوز مرحلة “بالون الاختبار”.
ويأتي تعليق لوحة تحمل اسم «الجمهورية العربية اليمنية» ضمن مسعى الاحتلال السعودي لطرح قضية الانفصال ضمن أجنداته السياسية في التعامل مع اليمن. وسبق أن صرح سفير الاحتلال محمد آل جابر بخصوص «القضية الجنوبية».
حيث يلعب آل جابر سياسة قذرة تسوق لمشاريع انفصالية ومناطقية في المحافظات الخاضعة لسيطرة ما يسمى التحالف، بغية إخلاء الجو لتنفيذ أطماع ذلك التحالف في السيطرة على موانئ وثروات اليمن.
في آخر تقليعات عكس بها سياسة بلاده الجديدة في اليمن، تحدث سفير الاحتلال السعودي آل جابر عما تسمى القضية الجنوبية بأنها قضية حية وعادلة، وأن الانفصال خيار يمني؛ ما اعتبره مراقبون ضوءا أخضر للشروع في مخطط التقسيم.
لم يكن ينقص القضية الجنوبية إلا أن يتحدث عنها السفير السعودي الحريص جدا، كما يبدو، على المتاجرة بها هو أيضا.
آل جابر أضاف أن اليمن لديه صراعات ومشكلات كثيرة من ضمنها القضية الجنوبية، وأن هناك ضرورة لمناقشة قضية «شعب الجنوب» نقاشا حقيقيا. هذه اللغة تشي بالكثير من الترتيبات التي يجهزها الاحتلال بخصوص الملف اليمني، أقلها أن مشروع الانفصال قضية حاضرة في الذهنية السعودية.
مازال المشروع القديم الجديد للسعودية هو ذاته: تقسيم اليمن إلى جنوب وشمال، ثم تقسيم الجنوب إلى كنتونات ومشيخات مجزأة تتقاسمها مع حليفتها في الحرب على اليمن: الإمارات، ومن خلفهما يأتي الأمريكي والبريطاني والصهيوني.
ففيما عين الإمارات انصبت على أرخبيل سقطرى وجزيرة ميون وميناءي بلحاف في شبوة وشحن في المهرة، ينصب تركيز السعودية على محافظة المهرة أولا؛ حيث حلمها طويل الأمد بمد خط أنبوب نفطي عبر المحافظة، ثم تأتي محافظة حضرموت فعدن فشبوة.