تقرير: نشوان دماج / لا ميديا -
لا يختلف اليوم عن الأمس، فاللعاب الذي سال من أشداق أزلام النظام السابق على أراضي عدن في التسعينيات وما بعدها، مازال يسيل من أشداق أكثر نهماً باعتبار أن الأشداق هذه المرة لمحتل رخيص وأدوات أرخص. فمن اعتداءات وعمليات نهب ممنهجة لأراضي المواطنين في المدينة المحتلة، إلى نهب أراضي وممتلكات الدولة وتحويلها إلى ملكيات خاصة، بل وحتى المقابر نفسها لم تسلم من حالة السعار التي تسللت إليها على غفلة من أسوارها ليثبت هؤلاء ألا حرمة لموتى ولا أحياء عندهم.
لم تكتفِ حكومة الارتزاق، أو ما يطلق عليها "المناصفة" بين أدوات الاحتلال، بحربها ضد الوطن والمواطن، بل تخطط لبيع ما تبقى من موارد اقتصادية في عدن وتحويلها لإقطاعيات ومصدر دخل شخصي بعيداً عن المصلحة العامة وقانون البلد. ففي آخر اعتداء صارخ على أراضي عدن، أقدمت ما تسمى قيادة المنطقة الحرة، التابعة لمرتزقة ما يسمى المجلس الانتقالي، الموالي للاحتلال الإماراتي، على بيع وتوزيع أراضي المنطقة التابعة للميناء، ومنح تراخيص لشركات استثمارية للبناء عليها.
أمين عام "جمعية ميناء عدن"، عادل بحاح، هاجم قيادة المنطقة الحرة، متهماً إياها بمنح تراخيص وصرف أراضٍ لشركات استثمارية -أكثرها سكنية- في المنطقة المخصصة لصناعة الحاويات، مؤكداً أن إقدام قيادة المنطقة الحرة على بيع وتوزيع الأراضي، يُعد مخالفة صريحة لقرار إنشاء مؤسسة موانئ خليج عدن الذي حدد المناطق التابعة للميناء، ويتعارض مع المخطط التطويري له، والتوسعات المستقبلية لمحطة حاويات كالتكس.
واعتبر بحاح ما تقوم به قيادة المنطقة الحرة اعتداءً متعمداً على حدود ميناء عدن ومساحاته التطويرية، وتجاوزاً للصلاحيات ومخالفة للقوانين واللوائح والقرارات التي حددت اختصاص كل قطاع من القطاعات المحددة كمنطقة حرة.
وأكد أن قيادة المنطقة الحرة استغلت الفوضى والصراعات المسلحة التي شهدتها وتشهدها عدن وغياب الدولة، ومنحت التراخيص ببيع الأراضي بهدف التربح وتحقيق الإيرادات، مشيراً إلى أن مثل هذه التصرفات غير المسؤولة قد تؤدي إلى نزع العديد من صلاحيات المنطقة الحرة.
وكان مدير العلاقات العامة للمنطقة الحرة في عدن، إياد الصميدي، اعتبر تلك القرارات غير قانونية وتهدف إلى إهدار الممتلكات العامة في عدن لصالح متنفذين، مشيراً إلى أن حكومة الارتزاق لم تكتفِ بحربها ضد الوطن والمواطن، بل تخطط لبيع ما تبقى من موارد اقتصادية في عدن وتحويلها لإقطاعيات ومصدر دخل شخصي بعيداً عن المصلحة العامة وقانون البلد.
من جانبهم، اعتبر محللون هذه الاتهامات المتبادلة ضمن الصراع المحتدم بين أطراف حكومة الارتزاق على نهب الممتلكات العامة والخاصة، وكذلك السواحل والمتنفسات العامة والمواقع الأثرية والتاريخية كالصهاريج، والمتحف الحربي، وساحل كود النمر في مديرية البريقة.
وفي السياق، قتل وجرح خمسة مواطنين في اشتباكات عنيفة اندلعت، الأربعاء، بين فصائل مرتزقة "الانتقالي" بسبب نزاع على أراض في حي الزعفران بمنطقة بير فضل. 
وقالت مصادر إن المواجهات بين فصائل الانتقالي يقود أحدها المرتزق محمد حسين الخيلي قائد ما يسمى طوارئ عدن التي أطلقت الرصاص بصورة مباشرة على تجمع لمواطنين من أبناء رصد يافع في بير فضل على خلفية نهب أرضية.
من جانبه قدَّم المرتزق أحمد عقيل باراس، مأمور دار سعد، ما سماه مقترحاً لحل مشاكل الأراضي في منطقة بير فضل، متهماً رجل الأعمال المرتزق عصام هزاع الصبيحي بالوقوف وراء صراعات الأراضي التي شهدتها المديرية.
واعتبر باراس -في تصريح صحفي نُشر الخميس- أن الأراضي ومشاكلها قنابل موقوتة، وأن الدماء التي سُفكت -الأربعاء- في حي الزعفران ببير فضل واحدة من تلك القنابل، مشيراً إلى أن “عصام الصبيحي” هو المتسبب في هذه الأحداث وأبرز زارعي القنابل الموقوتة بعدن.
وأضاف أن نزع فتيل هذه القنابل يبدأ بإطفاء الحريق ثم معالجة مشاكل “الصبيحي” التي قال إنها كثيرة وتشبه مشاكل الزعفران، مطالباً بمحاكمته بعد استدعائه عبر الإنتربول من القاهرة حيث يقيم.
يشار إلى أن اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة اندلعت -في سبتمبر 2020– بين قوات أمن محافظة لحج، وقبائل الصبيحة في منطقة جعولة بمديرية دار سعد على خلفية مهاجمة الأولى أرضية تابعة لرجل الأعمال عصام هزاع خصصها لبناء مشروع استثماري.
وفي العاشر من أغسطس الماضي، اعترف “باراس” بوقوف قوات موالية لمرتزقة "الانتقالي" وراء عمليات نهب الأراضي والممتلكات في عدن.
ويُعدُّ ملف الأراضي في عدن من الملفات الشائكة التي تتصاعد، في مقابل تجاهلٍ وصفه محللون بالمتعمَّد من تحالف الاحتلال وحكومة الارتزاق للتغطية على تورط قيادات أمنية وعسكرية مرتزقة خلف الصراع على الأراضي، وخصوصاً في مديريتي المنصورة ودار سعد.