حاوره : طلال سفيان / لا ميديا -
عبدالله عبيد، الرياضي والإداري والصوفي المخلص، تولى مهام مدير مكتب الشباب والرياضة بأمانة العاصمة صنعاء منذ 2009 عاملاً بكل سعي وتفان في إيجاد حراك ورافد وسط منعرجات صعبة.
القائد والرائد في الحركة الكشفية اليمنية على مستوى الإقليم في لقاء زاخر المفاهيم والعناوين مع صحيفة "لا".
 في البداية، نرحب بك، ويا حبذا لو تحدثنا عن مسيرتكم مع مكتب الشباب والرياضة منذ توليكم مهامها!
- أنا سعيد جداً أن يكون لي لقاء مع صحيفة "لا" التي أعتز بها، وأنا أتابع كل تغطياتها من أخبار ومقالات وأنشطة شبابية.
صحيفة "لا" جاءت في وقت الناس يقولون "نعم"، فجاءت الصحيفة التي قالت "لا" للعدوان، "لا" للظلم، "لا" لكل ما يضر مصلحة الوطن.
حقيقة منذ تعينت في مكتب الشباب والرياضة عام 2009، كان الوضع بالنسبة للمكتب شبه ميت، لا يوجد له فروع في مديريات العاصمة، وكل ما يعتمد عن طريق المكتب ولا يوجد متابعة ميدانية، أنشأنا فروعاً في المديريات، واستكملنا بقية الإدارات التي كانت شاغرة، واستعنا بالإخوة في المجالس المحلية لتعيين مدراء للفروع حتى نفعلهم في المتابعة الميدانية والنشاط.
بدأنا في ظل ركود دائم ولم نحصل على الإمكانيات اللازمة لتفعيل مكاتب الشباب في المديريات، وكان البعض من مدراء المديريات يتعاون معنا والبعض الآخر يتقاعس، وقمنا بالنزول الميداني مع الإخوة في أمانة العاصمة لمعرفة نسبة الـ30% أين تذهب؟ وما هو مصيرها؟ وهذه الموارد للأسف لم نتحصل عليها منذ تعييني مديراً لمكتب الشباب والرياضة في الأمانة وحتى يومنا هذا. لقد عملنا بجد وإخلاص وفق الإمكانات المتاحة حتى جاءت ظروف 2011 التي نعاني من تبعاتها حتى اليوم، وتوقفت الكثير من المشاريع الاستثمارية. كنا بدأنا في مشروع نادي الوحدة الذي كان تحت إشرافي وتعشيب الملعب الرياضي والمدرجات الخاصة بنادي 22 مايو واللذين كنا نستكملهما حتى جاء العدوان الغاشم. هذا بإيجاز ما قمنا به حتى جاءت ثورة الـ21 من سبتمبر التي صححت المسار القائم في ذلك الوقت.

رياضيون في جبهات الشرف
 البعض يقـولـون إن الرياضيين بعيدون عن قضايا البلد الكبرى، ما رأيك؟!
- هذا الكلام غير صحيح وغير منطقي، هناك الكثير من الرياضيين شهداء والكثير جرحى في معركة اليمن ضد أعتى وأكبر عدوان عرفه التاريخ. هناك الكثير من الرياضيين التحقوا بجبهات العز والشرف.
طبعا هذا الكلام قيل في حق الصوفية بأنهم مجرد دراويش وحق زوايا ومجالس ذكر وليس لهم علاقة بما يحصل على اليمن من عدوان. لدينا في المركز الصوفي الكثير من الشهداء الذين كانوا في أول الصفوف للدفاع عن اليمن. وقال السيد محمد الجنيد في رسالة منذ بدء العدوان في ليلة الخميس أيقظت هذه الليلة الناس من مضاجعهم، ومن واجب كل إنسان يمني إذا لديه ذرة حب للوطن أن يدافع عن هذه الأرض الطاهرة. 
الثقافة القرآنية أوجدت المجاهدين
 كيف يأتي التحاق الرياضيين بمعركة الوطن ضد العدوان والتصدي له؟
- بصفة شخصية وليس عن طريق الجهات الرسمية، أقولها حقيقة، هناك حرص من الجانب القيادي سواءً في الوزارة أم في الاتحادات، ويقولون: علينا أن نبعد الرياضيين عن الجانب السياسي، وندفع بهم بشكل شخصي للالتحاق بالجبهات. لا نعترض على من لا يذهب ومن هو أهل لهذا الشرف فليلتحق.
نحن في هذه المرحلة نركز على قضية التوعية والثقافة القرآنية، فالثقافة القرآنية هي التي توجد لنا المجاهد وتوجد الإنسان الوطني الغيور على أرضه وعرضه، وإذا وجد هذا الإنسان صدقني سيندفع من تلقاء نفسه ولن يحتاج موجهاً سواءً كان مدرباً أم قائداً رياضياً أم مديراً، هذه قناعة شخصية، وإذا وجدت التربية الروحانية والإيمانية سنجد كل الناس مجاهدين.
وغالبية من يضحون بأنفسهم في سبيل كرامة الوطن هم من فئة الشباب، سواءً كانوا رياضيين أم غير رياضيين، والشباب هم أساس التنمية وبنائها وهم الأساس كما قال الرئيس الشهيد صالح الصماد سلام الله عليه "يد تحمي ويد تبني".

"الصيفية" أساس التربية
 كيف تمضي برأيك مسيرة المراكز الصيفية للعام 2021؟
- كما قلت لك سابقاً، الإنسان فطرة وتربية، فإذا حسنت التربية أثمرت الفطرة والعكس. المراكز الصيفية هي أساس التربية، لأنها تسعى لتربية وتعزيز الهوية الإيمانية في أوساط الشباب والرياضيين وأوساط الطلاب، والمراكز الصيفية جاءت على هذا الأساس، شعارها علم وجهاد، تبدأ بالعلم ومن خلال العلم وما يتلقونه من معلومات ومهارات وتعزيز للقدرات البدنية والفكرية ستجدهم إن شاء الله مجاهدين من الطراز الأول.

بث الروح في جسد الكشافة
 كنت من أبرز رواد الحركة الكشفية، لماذا تركت العمل بهذه الحركة؟
- أنا لم أترك العمل الكشفي. من 2011 جاءت ظروف شتى وانقسم الحال في البلد كله كما نعرف جميعاً، ودخلت الأهواء في الكثير من المجالات، حينها قدمت استقالاتي، حتى جاء وزير الشباب والرياضة الشهيد حسن زيد وأعادني إلى جمعية الكشافة والمرشدات، ومازلت حتى اليوم المفوض العام للكشافة والمرشدات، ونحن في عهد القيادة الجديدة للوزارة الشبابية الرياضية والممثلة بالأستاذ محمد مجد الدين المؤيدي. إن شاء الله سنعمل من خلال جمعية الكشافة والمرشدات على إعادة الحياة في هذا المجال وإلى هذا النشاط الحيوي الكبير جداً والذي هو في الأساس نشاط تربوي يعمل من أجل بناء الإنسان ومن أجل الدين وخدمة المجتمع.

لهذا استقلت من الجمعية
 قلت إنك استقلت من منصب المفوض العام للكشافة والمرشدات سابقاً، ما السبب؟!
- جاءت استقالتي بعد 2011 نتيجة دخول الأهواء والخلافات التي حصلت في ظل القيادة السابقة لوزارة الشباب والرياضة، عندما تولى معمر الأرياني منصب وزير الشباب اختلفت معه ورفضت أن أترشح للانتخابات التي نفذها لجمعية الكشافة والمرشدات في حينها، وقلت له إن الوضع لا يلائم، وأننا في وضع استثنائي، لكنه أصر على إقامتها واضطررت إلى تقديم استقالتي والابتعاد عن الجمعية.

العمل من أجل الوطن
 في ظل ما يمر به البلد، ما الذي تقدمه اليوم الحركة الكشفية في خدمة الوطن؟!
- الكشافة هي حركة تطوعية غير سياسية، لها امتداد على المستوى الإقليمي والعالمي، صحيح أننا محاصرون، ولكننا موجودون ككيان وطني سواءً في أمانة العاصمة صنعاء أم في بقية المحافظات، وبالأخير سنعمل من أجل هذا الوطن، وسنعمل بشكل دؤوب ودائم وليس في المناسبات الوطنية كما يقولون. ومؤخراً قامت جمعية الكشافة والمرشدات بتنفيذ حملات في أمانة العاصمة لمساعدة رجال المرور وتنظيف المساجد وتقديم هدايا للجرحى وغيرها من الأنشطة التي نعملها بشكل مستمر وسنعمل على إحياء العديد من الأنشطة إن شاء الله مستقبلاً.

الظرافي من ضحايا 2011
 لماذا ملعب الشهيد الظرافي التاريخي بهذه الحالة السيئة؟!
- ملعب الظرافي من ضحايا أحداث 2011. عندما حصلت أحداث 2011 كان الملعب مزروعاً وتمارس فيه الأنشطة والفعاليات، ومنها مباريات الدوري العام، لكن بسبب هذه الأحداث دخل أنصار علي عبدالله صالح ووضعوا الخيام على الأرض المعشبة التي أصبحت جرداء من حينها وحتى اليوم. طبعاً ظروف العدوان استمرت في تأثيرها على الوضع السلبي الذي يمر به الملعب. نحن في المكتب رفعنا إلى صندوق رعاية النشء والشباب طلباً لإعادة تعشيب الملعب حتى تعود له الحياة، واليوم ننظم بقدر الإمكان أنشطة بسيطة في الملعب كدوريات للمديريات، لأن الملعب غير مؤهل لدوريات الأندية العامة التي تستضيفها اليوم ملاعب الأندية كوحدة صنعاء و22 مايو وغيرها. وكما لاحظت أقمنا في الملعب معرضاً ليوم الصمود الذي يمثل نقلة نوعية في ظل تواجد إخوة جدد معنا في إدارة المكتب نعتز بهم ونعمل جميعا كفريق واحد من أجل تفعيل العمل والأنشطة في المكتب والفروع.

مكاتب بلا صلاحيات
 وما هو المطلوب لتحسين أداء ومهام شباب ورياضة العاصمة؟
- نتمنى من وزارة الشباب والرياضة أن تلتفت لمكتب الشباب والرياضة في العاصمة، وأنا وعبر صحيفة "لا" أناشدهم وأطالبهم بأن يلتفتوا لكافة المنشآت الرياضية في أمانة العاصمة ويعطوا الصلاحيات الممنوحة لمكاتب الشباب في المديريات، لأننا نلاحظ أن المنشآت الرياضية في أمانة العاصمة تسيطر عليها الوزارة، وهذا خطأ إدارياً، فمثلاً مركز في ملعب الظرافي يخضع لأحد قطاعات الوزارة ومراكز وأنشطة أخرى في بعض المنشآت تسيطر عليها الوزارة. المفروض أن تكون هذه المنشآت في أمانة العاصمة تحت إشراف مكتب الشباب والرياضة بالعاصمة. نطالب الإخوة في قيادة وزارة الشباب وفي أمانة العاصمة أن يعطوا الصلاحيات الكاملة لمكتب الشباب والرياضة بأمانة العاصمة أسوة ببقية المكاتب في المحافظات الأخرى، لأن أمانة العاصمة هي واجهة الدولة ولا بد من إعادة الرونق لها.
 ما هي الأسباب التي تحول دون تلبية مطالبكم في المكتب؟
- قدمنا الكثير من الطلبات والتوصيات والتصورات للوزارة، لكن لا حياة لمن تنادي! طبعا هناك بعض القيادات في الوزارة تخشى أن تفقد بعض صلاحياتها، بينما هي ليس من صلاحياتها، هذه صلاحيات إدارة عامة تشرف أنت عليها كوزارة، ودور السلطة المحلية هو تفعيل هذا القطاع الحيوي الهام في العاصمة وفي المحافظات. كما أن هناك في أمانة العاصمة قطاع التعليم والشباب ويا ليت يتم تفعيل هذا القطاع.
 كيف هي علاقتكم مع قطاعات وأندية العاصمة؟
- جيدة جداً، ونعمل على تفعيل فروع الاتحادات الرياضية التي ليس لديها إمكانيات تؤهلها لإيجاد أنشطة، كما نتعامل مع الإخوة في إدارات الأندية حتى وإن توقف الدعم عنهم، ونعمل على رفعة ومكانة الشباب والرياضيين على مستوى أمانة العاصمة صنعاء وعلى مستوى الجمهورية.

فراغ إداري في أندية العاصمة
 وبالنسبة لبعض الأندية في العاصمة وخلوها من بعض القيادات المسيرة لها، كيف تتعاملون معها؟ وهل تعملون على عقد انتخابات لها؟
- طبعاً الدورات الانتخابية متوقفة بشكل عام منذ بدء العدوان. الوزير السابق الشهيد حسن زيد كان قد وجه بإقامة انتخابات إدارية لنادي شعب صنعاء بصورة استثنائية، خاصة بعد أن حصلت مشكلة كبيرة في مجلس الإدارة وبعض أعضاء المجلس وأصبحت قضية رأي عام. طبعاً كنا قد بدأنا تجهيز قوائم الجمعية العمومية وإعداد اللوائح اللازمة لتلك الانتخابات، لكن وجدنا أن هناك من يتجه لخلق الفوضى في الانتخابات، ليوجه الوزير زيد حينها بمد فترة الإدارة الحالية برئاسة نائب رئيس نادي شعب صنعاء الدكتور محمد القدسي الموجود في صنعاء. يوجد رؤساء للعديد من الأندية خارج الوطن وليس فقط نادي شعب صنعاء، وحالياً ننتظر توجيهات وقرارات القيادة الجديدة لوزارة الشباب والرياضة تجاه إشكاليات الفراغ الإداري إن وجدت في كل الأندية وليس نادي الشعب فقط.

ترويض الجسم والنفس
 من المعروف أنك تنتهج الصوفية في حياتك، حدثنا عن هذا الأمر!
- الصوفية هي احترام الإنسانية والسعي في إسعاد الآخرين والسعي في الجانب الروحي أكثر من الجانب المادي، وحيث يوجد الحب توجد الحياة. قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم». فلا بد من التعلق بمصدر الحياة وهو محبة الله ورسوله صلى الله عليه وآله. الصوفية في اليمن وفي العالم ضاربة في التاريخ. صوفيتنا، وأنا بالمناسبة عضو في المركز الصوفي، يعكسها مشائخ ومقامات ومنهم الشيخ محمد يحيى الجنيد الذي يعتبر مرجعنا الرئيسي ونبراسا لنا، ونحن في المركز الصوفي متحالفون مع أنصار الله في قيادة البلد.
 هل من تأثيرات ومداخلات خاصة بين الصوفية والرياضة؟
- الرياضة ترويض الجسم من خلال التمارين لتقويته، والتصوف ترويض النفس بالذكر والتفكر والعمل الصالح للمجتمع. لاكتمال الإيمان التأثير الصوفي على الرياضة يتمثل بما يخص بناء الجسم من حيث القدرات والإمكانات والتغذية الروحية، والكثير من الرياضات وبالذات الألعاب القتالية تعتمد الجانب الروحاني. الكثير من الرياضات ومن نشأتها في شرق آسيا ولدت مفاهيمها من الجوانب الروحانية، معرفة نوايا الخصم والتعامل والسلوك، البنجاك سيلات أنشئت وفق أسس إسلامية، كذلك حركات الكاتا في التايكواندو والكاراتيه أيضا.
 كلمة أخيرة أستاذ عبدالله؟
- شكرا لـ"لا" الصحيفة. أنتم بدأتم بـ"لا" في وقت كان الكثير يقولون "نعم"، ونحن نقول "لا" للفساد، "لا" لأي إشكاليات تضر بمصلحة الشباب والرياضيين، "لا" لمن يضر بمصلحة الوطن، "لا" في وجه كل خائن، و"لا" لكل مرتزق.