إلياس فيروز
ترجمة خاصة عن الألمانية: نشوان دماج / لا ميديا -


حرب، مجاعة، كوليرا، آفة جراد، ومستشفيات بلا كهرباء: المناخ الأنسب لشركات الأسلحة. 
فيما جزءٌ كبير من العالم يعاني حالياً من فيروس كورونا، مضطراً إلى كبح تواصله الاجتماعي والبقاء في المنزل، لا تزال الحرب الغشوم مستمرة في اليمن.

لا أثر لأي بنية تحتية سليمة
خمس سنوات مرت منذ شنت السعودية حربها العدوانية غير المشروعة على جارها الجنوبي، مدعومة من قبل دول الناتو، الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة.
تتحدث محطة (Deutschlandfunk Kultur) الإذاعية الألمانية عن مقتل أكثر من 200000 منذ عام 2015. وقد يكون الرقم المظلم أكبر من ذلك بكثير. لا أثر لأي بنية تحتية سليمة في البلد الذي كان قبل الحرب واحداً من أفقر بلدان العالم.
وبحسب الأمم المتحدة، يعد الصراع أسوأ أزمة إنسانية في العالم. والأكثر مدعاة للاستغراب أنه ليس ثمة حديث في الغرب عن الأمر إلا بشكل نسبي، على الرغم من أن دول الناتو الغربية، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، تتحمل إلى حد كبير المسؤولية عن الأوضاع هناك.
تسببت الغارات الجوية التي نفذت بطائرات اليوروفايتر وقنابل إم -80 بمقتل مدنيين أبرياء وتدمير مدارس ومستشفيات. وتفيد صحيفة "الغارديان" بأن مستشفيات وأطباء في اليمن تعرضوا للهجوم من قبل أطراف الصراع 120 مرة على الأقل (في الفترة ما بين مارس 2015 وديسمبر 2018).
وبالتالي هناك أيضاً شركات أسلحة أوروبية تستفيد من الحرب. ومع ذلك، فإن تعاطي الإعلام الغربي مع أوضاع البلاد هو تعاطٍ فقير. أما القانون الإنساني الدولي فيتم تجاهله إلى حد كبير، وبطريقة وأسلوب مخيفين، من قبل جميع أطراف الحرب.

أوبئة وجوائح ومجاعة
لقد هيأ التغير المناخي ظروفاً مثالية لانتشار الجراد في القرن الأفريقي، بحيث تكابد كثير من البلدان الأفريقية جائحة جراد ضخمة منذ عام 2019. تمكنت تلك الحشرات أيضاً من الانتشار في شبه الجزيرة العربية، مما تسبب في تأثر اليمن بأزمة أخرى. وقد يكون من المستحيل السيطرة على أسراب الجنادب الصحراوية في ظل ظروف الحرب الحالية.
وبناء عليه، تتفاقم المجاعة أكثر فأكثر؛ حيث إن تلك الحشرات تهاجم المناطق الزراعية التي هي شحيحة أصلاً في البلد الصحراوي. كما سبق ذلك قيام السعودية بفرض حصار بحري شامل، الأمر الذي تسبب أيضا في تجويع السكان. فاليمن تعتمد على استيراد المواد الغذائية بشكل كبير.
زد على ذلك أن البلد الفقير يعاني من موجات أوبئة كبيرة. فوفقاً لأرقام منظمة الصحة العالمية، تم في أبريل 2019 الإبلاغ عن حوالي 1.7 مليون حالة كوليرا مشتبه بها. جوتس جريسهايم، من "أطباء بلا حدود"، تحدث في مقابلة مع (Deutsche Welle) عن عدد كبير من المرضى الذين يعانون من جراثيم مقاومة للمضادات، بحيث تكون المضادات الحيوية غير فعالة. يؤدي هذا النوع من العدوى حتما إلى وفاة المريض.


كوفيد - 19
رسمياً، لم يعلن حتى الآن عن أي حالات كورونا في اليمن. وعلى أية حال، قد يكون مرد ذلك بشكل رئيسي إلى حقيقة أن النظام الصحي غير موجود لتحديد ذلك الوباء الإضافي.
وعلى الرغم من أنه لا تزال ثمة أصوات عدة تقلل من شأن الفيروس، إلا أن الأحداث الحالية تظهر أن (Covid-19) يمثل تهديداً خطيراً -ليس فقط بالنسبة للدول التي ليس لديها قطاع صحي فعال. ولقد اتخذت السلطات اليمنية في الأيام الأخيرة خطوات في جميع أنحاء البلاد لمنع انتشار (Covid-19).
فلقد قام كل من جماعة الحوثيين والحكومة المدعومة دولياً بإيقاف أي رحلات جوية، وحث المسافرين على الحجر الصحي. وعلى أية حال فإن هذه التدابير للأسف غير كافية بالنسبة لهكذا بلد مضطرب. فالنظام الصحي في اليمن ما يزال بعيدا كل البعد عن أن يكون مستعدا للقيام بأي إجراءات متقدمة لاحتواء أي وباء.
فالمستشفيات المزودة بالكهرباء هي بمثابة شيء نادر. وأطراف الحرب (سواء القوات الجوية السعودية أم الحكومة اليمنية المدعومة من قبل تلك القوات، أم جيش الحوثيين المتمرد الذي يسيطر على العاصمة صنعاء في الشمال) جميعها تقوم بانتهاك القانون الإنساني الدولي من خلال مهاجمة البنية التحتية للرعاية الصحية والعاملين الطبيين بشكل متكرر.
وفي حين أن البعض في الغرب يقبلون بيأس على التسوق لشراء الكماليات، بما فيها المطهرات وورق التواليت، فإن الكثير من المناطق اليمنية لا يوجد فيها حتى صابون أو مياه شرب متاحة لشرائها. وللأسف، ليس هناك حتى الآن أي بادرة أمل في ما يخص الأوضاع الكارثية للبلد.



الموقع: (TELEPOLIS).
29 مارس 2020