بعد فقدان خزينة البلد 31 مليار دولار
(الإنقاذ) تواجه العدوان الاقتصادي في مساحة ضيقة

 منذ بداية عدوانها على الوطن استخدمت دول التحالف الأمريكي السعودي الورقة الاقتصادية جنباً إلى جنب مع بقية أوراقها لتحقيق غايتها منه، وهي تركيع الشعب اليمني وإعادة فرض وصايتها وهيمنتها عليه بعد أن أزالتها ثورته في 21 أيلول 2014 بقيادة أنصار الله. ولجوؤها إلى تلك الورقة أتى نتيجة علمها وإدراكها أن اليمن يعتمد على العالم الخارجي بدرجة كبيرة في توفير السلع والمواد الأساسية، وبما أنها سيطرت على أهم بؤره الإنتاجية متمثلة في النفط والغاز (الرافد الأساسي لخزينته بالنقد الأجنبي)، وفرضت حصاراً جائراً على موانئه ومطاراته ومنافذه، أملت في أن حربها الاقتصادية ستؤدي الغرض الذي عجزت عنه عسكرياً طوال فترة عدوانها التي تجاوزت ألف يوم، لهذا تستمر في تصعيدها سواء بحرب العملة أو بتضييق الخناق، وذلك كله يؤثر على أداء حكومة الإنقاذ، ويعطيها مساحة ضيقة للعمل. ينعكس ذلك سلباً على المواطنين.

خسائر صادرات البلد 
تجاوزت 21 مليار دولار
تراجعت صادرات البلد كثيراً بعد سيطرة قوى العدوان ومرتزقتها على الجغرافيا التي تحوي الثروة النفطية له، حيث تفرض سيطرتها على مناطق تواجد النفط والغاز، وتتحكم بتصديرها وبيعها ونهب ما توفره من عائدات مالية من النقد الأجنبي.
فقطاع التجارة الخارجية للبلد تكبد خسائر فادحة بفعل العدوان والحصار، قدرتها وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء بقرابة 31 ملياراً و571 مليوناً و440 ألف دولار، توزعت على العائدات الخاصة بالنفط والغاز والصادرات الخدمية وغير النفطية والرسوم الجمركية والضريبية.
وبحسب تقرير الوزارة فإن دول العدوان عمدت إلى الإضرار بصادرات اليمن، وبالتالي فقد 21 مليار دولار عائدات مبيعات النفط والغاز، بسبب منع المرتزقة استئناف إنتاج الأول ونهب محصلات الآخر لغير خزانة الدولة في صنعاء.
فقد انخفضت قيمة صادرات البلد من قرابة 8 مليارات دولار قبل العدوان إلى 406 ملايين دولار بعده، وذلك بفعل الحصار الجائر المفروض على البلد بحراً وبراً وجواً.
 
الجمارك والضرائب تخسر أيضاً
ويبدو الحال مشابهاً لعائدات الرسوم والضرائب الجمركية التي بلغت خسارتها نحو ملياري دولار بفعل الحصار والتعقيدات التي تفرضها سفن تحالف العدوان على البضائع والسلع القادمة لليمن، وذلك أدى بحسب محللين اقتصاديين إلى تراجع فاتورة الواردات خلال العام 2017 إلى 6 مليارات دولار مقارنة بالعام 2014 الذي وصلت فيه إلى قرابة 15 مليار دولار، وهذا الانخفاض أثر كثيراً على عائدات الجمارك، فقد تدنت القيمة الجمركية للمستوردات من تريليون و464 مليار ريال في 2014 إلى 800 مليار ريال عام 2015.
أما متحصلات الرسوم الجمركية والضريبية فقد هبطت من قرابة 130 مليار ريال في 2014 إلى 80 مليار ريال عام 2015، واستمرت في الهبوط عامي 2016 و2017 باستمرار العدوان والحصار.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن عائدات الضرائب والجمارك في المحافظات الواقعة تحت سيطرة العدوان ومرتزقته تصب إلى جيوبهم وليس لخزينة صنعاء, علاوة على أن المنافذ الجمركية في المحافظات الحرة محاصرة من قبل العدو.

 تراجع الإيرادات العامة
يتحدث الخبير الاقتصادي رشيد الحداد لصحيفة (لا) عن تراجع الإيرادات العامة للدولة من تريليونين و291 مليار ريال عام 2014 إلى تريليون ريال عام 2015، وبسبب العدوان وتشديد الحصار تدنت حتى وصلت 903 مليارات ريال في 2016، وأقل من 500 مليار في 2017. موضحاً أن معدل الإيرادات العام للدولة خلال العام الماضي أو الذي قبله كان شبه وهمي, حيث إن عائدات الدولة من السيولة النقدية لم تتجاوز 20%، والبقية شيكات، فالبلد يعاني من أزمة سيولة وليس أزمة مالية.

تعطيل مصادر تحصيل النقد الأجنبي مهَّد لانهيار العملة المحلية
لم تكتفِ دول العدوان بنهب صادرات البلد وفرض الحصار الجائر عليه, بل لجأت إلى شن حرب على العملة الوطنية بغرض إلحاق المزيد من الضرر بالحياة المعيشية للمواطنين وجعل مستقبل اليمن الاقتصادي على شفا حفرة الانهيار التام.
فبعد حجبها مصادر تحصيل النقد الأجنبي عن خزينة البلد من صادرات نفطية وغير نفطية، وإيقاف التحويلات المصرفية إليه، وفرض الحصار الشامل عليه, تستمر السلع الواردة من الخارج بالتدفق عبر المنافذ الواقعة تحت سيطرة دول الأعداء بشكل غير منظم، بدعوى تلبية احتياجات المواطنين, بحيث يكون المستفيد هو العالم الخارجي.
وكما هو معلوم لدى الجميع فاليمن بلد يعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجات مواطنيه من المواد والسلع الغذائية والمشتقات النفطية، وبالتالي فإنه بحاجة ماسة للنقد الأجنبي كي يتمكن من شرائها، وقد كان يعتمد بدرجة كبيرة على صادرات النفط الخام والغاز لتوفير ذلك، وبما أن المناطق التي تتواجد فيها تلك الثروة بيد المرتزقة، فإن عائداتها ليست بيد القوى الوطنية في صنعاء.
ذلك الأمر جعل السوق المالية تعاني من شحة في النقد الأجنبي بسبب الإقبال الكبير عليه من قبل التجار بدعوى شراء المواد الأساسية من الخارج لتوفيرها, وفاقم قرار نقل البنك المركزي إلى محافظة عدن من هذه المشكلة، حيث لم يعد مركزي صنعاء مهيمناً على هذه السوق، ولم يحاول البنك الخاص بعدن ضبطها، بل عمل على تعويم سعر العملة في إطار الحرب الاقتصادية التي تخوضها دول العدوان على الوطن.
بالإضافة إلى ذلك قيام حكومة العميل هادي بطبع مئات المليارات من العملة المحلية دون غطاء, وضخها إلى السوق، في الوقت نفسه عملت على سحب العملة الصعبة منه عبر صرافين يعملون لصالح تحالف العدوان، وهو ما جعل الريال يهبط إلى أقل مستوى متجاوزاً حائط الـ500 للدولار الواحد في الأيام الماضية.
هذا الارتفاع في سعر الدولار مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأسعار المواد والسلع الغذائية والخدمية، كون استيرادها وشرائها لا يتم إلا بهذه العملة المسيطرة على السوق العالمية, وهذا الانهيار للعملة المحلية يقف وراءه العدوان ومرتزقته باعتراف الخائن أحمد عبيد بن دغر في تغريدات له الأسبوع الماضي، بقوله إن أول أهداف ما سماها عاصفة الحزم كان إنقاذ الريال اليمني من الانهيار، وأهم الإجراءات لذلك هو تقديم الوديعة للبنك المركزي في عدن. مبدياً تخوفه من أن يؤدي استمرار هذا الانهيار إلى ضغوط ومطالبات بوقف العدوان.
مراقبون رأوا أن الإقبال على شراء الدولار من قبل شخصيات مقربة من زعيم مليشيا الخيانة للهرب خارج البلد، كان من ضمن أسباب هبوط الريال وارتفاع سعر العملات الأجنبية.
غير أن تحرك المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ عبر الأجهزة الرسمية للدولة لضبط المتلاعبين بأسعار الصرف، أدى إلى تراجع نسبي في أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني.
ويرى الاقتصادي الحداد أن الموالين للعدوان استغلوا الأزمة واستحوذوا على العملة المطبوعة في روسيا ولم يقوموا بصرف رواتب موظفي الدولة في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية حتى لا تسهم في تدفق السيولة. وعلاوة على ذلك استخدموا تلك الأموال لسحب العملات الصعبة من السوق المحلية والمضاربة بأسعارها.
 
حدود قدرة حكومة الإنقاذ
لا شك أن الضربات الاقتصادية التي تلقاها البلد بتواطؤ دولي ليست هينة, والفارق الكبير بين الوضع قبل العدوان وبعده لا يسهل الأمور على حكومة الإنقاذ لتخفيف معاناة المواطنين التي تسبب بها العدوان والحصار, غير أنه ينبغي عليها التحرك وفق قدرتها في سبيل ذلك.
فإيرادات البلد حالياً ليست كالسابق، وقد بينا في ما سبق ذكره بعض الفروق في حجم الريعية منها قبل وبعد العدوان, توقف بعضها تماماً كالنفط والغاز والصادرات غير النفطية، ولم يتبقَّ سوى ما تدره مصلحتا الضرائب والجمارك والاتصالات وبعض الشركات المملوكة للدولة، والتي لم يطلها قصف طيران العدوان، وهو ضئيل جداً مقابل الموازنات التي كانت تقرها في فترة ما قبل الحرب. 
رشيد الحداد يدعم فكرة تأثر أداء حكومة الإنقاذ بتراجع الإيرادات إلى أدنى مستوياتها وذلك سبب عدم إيفائها بأدنى التزاماتها والمتمثلة في صرف نصف راتب شهري لأنها لا تملك النقد, مضيفاً إلى ذلك الصراع الخفي الذي انتهى بأحداث ديسمبر التي شهدتها صنعاء العام الماضي وكان له الدور الكبير في إضعاف دور (الإنقاذ) وتسبب بفشل أي حلول أعلنت التوجه لتنفيذها ومنها مشروع العملة الالكترونية.
وكما يرى الكثير من المحللين والمراقبين فإنه ينبغي على حكومة الإنقاذ البت في إصلاحات اقتصادية أبرزها إعداد قائمة بالمواد والسلع الضرورية المسموح باستيرادها ودخولها مناطق سيطرتها. ومن المهام التي يجب عليها القيام بها تفعيل الإنتاج المحلي وتوعية المواطنين بضرورته، ومثال ذلك تشجيعهم على زراعة القمح والذرة وكل الحبوب المستوردة من الخارج.
كذلك العمل على تفعيل دور البنك المركزي بصنعاء بإلزام جميع المؤسسات الإرادية في الدولة بالتوريد إليه، وإعادة فرض رقابته على السوق المالية في تحرك ثوري جاد.

رئيس الثورية العليا يقترح حلاً لمواجهة الأزمة الاقتصادية وإنهاء مشكلة انقطاع الرواتب

خاص/
قدّم محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا، مقترحاً لحل الأزمة الاقتصادية ومشكلة انقطاع المرتبات، والتي افتعلها تحالف العدوان الأمريكي السعودي.
وتمثل الحل الذي اقترحه الحوثي عبر تغريدة له على (تويتر)، في قيام المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ بطباعة عملة محلية التداول كما فعل العراق في التسعينيات، وكذلك سوريا وغيرهما من الدول المحاصرة, يستطيعون من خلالها دفع رواتب موظفي الدولة، وبالتالي يواجهون الحصار على الشعب اليمني.
وأشار رئيس الثورية العليا إلى أنه تم مسبقاً إبلاغ الأمم المتحدة بهذا التحرك، ولتدعيمه على مجلس النواب بعث رسالة إليها.
ومن ضمن آليات الحل، كما أفاد محمد علي الحوثي، تخصيص مبالغ مالية لكل أسرة يمنية تحمل بطاقة شخصية، بما تعادل قيمته سلة غذائية شهرياً، وتصرف الرواتب للموظفين علاوة على ذلك, حتى تتم مواجهة المجاعة وتأمين الغذاء لكافة أبناء الشعب.