العميد عابد الشرقي

العميد/ عابد الشرقي / لا ميديا -
الشهيد عبدالله محمد حصن ناصر سجاد مناخة محافظة صنعاء، ولد في عزلة هوزان مديرية مناخة عام 1994، متزوج ولديه بنت وولد، وهو أحد أبرز القيادات الميدانية في المنطقة العسكرية المركزية.
رغم صغر سنه، فقد تولى مسؤولية كبيرة في جبهة نهم، فقد كان من أشجع الشباب المجاهدين وكان متولياً لإدارة أكبر قوة عسكرية في جبهة نهم.
كان الشهيد إنساناً ناضجاً، بمعنى أن لديه الشجاعة المقرونة بالحكمة، وإلا لكانت الشجاعة بدون الحكمة تهوراً كما يقول المجاهد مرقال واصفاً شجاعة الشهيد. ويتابع القول: كان يسميه القائد أبو يونس يحفظه الله، بأنه القائد الناضج رغم صغر سنه، فقد كان يدير المعارك من خلال عمله في العمليات، ولا يكتفي بالقول إن مهمته في المعركة في العمليات فحسب، بل كان إذا لزم الأمر فهو من يتدخل مباشرة بنفسه في المعركة.
وقد حدث ذات مرة أن تقدم العدو وبدأ بالسيطرة على أحد المواقع، فما كان منه إلا أن اقتحم ومعه عشرون من أصحابه ليحسم المعركة ويطهر الموقع ثم يعود إلى موقعه في إدارة المعركة من العمليات.
فإلى جانب شجاعته ومرابطته، فهو المتواضع الذي يعبر إلى القلوب، فهو محط حب وتقدير كل من حوله. يقول عنه رفاقه المجاهدون إنه يحمل روحية المجاهد المتولي بصدق وإخلاص، وهو الصابر المعاني في جهاده بصمت، فلا يقلق القيادة بكثرة الطلبات والدعم، بل كان يعمل بالحاصل.
الشهيد سجاد مناخة من الرجال العظماء بكل ما تحمله الكلمة من معنى. هكذا عبر عنه المجاهد أبو محمد المراني الذي يقول: لقد اختارته القيادة بعلم ووضعته في أصعب الأماكن في الجبهة ليسد ثغرة خطيرة يستهدفها العدو بالزحوفات المتواصلة، فاجتمعت القيادة وتم مناقشة الموضوع وتم ترشيح عدد من الأسماء لقيادة المعركة في ذلك الجزء الملتهب من الجبهة الممثل في الميسرة ليستقر الرأي على اختيار الشهيد سجاد مناخة لتلك المهمة الصعبة، فقد كان القائد المناسب الذي تطمئن إليه القيادة، والذي كان يتفهم القيادة وتفهمه، وكانت تجد فيه من العزم والطاقة والتفاني ما جعله محط اختيارها لقيادة المهام المختلفة.
فكان حجر عثرة أمام العدو، وكان الشهيد لهذه المهام الصعبة، واستطاع أن يمثل القيادة خير تمثيل، حتى أن العدو لكثرة محاولاته الفاشلة أصيب باليأس من أن يحرز أي تقدم رغم محاولاته المستميتة واستملكه العجز ليقرر نقل المعركة ومواصلة زحوفاته من أماكن أخرى في الجبهة غير تلك التي سدها الشهيد رحمة الله تغشاه.
وفي عملية "البنيان المرصوص" يقول أيضا رئيس شعبة التوجيه المعنوي بالمنطقة العسكرية المركزية إن الشهيد كان أسرع المقتحمين وأبرزهم، وقد تجلى ذلك في عملية "البنيان المرصوص"، فقد كان أول المقتحمين متجاوزاً بذلك المحاور الأخرى المتقدمة إلى أن لقي الله شهيداً مقتحماً في مقدمة الصفوف. أما في الجانب الثقافي فقد جعل الشهيد من المنطقة التي هو فيها، كما لو كانت قطعة من الجنة، تسبيحاً وتهليلاً وتدارساً للقرآن، مهتماً ببرنامج رجال الله وملازم الشهيد القائد رضوان الله عليه، وهو الأمر الذي يعكس الالتزام بهدى الله على أرقى مستوى، وهو السر في الثبات والصمود الذي تميز به الشهيد سجاد مناخة.
يقول المجاهد عبدالعالم المتوكل إن الشهيد سجاد مناخة تولى وضع جبهة نهم على مستوى قطاع كامل، وكان يقود خمسة محاور، لكنه كان يتحرك كفرد عادي من 2015، وحتى معركة "البنيان المرصوص"، وهناك في قطاع الميسرة بجبهة نهم ذلك القطاع الملتهب الذي سده الشهيد بكل كفاءة واقتدار ضرب أروع الصور في الشجاعة والصبر وتحمل المشاق وطول المرابطة، حتى أن وجهه تحول في الجبهة، وكما لو أنه حجر من أحجار نهم.
وبحسب المجاهد مرقال، فإن الشهيد يتميز أيضاً بين القيادات من المجاهدين بالتواضع المتناهي والصدق وتحمل المسؤولية، ولا يتهرب من تحمل المسؤولية أو يلقي بها على الآخرين، وهي ميزة قلما ما نجدها في الكثير من القيادات، وهي الصفة التي يجمع عليها رفاقه وكل من عرفه.
إلى جانب الإحسان، الذي عرف به الشهيد وعبر عنه المجاهد أبو خليل القطابري، الذي قال إنه يتذكر أن سجاد مناخة حصل ذات مرة على قافلة غذائية، فقلت له مازحاً: أكيد بتقسم لنا من القافلة حقك ياسجاد، ولم أشعر إلا وقد استدعى الشؤون حقي ويسلمه نصف القافلة للمحور الذي أنا فيه.
يقول المجاهد عبدالملك الصيلمي عن الشهيد إنه كان محسناً شجاعاً صبوراً متواضعاً، منحه الله الود في قلوب المؤمنين وثقة القيادة التي كانت تشيد به في مختلف الظروف الجهادية، كما منحه الله الصبر أيضا والقدرة على تحمل المسؤولية وهو يمارس مهامه الجهادية الميدانية، على الرغم من أنه كان يقود أكبر قوة عسكرية في جبهة نهم.
يمتاز الشهيد بأنه كان يدخل في معاناة كبيرة، لكنه لا يتحدث للقيادات عما يعانيه، مخالطاً لأفراده. أبلى بلاءً حسناً طول خمس سنوات في جبهة نهم، وكانت أمنيته أن يلقى الله شهيداً، وكان له ما تمنى، ولو أن استشهاده رضوان الله عليه قد أفقد النصر حلاوته، بحسب تعبير المجاهد عبدالعالم المتوكل عن موقف القيادة ذلك اليوم.
وقد رثاه المجاهد عبدالخالق بدر الدين الحوثي، قائد المنطقة العسكرية المركزية، بمناسبة الذكرى السنوية، حيث كتب قائلاً:
"كان الشهيد سجاد مناخة إذا حصل تقدم للعدو يبقى متابعاً ومجداً ومثابراً لكسر تقدم العدو بكل الوسائل القتالية، لا يوهن ولا يعرف الوهن ولا يحبط ولا يكل ولا يمل، بل كان يقاتل ويتحمل المسؤولية بكل تفانٍ في أعلى الظروف، قتال المؤمن الشجاع الغيور على أمته رحمة الله تغشاه".
يبقى القول إن الشهيد أحد أبناء الثقافة القرآنية، وثمرة من ثمار الإعداد والتدريب والتأهيل في المنطقة ممثلة بالأخ عقيل اللبلوب، الذي بناه وأعده ودربه وأوصله إلى ما وصل إليه، وهو الأمر الذي يؤكده والد الشهيد الذي قال إنه لولا المسيرة والثقافة القرآنية لما وصل إلى ما وصل إليه في الميدان. 
فسلام الله عليه وعلى والديه اللذين أحسنا تربيته وجعلا منه نبراساً يحتذى به.

أترك تعليقاً

التعليقات