الحصار والعقوبات حليفا الوباء
 

غالب قنديل

غالب قنديل / لا ميديا -

حولت الولايات المتحدة هيمنتها المالية في العالم إلى واحدة من أخطر أدواتها الاستعمارية في محاربة الدول المستقلة، ولمحاصرة إرادة التحرر الوطني في جميع أنحاء العالم، بينما ألحقت بسيطرتها وبنفوذها السياسي هياكل الأمم المتحدة ومؤسساتها كافة بفعل اختلال المعادلات والتوازنات العالمية.
أولاً: منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وقع العالم في قبضة الهيمنة الأمريكية التي اكتسحت بقرارها السياسي وبجيش من الجواسيس سائر المنظمات الأممية، وفرضت إذعانا عالميا لقراراتها وتدابيرها الاستعمارية في محاصرة المنافسين والمناهضين، لتديم هيمنة القطب الواحد على العالم. وقد سقطت بصورة مشينة في عار الإذعان دول كثيرة في الغرب وغيره، باستجابتها للأوامر الأمريكية، في حين ما تزال الدول الحرة المنافسة تهاب المبادرة لتوسيع مساحة اعتراضها على مظالم الهيمنة الأمريكية التي تتحول اليوم في ظل الجائحة الوبائية إلى جرائم ضد الإنسانية، لأنها تمنع دولا حرة متمسكة باستقلالها الوطني وتدافع عنه من الحصول على الأدوية وأدوات الفحص والوقاية والمواد الغذائية في مواجهة الوباء، وتعترض طريق أي دولة أخرى ترغب في تقديم المساعدة، مما يزيد من حجم المخاطر.
ثانياً: في سورية واليمن وإيران يتحالف الخطر الوبائي مع الحصار الأمريكي، وتتواصل التدخلات العدوانية الأمريكية وسوى ذلك من اعتداءات وجرائم تنفذها حكومات عميلة في خدمة الخطط الاستعمارية.
إن الهدف من رفع الصوت ضد الحصار والعقوبات هو فضح الحكومات المستجيبة للعقوبات أو الصامتة عنها، وتعريتها وتحميلها المسؤولية الأخلاقية والسياسية عن هذه الجريمة. ولا أمل يرتجى من جميع المؤسسات الأممية والمنظمات الدولية التي يمسكها ويتحكم بها عملاء الاستخبارات الأمريكية، فلا عدالة دولية في هذا الكوكب مع سطوة التوحش اللصوصي الذي يدبر حروب القتل الجماعي ويدمر صروح الحياة الطبيعية وينتهك الكرامة الإنسانية للشعوب الحرة.
ثالثاً: إن المطلوب منا اليوم هو كسر جدران الصمت، والتضامن مع سورية واليمن، والدعوة أولاً هي لكل عربي شريف وحر، وثانياً لكل إنسان عادي وحقيقي في منطقتنا والعالم، ونحن ندل على القتلة واللصوص بالأسماء والعناوين ولا نشغل وقتنا بسفاسف يراد لنا التلهي بها خارج هذه القضية المركزية.
أما بخصوص لبنان فسنبقى نردد ونؤكد أن مصيبتنا الرئيسية هي الهيمنة والعقوبات، وأن الحضن العربي والشرقي هو المكان الطبيعي الذي يجب أن نبحث فيه عن حلول واقعية ومصالح مشتركة. ولا بد أن ننتبه دائما إلى أننا في أزمة نضوب الثروة وضياع الموارد التي خربها ودمرها النموذج الريعي التابع، ولسنا في نزاع على قواعد اقتسام الثروة وتوزيعها، ولذلك فإن التحرر من الهيمنة وإعادة البناء الوطني لاقتصادنا على أسس جديدة ركيزتها التخلص من الهيمنة، والتشبيك القومي، هو سبيل الحل الحقيقي، وغير ذلك هدر للوقت والجهد ورفع للكلفة.

* كاتب لبناني.

أترك تعليقاً

التعليقات