سردية استعمارية!
- روبير بشعلاني الأربعاء , 10 ديـسـمـبـر , 2025 الساعة 12:08:45 AM
- 0 تعليقات

روبير بشعلاني / لا ميديا -
السردية المسيطرة حاليا تدور حول الدولة، سواء بمفهومها التاريخي الأوروبي ام بمفهومها المرتجى كدولة عادلة أو نظيفة أو ديمقراطية.
الفكر الأورومركزي أراد ذلك وحصر الموضوع بالدولة وكأن الدولة مفهوم مفارق لا علاقة له بتشكيلته الاقتصادية الاجتماعية ولا بتاريخه. الدولة تصبح موضوعا مستقلا. هي موجودة منذ الأزل ويجادل البعض فيما يجب أن تكون.
لا أحد يخرج لكي يقول منذ متى نشأت هذه الدولة؟ ولماذا ظهرت؟ وبفعل ماذا؟ وهل هي دولة دولة أم شبه لنا؟
تخرج قرابة في سوريا تزعم أنها ستبني الدولة الأموية بينما الإعلام يواصل الكلام عن "الدولة". النخب تقبل السردية المسيطرة وتتحدث عن الدولة "كما يجب أن تكون".
فكيف يجب أن تكون؟
يحدثنا الأورومركزي عن دولة المواطنة المؤسساتية التي نشأت بأوروبا الغربية وينسى أن يذكر خلفية مشهد نشوئها التاريخي. فهي جميلة ولذيذة ومنطقية. لكن لا أحد يذكر لك شروط نشوئها، وكأنها ظهرت بدون جذورها.
إذن "ما يجب أن يكون؟" يتحول عنده بلحظة خاطفة إلى الدولة ويبدأ بنية إخضاع كل شيء لها.
يحصر كل شيء بدولة- مجد أعطي له. من منح هذا المجد؟ المستعمر. لماذا منحه؟ لكي يبقى هو الدولة. فأين هي الدولة المستقلة؟ أين المجتمع الذي خلع قرابته وارتدى الدولة؟ هو يعرف نفسه بأنه ماروني من جزين مثلا، لكنه لا يخجل من التحدث بالدولة. كأنها دولة جزين أو كأنها دولة مارونية لكن دولة أوروبية مع ذلك.
هذه "الأونطة" الفكرية حان لها أن تنتهي. فالدولة الغربية لها شجرة عائلة ولم تنشأ بالفراغ ولا يمكن تخيلها بمجتمع آخر يملك شجرة عائلة أخرى مختلفة الخصائص والتاريخ.
إذن طرح الموضوع ليس صدفة بل هو جزء من سردية استعمارية لا تحبذ ذكرها بوضوح. فهي تدعوك إلى تقليدها بتاريخ مختلف وبمجتمع مختلف وباقتصاد "خدمات".
الأورومركزية تسوق في بلادنا لبضاعة متوهمة والأورومركزية المعكوسة تروج لوهم آخر والشعوب المضطهدة في واد آخر تماما.










المصدر روبير بشعلاني
زيارة جميع مقالات: روبير بشعلاني