وداعا يا خليل... أيها الصوت الذي لن يغيب
- احمد عبدالرحمن السبت , 8 نـوفـمـبـر , 2025 الساعة 2:45:55 AM
- 0 تعليقات

أحمد عبدالرحمن / لا ميديا -
يا الله!
كيف لي أن أرثي أصحابي وهم ينسلّون واحداً تلو الآخر، ويتركونني هنا في هذه الوحشة وحيداً أبكيهم... وأبكيني؟!
لا أكاد أفرغ من وداع صديق حتى أجد نفسي في وداع آخر!
يا الله!
كيف لي أن أتسامح مع الموت وهو يصادر أحبتي ورفاقي واحداً واحداً؟!
لم أكد أتجاوز رحيل الصديق الحبيب الأستاذ جمال عامر رحمه الله، حتى وجدتني اليوم أمام رحيل موجع وفاجع جديد؛ وأي رحيل هذا؟! وأي خسارة؟! وأي فقد؟!
الراحل هو الخليل، الصديق والأستاذ الذي غادرنا إثر ذبحة صدرية أدخلته العناية المركزة وأوقفت قلبه وصادرت روحه بعد عراك طويل مع الحياة والدخلاء عليها وعلى المهنة والسياسة وشؤون الناس!...
الخليل والرفيق في التعب والميدان...
السبّاق دائماً، والمبادر والضاحك دوماً...
الصادق المبدئي، والشجاع المقدام على طول الخط...
غزير العلم والمعرفة والعطاء والكرم...
يا الله!
كيف لذلك الصوت أن يغيب؟!
وكيف لتلك الضحكة أن يلتهمها الموت؟!
الصوت الذي كان جزءاً من يومياتي، بل جزءاً من هواء صنعاء الذي نتنفس؛ صنعاء التي أحبَّها ورفض مغادرتها رغم النكران والخذلان وكل شيء!
الرجل الموقف، الذي إن تكلم أضاءت المعاني، وعلى وقع كلماته يرجف الصغار...
وحين يصمت يترك فراغاً لا يملؤه سواه!
وها قد صمتَّ يا صديق الحروف ومطوع الكلمات وكاشف الفساد ومكامن الخلل!
فمن سيتكلم بعدك؟! وماذا بوسعنا أن نقول؟!
أبدو عاجزاً ومشلولاً ووحيداً أكثر من أي وقت مضى أيها الخليل، وليس سوى الدموع تنهمر وأنا أستعيد لحظاتنا معاً من صنعاء إلى ذمار إلى صعدة إلى صحراء الأجاشر إلى شِعب أبي طالب إلى الشرفة في نجران... و... و... و...
أيام وليالٍ قضيناها معاً، كنتَ فيها نِعْم الرفيق والصديق والأخ والمعلم، تعطي بلا مقابل، وتحب الآخر أكثر من نفسك...
لا أخفيك يا صديقي الخليل، لقد عجزت عن الكتابة؛ فالكلمات مخنوقة، والحروف دامية، والجُمل كسيرة وكسيحة... وهذا الاسترسال ليس سوى الفقد والعجز معا.
نَمْ بسلام يا صديقي الصادق النبيل؛ فمثلك لا يموت، وأنت المؤمن بأن الحقيقة لا تموت، والصحفي الحقيقي لا يموت أيضاً، بل يستحيل ذاكرة في ذاكرة الوطن الذي أحب وأخلص...
أما نحن فسنظل على العهد نبكيك، ونبحث عنك في الميدان، ونفتش عن ظلك الذي كان وما زال، وسنبقى نترقب صوتك في الأثير؛ صوتك الذي لن يخفت ولن يغيب.
سنظل نتحسس في الذاكرة تلك الضحكة المجلجلة التي سنفتقدها كما سنفتقد صاحبها الحبيب.
وداعا أيها الخليل، وأنت تتركنا كما عرفناك: صادقاً، نقياً، ثابتاً، صلباً، جسوراً، كبيراً بحجم الوطن الذي أحببته حتى الرمق الأخير!
سلام عليك يا خليل القلب!
سلام على روحك الأبية التي لم تنحنِ يوماً!
سلام على كلماتك التي لم تهادن ولم تخُن الصدق والحقيقة، ولم تبع الوطن!
سلام عليك أيها الثائر في وجه القبح والظلم والفساد!
سلام عليك يا صديق المهنة ورفيق الطريق الشائك والطويل!...
نَمْ قرير العين يا صاحبي، فأنت حيٌّ في قلوبنا ووجداننا، وفي روح الوطن، وكلماتك ستظل سوطاً يوقظ الضمائر ويقضّ مضاجع الأوغاد، وستبقى تلهمنا دائماً وأبداً.
رحمك الله يا صديقي الأستاذ الكبير خليل العمري، وأسكنك فسيح جناته.
والعزاء لأبنائك الأحبة «مالك» و»أيمن» و»علي»، وبناتك العزيزات، وأمهم الفاضلة، وجميع الأهل والأقارب، وكل محبيك، والوسط الصحفي والإعلامي، في رحيلك الفاجع.
عظّم الله أجر الجميع، وألهمنا وإياهم الصبر.
إنا لله وإنا إليه راجعون.










المصدر احمد عبدالرحمن
زيارة جميع مقالات: احمد عبدالرحمن