الخطأ والخطر في الخط الدائري الغربي
- عبدالله هاشم الكبسي الخميس , 18 أغـسـطـس , 2022 الساعة 1:13:49 AM
- 0 تعليقات
عبدالله هاشم الكبسي / لا ميديا -
سأحاول الكتابة ولو كنت مقتنعاً بعدم جدواها، فكم تكلمت وكم كتبت، وكم تكلم وكتب غيري عن “الخطأ والخطر في الخط الدائري الغربي” شارع الوحدة العربية، ولا من مجيب ولا من سميع!! وعلى رغم أنوف المتكلمين والكُتّاب استمر الخطأ والخطأ من بداية العمل في مجرى السيل حتى الآن، مع سبق الإصرار والتعمد الناتج عن عمل الذين جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا!! لأنهم ألغوا الخطأ المتعمد متعمدوه، ونعوا عليه حتى صار سلوكاً لهم، و”لكل امرئٍ من دهره ما تعوّدا”!! وما هو السلوك الذي تعوّدوا عليه مع سبق الإصرار وعلمهم علم اليقين إلَّا تعبير واضح عن الواقع العام في بلادنا، فهم لا يُسألون عما يفعلون ولن يُسألوا عما فعلوه خطأ متعمداً، وهم غير مبالين ولو أودوا بالسكان والمساكن في الخطر، ولو بلغ السّيل الزبى و”الجبا”، ولو كانوا يعرفون أنهم سيُسألون عما فعلوه لما تعمدوا الخطأ رغم التنبيه والنقد والكتابة منذُ بداية العمل حتى الآن، بل إنهم تعمدوا الخطأ -كما يقول بعض النقاد “الخبثاء” الطيبين الطاهرين– من أجل أن يعيدوا العمل باعتماد جديد أكثر ومكاسب جديدة أوفر تمشياً مع الواقع المعروف والسلوك المألوف في بلادنا في ظل الفساد الذي ساد وزاد وأضر بالعباد والبلاد.
نعم، سأحاول الكتابة هذه المرة عن الخطأ والخطر في الخط الدائري الغربي، ولو على سبيل الوفاء بالجوار؛ لأنني أحد جيران هذا الخط الذي يطل عليه شيء من الشرق وفي رأس الشارع، ولأنني سأكون أحد المتضررين من خطر السيل في مجرى هذا الخط، وأحتفظ بحقي من الآن في رفع قضية إلى المحكمة أطلب فيها الضمان عن أي خطر يتعرض له بيتي من السيل عبر مجرى هذا الخطأ والتأمين على حياتي وحياة عائلتي وأولادي، مع علمي بأنني سأكون من أقل المتضررين، لأن بيتي يقع في رأس الشارع وأن جيران وسط الشارع سيكونون هم الأكثر تضرراً وتعرضاً للخطر للأسباب التالية:
1ـ إنَّ القائمين على العمل، مصممين ومنفذين ومشرفين، ارتجلوا العمل ارتجالاً، فلم يدرسوا ولم يضعوا في حسابهم نسبة وكمية المياه التي ستصب في المجرى آتيةً من جبال “عَصِر” و”السنينة” المطلة على المدينة من الغرب، بالإضافة إلى المياه التي تنصب من سطوح المنازل ومن الشوارع وما يأتي به سيل الجبال والشوارع من محولات الحجارة والأتربة والقمامات التي لا يتسع لها المجرى بحجمه الصغير.
ولقد سألت قبل سنوات الأخ أحمد العبيدي، المدير السابق لمكتب الإسكان بأمانة العاصمة: هل لديكم دراسة عن المشروع؟ فقال: نعم. فسألته ثانياً: هل لديكم دراسة عن منسوب المياه وكميتها؟ فقال: أما هذا فلا أركنك.
كما اقترحت على الأخ العقيد حسين المسوري، أمين العاصمة، أن يتم تعميق المجرى والاستفادة من السيل الذي سيجري عبره بإقامة حفائر عميقة في حدائق الجامعة لاستيعاب السيل النازل من المجرى؛ لأنها تستخدم لعدة أغراض منها: تغذية الأرض بالمياه، وسقي حدائق الجامعة بواسطة المضخات أيام الجفاف وبأقل التكاليف. فاستحسن هذا الاقتراح ووعد بتنفيذه؛ ولكن...
2ـ إنَّ القائمين على العمل، مصممين ومنفذين ومشرفين، الذين لم يدرسوا ولم يضعوا حسنة لمنسوب المياه وحجم المجرى، قد أخطؤوا ثانية حينما سقفوا مجرى السيل بالألواح الخرسانية قبل أن يضعوا في الفتحات التي سينصب منها السيل إلى المجرى، ثم قاموا بمحاولة دلت على براعة في الذكاء والتفكير والهندسة التي لم يصل إليها أحد قبلهم، فخرقوا أو خرموا فتحات لا تزيد على عشرة سنتمترات في تلك الألواح ما بين كل خمسة أمتار تقريباً، وهي فتحات لا تكفي لانصباب المياه من جانب واحد من الشارع المطل على المجرى، إلَّا أنهم عززوا براعتهم الهندسية ببراعة هندسية أحدث وتفكير أقوى وأجد حداثة وأحاطوا الفتحات الصغيرة ببردورة على طوال الشارع وخزقوا أو خرموا من جانبيها فتحات صغيرة عليها أسلاك حديدية عالية وعمودية تنسد تلقائياً بقليل من القراطيس والمشمعات البلاستيكية، وأنهوا ما وصلت إليه هندستهم بسفلتة الشارع الذي بدا منخفضاً جداً عن تلك الفتحات التي لا يصل إليها السيل إلَّا نزفاً مما يخوض غمار الشارع، فتنزف المياه إلى تلك الفتحات العالية المنسدة وإلى وجوه المارة والسيارات العابرة.
هذا هو الواقع الذي برهنت عليه أول تجربة من أول مطر خفيف هطل على الخط الدائري هذا الأسبوع. ولعمري إنه واقع لن يتغير بالنقد كلاماً وكتابة، إلَّا بسيل عارم جارف يسد ويملأ الشارع حتى يفيض إلى البيوت المجاورة فيغرقها بمن فيها، بفضل براعة وهندسة القائمين على العمل، والذين لن يتوانوا ولن يتأخروا لحظة واحدة حينما يعاد المشروع من جديد باعتماد أوفر من ميزانية الدولة أو من القروض ومن جيوب المواطنين ضماً على فواتير الكهرباء والمياه، وعلى المواطنين تدور الدوائر، ولمثل هذا فليعمل العاملون الذين لا يُسألون عما يفعلون.
* كُتب هذا المقال في منتصف الثمانينيات حذّر فيه الكاتب المرحوم عبدالله هاشم الكبسي مما حصل ويحصل اليوم من آثار الأمطار.
المصدر عبدالله هاشم الكبسي
زيارة جميع مقالات: عبدالله هاشم الكبسي