افتتاحية «ذا غارديان» البريطانية
ترجمـة خاصة: زينب صلاح الدين / لا ميديا -
قامت المملكة المتحدة بدعوة محمد بن سلمان لزيارة رسمية. الأمر الذي تعتبره صحيفة ذا غارديان بأنه خطأ جسيم وينبغي عدم الاعتماد على المملكة من أجل الطاقة أو الاستقرار الإقليمي.
قبل خمس سنوات ردد جيريمي هانت -الذي كان آنذاك وزيراً للخارجية- الرعب الذي تم الإعراب عنه على نطاق واسع لمقتل المعارض والصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا. ووعد بأن رد بريطانيا سيعتمد على "ثقتنا بأن مثل هذه الحلقة المروعة لا يمكن -ولن- تكرر".
دعت المملكة المتحدة الآن ولي عهد السعودية والحاكم الفعلي محمد بن سلمان -الذي تعتقد وكالة المخابرات الأمريكية المركزية بأنه وافق على تلك الجريمة على الرغم من نفيه- للقيام بزيارة رسمية. كانت عملية إعادة تأهيله جارية بالفعل عندما صافحه جو بايدن بقبضة يده قبل عام وبريطانيا التي استفادت بشكل كبير من مبيعات الأسلحة للسعودية باتت الآن متعطشة أكثر من أي وقت مضى للتجارة والاستثمار.
لقد أنفقت الرياض الكثير على عمليات التأثير وإدارة العلامات الجديدة والاستثمار في الغسيل الرياضي والترفيه. كما ذكرت "ذا غارديان" ذلك هذا الأسبوع من الواضح أن السعودية استخدمت تطبيق المراسلة الأمريكي سناب تشات لتلميع صورة الملك المستقبلي بينما فرضت أحكاماً شديدة القسوة على المؤثرين الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أي انتقاد للملك المستقبلي بمن فيهم طالبة الدكتوراه في ليدز سلمى آل شهاب. في السابق كان سجل المملكة في حقوق الإنسان بالكاد يكون صلباً لكن معدل عمليات الإعدام قد تضاعف تقريباً في عهد الأمير محمد.
على الجبهة الدبلوماسية تحاول المملكة الخروج من الحرب في اليمن حيث كلف تدخلها العدواني والمكلف للغاية أرواح العديد من المدنيين. وقد حسنت من علاقاتها المتدنية مع إيران. ومع ذلك كان العامل الأكبر في إعادة تأهيلها هو غزو روسيا لأوكرانيا الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة وأعاد تشكيل العلاقات الدولية. يريد الغرب تقييد التعاون مع روسيا ويعلم أن الرياض تتطلع إلى الصين من أجل "نزع أمريكا" عن مستقبلها والاستغناء عنها.
لطالما نظرت كل من واشنطن ولندن للرياض كضمين للاستقرار الإقليمي. على الرغم من ذلك اندفع ولي العهد بتهور إلى اليمن وشارك في قيادة الحصار الذي فرض على قطر. وكان وراء استقالة رئيس الوزراء اللبناني آنذاك سعد الحريري بشكل غريب أثناء تواجده في الرياض ثم لم يستقل مرة واحدة في لبنان. أما الآن فقد تعهد الملك المستقبلي بالابتعاد عن مرشده السابق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات. وقد أطلع كل الصحفيين على أن الإمارات "طعنتنا في الظهر وسترى ما الذي يمكنني فعله" وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" في خرق يعكس التنافس على المصالح الجيوسياسية والتنافس الاقتصادي والصراع على الذات على ما يبدو.
وهذا أمر محبط للولايات المتحدة التي سعت إلى إصلاح الجسور مع ولي العهد في السنة الماضية في محاولة غير مجدية للحصول على طاقة أرخص. بعد وقت قصير من مقابلته بايدن خفضت أوبك إنتاج النفط بدلاً من تعزيزه وتعزيز بقاء أسعاره مرتفعة في الفترة التي سبقت الانتخابات النصفية للولايات المتحدة. وبحسبما ورد ألقت الإمارات مراراً باللوم على السعودية في هذا القرار وقد أظهر هذا الأمر أنه من الخطأ الاعتماد على الرياض ووقودها الأحفوري.
أشار بعض المحللين إلى أن الأمير محمد تعلم درسه في ضوء رد الفعل الدولي العنيف على مقتل خاشقجي وأنه يسلك مساراً أكثر اعتدالاً. قد يكون هذا الأمر تقديرياً إلى حد كبير لكن النتيجة المنطقية التي يمكن استخلاصها ستكون بالتأكيد أن النفط والمال الكافيين يجلبان الغفران له. إذن هل إدانة الغرب لابن سلمان هي بالفعل تؤدبه وتعيد تأهيله أم أنها فقط تشجعه أكثر على جرائمه بدلاً من ذلك؟