طاهر علوان الزريقي / مرافئ -

نحن في زمن الرعب والقتل والإرهاب ومخاض طويل من القهر والاستلاب تمارسه السينما الأمريكية على العالم أجمع. نحن في الزمن الأمريكي بامتياز، والغاية تكريس بداية جديدة للتاريخ متمثلة بواحدية القوة والسيطرة على العالم يمثلها راعي الأبقار (cow boy) الأمريكي، والعالم أمامه وبين يديه حظيرة فسيحة الأرجاء.
 هناك فظاعة إنسانية يمارسها النظام الإمبريالي، وتعكسها السينما والثقافة الغربية؛ فظاعة قلبت كثيراً من الأفكار والمقاييس والمفاهيم والأخلاقيات، وبؤس اقتصادي متطور إلى الحد الذي باتت فيه الملايين من الشغيلة المستغلين في أنحاء العالم يلهثون بحثاً عمن يستغلهم، وصار يؤلمهم عدم الرغبة في استغلالهم. وتحول حلم البشرية بالتخلص شيئا فشياً من قيود العمل المضنى إلى الحرية والمتعة البشرية من ثقافة وجمال وحرية. الحلم تحول كابوساً في ظل النظام الإمبريالي، تحولت السينما الساحرة التي لونت حياتنا بالمتعة الإنسانية وأخذتنا إلى الخيال وردتنا إلى الواقع. فعلت في الذهنيات ما لم يفعله أي فن آخر، أبكت الناس، أفرحتهم وأحزنتهم، تجاوزت المفاهيم الاستغلالية، روت لنا الحكايات المأخوذة من الأساطير وأدخلتنا في عالم التكنولوجيا الحديثة. وطوال تاريخ السينما لم تتوقف الأعمال الإنسانية المميزة والهادفة، كتلك التي أنجزها شابلن وإيز نشتاين وفيجو وميرنو، والمخرجون الروس العظام أمثال بودفكين وفيرتوف. سينما قدمت نماذج خالدة وأفلاماً قمة في الإبداع الإنساني والابتكار والتكامل الموضوعي والفني والتقني، مثل «آنا كارنينا والإخوة كارامازوف». أفلام تجسد الواقع الإنساني الحياتي هو المعيار الحقيقي لمدى نجاح تلك الأفلام التي تعد عملة نادرة في بلد الرعب والجريمة والانحلال الأخلاقي. وبعيداً عن سينما هوليوود الرعب والخوف والقتل المنظم.
هوليوود تعتمد في أغلب أفلامها على النجومية والإنتاج الضخم في شكله وكلفته؛ أفلام الشباك المربح واستغلال الإنسان حتى في أوقات المتعة والحرية، وتحويل حلم الإنسان إلى كابوس في كف عفريت.