موقع "ميدل إيست أي" البريطاني

اعتقل أحمد البطاطي بعد أن نظم مظاهرة فردية ضد دعم المملكة المتحدة لحرب السعودية في اليمن.
وفي مقطع فيديو تمت مشاركته قبل احتجاجه، قال البطاطي إنه "أقسم على حماية الوطن وخدمته، على ألا يكون جزءا من حكومة فاسدة تواصل تسليح ودعم الإرهاب''.
اعتقلت الشرطة العسكرية الملكية فردا من الجيش البريطاني، يوم الثلاثاء، بسبب احتجاجه الفردي والعلني على مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية في داونينج ستريت بلندن.
أحمد البطاطي، عريف في شيفيلد يبلغ من العمر 21 عاما، أدان الحكومة البريطانية وقال إن "يديها ملطخة بالدماء" لدعمها المستمر للمملكة الخليجية الغنية بالنفط.
وظهر الجندي البريطاني أحمد البطاطي، المولود في اليمن، في مقطع الفيديو المنشور على الإنترنت، واقفا خارج مبنى رئاسة الوزراء بلندن، بزيه العسكري بجانب لوحتين، كتب على إحداهما: "أرفض مواصلة خدمتي العسكرية حتى تُلغى الصفقة مع السعودية"، في إشارة إلى الدعم والذخائر الحربية التي توفرها حكومة بريطانيا للسعودية، والتي تستخدمها في حرب اليمن.
ويشير الزي العسكري الذي يرتديه البطاطي إلى أنه ينتمي إلى فوج الإشارة 14 (الحرب الإلكترونية)، التي توفر معلومات استخباراتية للقوات البرية للجيش البريطاني، وفقا لموقعها على الإنترنت.
تُظهر اللقطات التي نشرتها مجموعة "الوقوف من أجل العدالة"، والتي ساعد البطاطي في إنشائها، القبض عليه واقتياده بعيدا من قبل ثلاثة ضباط من الشرطة العسكرية الملكية.
وبحسب ما ورد، وقف البطاطي في الخارج لمدة تسع ساعات ونصف الساعة، وهو يطلق صافرته كل 10 دقائق ليحدد بشكل رمزي عدد المرات التي يموت فيها طفل في اليمن.
يقول الجندي البطاطي في الفيديو: "هناك طفل يموت كل عشر دقائق في اليمن، لذلك سأقف خارج شارع داونينج، أنفخ صافرة كل عشر دقائق، حتى يصل إلى مسامعهم، في كل مرة يموت فيها طفل، يحدث ذلك بسبب حرب تستمرون في تسليحها ودعمها باليمن".
ويواصل الجندي السرد: "من الواضح أن هذه الحكومة لطخت أيديها بالدماء، بدعم السعودية بالسلاح. هذا ما ينبغي قوله. أرفض مواصلة خدمتي العسكرية، حتى يوضع حد لتجارة الأسلحة مع السعودية".
في حديثه لـ"ميدل إيست آي"، أكد البطاطي أنه تم إطلاق سراحه من المحطة وعاد إلى وحدته.
وقال البطاطي: "لا أعرف حتى الآن ما الذي ينوي الجيش أن يفعله، لكن تم تسريحي من المحطة وتم نقلي إلى وحدتي".
قال جو جلينتون، المحارب القديم بالجيش البريطاني، الذي أُودع السجن لرفضه مواصلة خدمته العسكرية في أفغانستان، إن البطاطي ربما يواجه عقوبة السجن بسبب احتجاجه.
قال جلينتون لموقع "ميدل إيست آي": "من الصعب جدا في هذه المرحلة أن نقول ما يمكن أن يحدث لهذا الشاب، لكنه كسر بعض القواعد الكبيرة من خلال الاحتجاج بالزي العسكري. من الناحية النظرية، يُقصد بالجيش أن يكون غير سياسي، وهناك أشياء معينة لا يمكنك القيام بها بالزي العسكري والتي تربط سياستك بالجيش، مثل الاحتجاج أو التصويت لصالح حزب سياسي".
وفي حديثه عن الدوافع وراء احتجاجه، قال البطاطي لموقع "ميدل إيست آي" إنه اتخذ قراره بناء على "عدم مراعاة" الحكومة البريطانية "تجاه شعب اليمن".
وقال البطاطي: "نحن جنود يخدمون الحكومة، فلماذا أستمر في خدمتي للحكومة التي تواصل إعطاء الأولوية للمال على حساب ضحايا اليمن؟! رسالتي واضحة: أنا أرفض خدمتهم حتى يتخذوا القرارات الصحيحة لإنهاء تجارة الأسلحة غير القانونية مع المملكة السعودية. أنا رجل ذو عقل، لذلك لا أتوقع أو أعتقد أن الحكومة ستفعل الشيء الصائب".
وأضاف: "الدخول في هذا، لم يكن لدي أي توقعات. حتى لو لم ينتشر هذا الفيديو، على الأقل يمكنني القول إنني فعلت الشيء الصحيح وقمت بدوري".
يُظهر مقطع الفيديو، الذي نُشر قبل احتجاجه، البطاطي وهو يناقش الدوافع، قائلا إنه "كان من الممكن أن يقع بسهولة ضحية إحدى تلك الضربات الجوية أو يموت جوعا" إذا كانت عائلته قد بقيت في اليمن.
يقول البطاطي في مقطع الفيديو: "التحقت بالجيش عام 2017 وأقسمت على حماية وخدمة الوطن، على ألا أكون جزءا من حكومة فاسدة تواصل تسليح ودعم الإرهاب. أفضل النوم بهدوء في زنزانة على البقاء صامتا للحصول على راتب".
وقال متحدث عسكري بريطاني إن من المحتمل أن يواجه هذا الجندي محاكمة عسكرية إذا ثبت أنه يخالف القانون العسكري.
وأضاف المتحدث: "نحن على اطلاع على احتجاج سلمي وقع في لندن تورط فيه جندي في الخدمة".
وتابع: "حاليا يتم التحقيق في هذه المسألة من قبل الشرطة العسكرية الملكية، وسيكون من غير الملائم التعليق في هذا الشأن في الوقت الحالي".

استمرار مبيعات الأسلحة للسعودية
على مدى السنوات الخمس الماضية، قادت المملكة السعودية تحالفا عسكريا دوليا ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.
كانت الضربات الجوية للتحالف مسؤولة عن حوالي ثلثي ما يقدر بنحو 11700 حالة وفاة مدنية في الصراع، وفقا للبيانات التي تم جمعها بواسطة مشروع بيانات الأحداث ومكان النزاع المسلح المستقل.
وذكرت محطة "بي بي سي" أن بريطانيا استأنفت في يوليو/ تموز مبيعات الأسلحة إلى السعودية، من دون أي اعتبار لإمكانية استخدامها ضد المدنيين في اليمن. وزعمت الحكومة البريطانية أنه لا يوجد "خطر واضح" لاستخدام الأسلحة البريطانية في جرائم حرب.
كما أكدت الحكومة في يوليو/ تموز أن وزارة الدفاع سجلت أكثر من 500 حادثة انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي في اليمن.
في العام الماضي، أوقفت الحكومة البريطانية مبيعات الأسلحة للسعودية بعد أن قضت محكمة بريطانية بأنها بحاجة إلى تقييم ما إذا كانت الحكومة السعودية قد انتهكت القانون الدولي أثناء حملتها العسكرية في اليمن.
ومع ذلك، تم رفع الحظر بعد أن وجدت الحكومة البريطانية عدم وجود "نمط" للغارات الجوية السعودية التي تنتهك القانون الدولي.
لا تزال الرياض أكبر زبون للأسلحة البريطانية، وقد اشترت طائرات مقاتلة من طراز تايفون وتورنيدو، بالإضافة إلى قنابل دقيقة التوجيه.
تشير البيانات التي جمعتها الحملة ضد تجارة الأسلحة إلى أن المملكة المتحدة قد رخصت ما قيمته 6.3 مليار جنيه استرليني من الأسلحة للسعودية في السنوات الأربع الأولى من التدخل العسكري للرياض في اليمن.


الموقع "بوست"
26 أغسطس/ آب 2020