أنس القاضي / مرافئ لا -

مقولة يومية وتعميم يتردد على ألسن القوى العلمانية في بلادنا، في سياق تحليل الأوضاع الراهنة. تُطلق هذه المقولة كتعبير عن موقف سياسي يتبناه العلمانيون اليمنيون كاليساريين والليبراليين أو من يدعون أنهم أحزاب وسطية عقيدتها الإسلام ومشكلتها مع قوى الإسلام السياسي ومع الحركات الإسلامية المسلحة، كما يفترض المؤتمر الشعبي العام والتنظيم الوحدوي الناصري.
تشمل هذه المقولة أنصار الله مع الإخوان و«القاعدة» و«داعش»، ففي نظر من يرددونها فكل هذه القوى والحركات والتوجهات هي واحدة لا فرق بينها، لأن جميعها تنطلق من جوهر ثابت هو الدين الإسلامي.
وفقاً للمنطق الصوري، فهذا التعميم صائب، لكن خاطئ إذا ما تناولناه وفقاً للمنطق الجدلي، وإذا ما وضعنا هي في ضوء الواقع والتاريخ.
الافتراض بأن كل الجماعات الإسلامية مثل بعض لأنها إسلامية، افتراض خاطئ، لأن الخطاب الإسلامي من بعد وفاة رسول الله لم يكن يوماً خطاباً واحداً، فعلى الصعيد الفكري ليس الإسلام واحداً، وعلى الصعيد السياسي لم يكن الإسلام جماعة وفرقة، ففي طبيعة الأمر وفي مجرى التاريخ ظهرت ثلاثة أشكال للدين الإسلامي: دين السُّلطان المبرر للظلم، ودين الشعب المعبر عن مصالح المستضعفين، ودين من يفترضون وجود الحياد في تناقض السلطة والشعب المسلم.
حين ظهرت الفلسفات والمذاهب والأفكار الإسلامية المختلفة إنما كانت تعبيراً عن هذا الانقسام الإسلامي، فأصحاب كل توجه دافعوا عن موقفهم بفلسفة معينة وبتأويلات نصوص معينة تؤيد فهمهم الديني.
في الواقع التاريخي الراهن في اليمن، لا يُمكن القول بتماثل التوجهات الإسلامية الحركية، فهناك تناقض حاد ما بين خطاب أنصار الله القرآني المعبر عن مصالح المستضعفين وما بين خطاب الوهابية والإخوان وداعش المعبر عن مصالح السُّلطان الذي يجوز له -بفهمهم- أن يقصم ظهرك، وفي المجرى الواقع التاريخي الراهن فكل هذه القوى الإسلامية المسلحة لا يُمكن القول بتماثل سلوكها وتعاملها مع الخصم والمجتمع، فهناك فرق بين من يسلخ ويذبح ويكفر وبين من يطعم الأسير ويداوي الجريح ويدعو للتوحد ضد التهديدات التي تعرضت لها الشعوب الإسلامية.
في الواقع السياسي قتال الإخوان و«القاعدة» و«داعش» يذهب في مصالح الاستعمار والعدوان الأجنبي، فيما ينصب قتال أنصار الله في المصلحة الوطنية اليمنية والعربية الإسلامية ضد الاستعمار الإمبريالي الصهيوني، وفي 2011 وكذلك في 2014 ظهر الإخوان والوهابيون ضد التغيير الاجتماعي باعتبارهم جزءاً من السلطة، فيما وقف أنصار الله مع الثورة.