ترجمة خاصة عن الألمانية - نشوان دماج / لا ميديا -

في حين لا يزال العالم مصدوماً من انطباعاته عن بيروت وموريشيوس، تحذر المزيد والمزيد من الأصوات من كارثة يمكن أن تحدثها ناقلة النفط صافر قبالة الساحل اليمني. ومع ذلك، فإن المطالب تتأجل، والكارثة المحتملة يتم تسييسها منذ فترة طويلة.
وفي حين أن أكبر كارثة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، يبدو أنها أصبحت مجرد ملاحظة هامشية في وسائل الإعلام، رغم أن الأمطار الغزيرة وحدها تسببت في مقتل ما يقرب من عدد قتلى الانفجار المدمر في بيروت، فإن قضية إيجاد حل آمن لناقلة النفط صافر لم تطرح في الواجهة إلا منذ عدة أسابيع.
وينصب تركيز مفاوضات السلام الجارية حاليًا على ناقلة النفط، العائمة منذ سنوات قبالة ساحل محافظة الحديدة غرب اليمن، والتي نظراً لانعدام الصيانة تنطوي على احتمالية حدوث كارثة هائلة، وهي مشكلة، وفقًا للأمم المتحدة، لا ينبغي تسييسها. لكن هذا هو الحال منذ فترة طويلة.
في يونيو/حزيران، دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحوثيين إلى "السماح بوصول فوري غير مشروط لخبراء الأمم المتحدة الفنيين لتقييم حالة الناقلة، وإجراء جميع الإصلاحات العاجلة الممكنة وتقديم توصيات لاستخراج النفط بشكل آمن".
وفي منتصف أغسطس/آب، أصدر مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن تحذيراً بخصوص الانفجار المأساوي في بيروت والتسرب النفطي المقلق في موريشيوس، وضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لمنع خسائر في الأرواح وسبل العيش يمكن تجنبها كلما أمكن ذلك. هذا الأسبوع أيضاً، كانت الناقلة موضوعًا على أعلى مستوى دولي مع التركيز على اليمن.
في الواقع، فإن الأنظمة البيئية للبحر الأحمر معرضة للخطر هي أيضاً، وهي التي يعتمد عليها ما يقرب من مليون شخص في كل من اليمن وبقية الدول المحيطة. وستلقي بعواقبها على الموانئ المهمة في البلاد، والتي تعتمد على الواردات والشحن، في واحد من طرق التجارة العالمية.
كما أن دعوات دول الخليج المتورطة في الحرب إلى جانب التحالف السعودي، أو وسائل إعلامها، بدت أكثر إلحاحًا.
فعلى سبيل المثال، ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنه "في لقاء مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، أكد السفير السعودي لدى اليمن، محمد الجابر، على الحاجة الماسة لوجود خبراء للوصول إلى الناقلة".
وبدوره، أصدر مركز الأبحاث الأمريكي سيئ السمعة "أتلانتيك كاونسل"، تحذيراته، العام الماضي، وأعلن أن الناقلة بمثابة "قنبلة عائمة". العقيد تركي المالكي، المتحدث باسم «التحالف العربي» ضد الحوثيين، هو أيضاً حذر من أن الناقلة صافر تشكل تهديداً خطيراً على البحر الأحمر.
الحوثيون أنفسهم، والذين يسيطرون حالياً على أجزاء كبيرة من البلاد والمنطقة المحيطة بالناقلة، حذروا منذ فترة طويلة من هذه الكارثة، وراحوا يطلبون مساعدة فشلت في نهاية الأمر بسبب "العدوان السعودي".
وعليه، تم منح مهندسي الأمم المتحدة حق الوصول من قبل الحوثيين. غير أنه، كما أوضح أحمد عبد الله دارس، وزير الطاقة لدى الحوثيين، في مقابلة مع (ARD) "في كل مرة يحاول فريق منا الوصول إلى الناقلة، تظهر مقاتلات سعودية وتهاجمنا. وهذه مشكلة كبيرة".
محمد الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا للحوثيين، حذر في 22 أبريل/ نيسان الماضي، على صفحته في "تويتر"، من الأخطار البيئية والحركة البحرية التي تشكلها صافر.
وفي 30 أبريل/ نيسان، كتب، بحسب الموقع الإخباري الإماراتي "ذا ناشيونال": "نحث الأمم المتحدة ومجلس الأمن على وضع آلية لبيع النفط الخام اليمني، بما في ذلك النفط الموجود في الصافر".
وبناءً عليه، فإن بيع النفط بالنسبة للحوثيين هو من أجل استخدام قيمته في استيراد الوقود ودفع الرواتب العامة.
هذا الأسبوع، أعلنت شركة النفط اليمنية (YPC) أن التحالف الذي تقوده السعودية يسيطر على 19 سفينة مشتقات نفطية بما فيها 15 سفينة محملة بأكثر من 371 ألف طن من مادتي البنزين والديزل، بعضها تصل مدة الاحتجاز غير القانوني إلى 142 يوماً. وقالت الشركة في بيان صدر الثلاثاء إن الكميات المفرج عنها تمثل 15% من إجمالي احتياجات اليمن من الديزل و25% من احتياجات البنزين.
وتقدر قيمة الحمولة على متن الناقلة صافر بحوالي 80 مليون دولار. ويعاني اليمن من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي يمكن أن يكون قاتلاً للمستشفيات، ولم يتم دفع رواتب موظفي القطاع العام منذ شهور.
قبل عودة الموضوع إلى جدول أعمال مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع، قال نائب وزير الخارجية الحوثي، حسين العزي، إن جملة من الجهود لتأمين الناقلة مستمرة منذ فترة طويلة، منذ عام 2016، عندما كانت السفينة لا تزال في حالة جيدة، وكان هناك حاجة فقط إلى بعض المعدات للصيانة، وهو ما رفضه التحالف الذي تقوده السعودية.
وذكر العزي، خلال مؤتمر صحفي، أنه بعد ثلاث سنوات من التردد وافقت الأمم المتحدة على إرسال فريق الصيانة، الذي كان من المفترض أن يصل في أغسطس 2019.
"غير أن الأمم المتحدة فشلت في تنفيذ الاتفاقية، رغم إصدار تأشيرة دخول للفريق. فأبدت صنعاء حذرها من تغيير الأمم المتحدة دور الفريق من صيانة إلى تصرف، وهو ما رفضته صنعاء. ونظراً للمساعي التي قامت بها صنعاء والتواصل مع مسؤول الأمم المتحدة، اعترف المبعوث الأممي بحدوث فجوة خطيرة في مهمة الفريق".
المتحدث باسم حركة أنصار الله (الحوثيين)، محمد عبد السلام، أكد في أغسطس/ آب استمرار تجاهل الطلبات المتكررة لصيانة الناقلة وإصلاحها، وأن ناقلة النفط منذ بدء العدوان السعودي نفد وقودها للقيام بإجراءات الأمن والصيانة الخاصة به. علاوة على ذلك، وبسبب تغاضيها عن سنوات العدوان والحصار السعودي على اليمن، وكذلك إزالة السعودية من قائمة قتلة الأطفال، فإن الأمم المتحدة ليست في وضع يمكنها من التحدث علناً عن المظالم الإنسانية.
وبحسب العديد من المنظمات الإنسانية الناشطة في اليمن، هناك أيضاً تزايد في غارات التحالف الذي تقوده السعودية، لا تزال تحصد ضحايا مدنيين، وتزيد بشكل متعمد على ما يبدو من تعميق جميع المشاكل الموجودة في السابق، مثل المجاعة التي قد يموت على إثرها هذا العام ما يقرب من مليونين ونصف مليون طفل، والأمراض المتفاقمة التي يمكن الوقاية منها إلى حد كبير في ظل ظروف أخرى، وكذا مشاكل البنية التحتية.
على سبيل المثال، تحدثت منظمة عن غارات جوية في يوليو/ تموز، قتل فيها كالعادة أطفال ونساء، ما لا يقل عن 17 قتلوا في غضون أربعة أيام فقط إثر غارتين. وهذا يعكس تنامي العنف مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين، لاسيما من خلال غارات التحالف بقيادة السعودية. فما بين شهري مايو ويونيو من هذا العام وحده، تضاعف عدد الضحايا المدنيين ثلاث مرات؛ في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، ارتفع معدل غارات التحالف بقيادة السعودية والإمارات بنحو 140%، مقارنة بالنصف الأخير من عام 2019.
المدير القطري لمنظمة (Save the Children)، كزافيير جوبيرت، تحدث عقب الغارات الجوية في يوليو: "نشعر بالفزع لسماع أن غالبية القتلى خلال هذه الأيام هم من الأطفال. إن الأطفال اليمنيون يدفعون حياتهم في حرب ليسوا مشاركين فيها على الإطلاق، مما يترك عائلات مشردة مع استمرار الضربات الجوية في استهداف المدنيين بشكل عشوائي".
بيان مشابه أصدرته منظمة أوكسفام مؤخراً، مؤكدة أن البنية التحتية الطبية والمائية، من مستشفيات وعيادات وسيارات إسعاف ومنشآت مياه، وغيرها من المؤسسات المدنية المتضررة، تعرضت للقصف ما يقرب من 200 مرة منذ تصاعد الصراع قبل أكثر من 5 سنوات، أي ما يعادل غارة جوية واحدة في كل 10 أيام.
غير أن العزي شدد على أن القضية الحالية ليست الإدانة، وإنما منع وقوع كارثة، حيث قال نائب وزير الخارجية في موجز صحفي: 
"لسنا معنيين بتوزيع اللوم في هذه المرحلة. أولويتنا هي تجنب كارثة بيئية كبيرة. يجب على الأمم المتحدة التوقف عن إضاعة الوقت، والبدء على الفور بعملية التفتيش وإصلاح ناقلة النفط صافر". 
واعتبر منشور للحكومة اليمنية المخلوعة على "تويتر"، يوم الثلاثاء، قضية الناقلات رفيعة المستوى بمثابة فرصة لإدانة الحوثيين، داعياً المجتمع الدولي إلى "عدم السماح باختطاف ناقلة النفط هذه من قبل المليشيات المسلحة التي تستهدف اليمن والمنطقة وتهدد العالم".
على الرغم من الدوافع الإنسانية المفترضة لذلك المنشور، إلا أنه قوبل باعتراض وسخرية أحياناً من قبل مستخدمي المنصة. حيث نشر رسام كاريكاتير يمني صورة دون تعليق لشخصيات مسلحة تتبع أثر الدماء، بما في ذلك الأمم المتحدة.

21 أغسطس 2020 
الموقع: DEUTSCH.RT