آر. تي. الألمانية
ترجمة خاصة عن الألمانية :نشوان دماج / لا ميديا -

القليل فقط من آثار أزمة كورونا شعرت به صناعة الأسلحة في الولايات المتحدة. ففي حين تم فصل ملايين الأشخاص، ها هي ذي شركات مثل Raytheon تبحث لها عن موظفين جدد، حيث إن الحرب على اليمن بقيادة السعودية تضمن بقاء سجلات طلباتها ممتلئة.
كما أن مدى مسببات مرض سارس- CoV-2 وصل بدوره إلى البلد الذي عانى طويلا في الطرف الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية. حتى قبل ذلك، أدت غارات التحالف بقيادة بني سعود إلى الموت والدمار. لكن على العكس من ليبيا، فإن الكارثة الإنسانية التي أحدثتها تلك الغارات لم يعرها المجتمع الدولي مسمعا. فلقد كان في حالة صمم عندما كانت مقاتلات التحالف العربي تمطر صواريخها على حفلات الزفاف أو صالات العزاء.
كان الدور المخزي لتحالف الحرب، ولاسيما دور الولايات المتحدة وبريطانيا، موضع انتقادات متكررة من بعض المنظمات، بل في برلماناتهما المعنية. لقد كانوا يعرفون جيداً أن الحرب كان لها أن تنتهي منذ فترة طويلة، بدون المليارات في مبيعات شركات مثل BAE Systems أو General Dynamics أو Boeing أو Raytheon أو Rheinmetall.
وبما أن مبيعات الأسلحة تتم فقط من خلال الموافقات الحكومية، فقد كان بوسع وزارة الخارجية الأمريكية، على سبيل المثال، وقف إراقة الدماء في اليمن. في يونيو 2017، كان لمجلس الشيوخ أن يصوت ضد مبيعات بقيمة نصف مليار دولار من الذخيرة ذات التصويب الدقيق إلى السعودية. ثم بعد نقاش حاد، صوّت 53 سيناتوراً لصالح الصفقة، و47 ضدها.
بعد عام، حاول أعضاء مجلس الشيوخ المؤثرون، مثل ليندسي غراهام، إصدار قرار لإجبار الحكومة الأمريكية على إعادة التفكير في موقفها من الرياض. قال جراهام حينها: "لقد غيرت رأيي، لأنني غاضب. إن طريقة تعامل الحكومة مع الحدث في السعودية أمر غير مقبول".
إنه يشعر "بالخيانة الكاملة" من قبل السعودية، هكذا قال غراهام عقب مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول. وبالتالي، حسب غراهام، حان الوقت لإرسال رسالة إلى الرياض. عرف الجميع ما الذي كان يعنيه. ودقت أجراس الإنذار بالنسبة لبيتر نافارو -أحد المستشارين الشخصيين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في القضايا الاقتصادية، والذي يتمتع بأفضل العلاقات مع صناعة السلاح.
إن ما تم كشفه حالياً من قبل صحيفة "نيويورك تايمز"، كان هو قد كتب عنه في مذكرة إلى صهر ترامب، جاريد كوشنر، وكبار المسؤولين الحكوميين الآخرين في البيت الأبيض. لم يكن العنوان واضحاً: "مبيعات ترامب للأسلحة في الشرق الأوسط في خطر شديد، وهناك خسارة وشيكة في فرص العمل".
وأن ينتهج نافارو تلك النغمة الموحية بالخطر، فأمر لم يكن من قبيل الصدفة. فلقد كان واقعاً في إسار جماعات الضغط من شركات الأسلحة، والتي كان مارك إسبر بواسطة شركة رايثيون، أحد أعضائها حتى عام 2017، قبل أن يُحضره ترامب إلى وزارة الدفاع. كانت استراتيجيتهم بسيطة: يجب أن يكون واضحاً للرئيس الأمريكي أن وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية يشكل خطورة على فرص العمل التي أراد في الواقع أن يوجدها.
كان تدخل نافارو في البيت الأبيض فعالاً. فعلى الرغم من الانتقادات المتزايدة للسعودية في أروقة الكونغرس، قال ترامب بعد مقتل خاشقجي في مقابلة تلفزيونية مع "فوكس بيزنس": لقد أسسنا اقتصاداً مذهلاً. أريد من بوينج ومن لوكهيد ومن رايثيون أن تقبل تلك الطلبات وتقوم بتوظيف الكثير من الناس لصنع هذه المعدات المذهلة.
وأن يكون هناك إلى جانب تلك "المعدات المذهلة" مسؤولية أيضا، فذاك ما أوضحه النائب والمسؤول السابق لحقوق الإنسان في إدارة باراك أوباما، توم مالينوفسكي، قائلا لصحيفة "نيويورك تايمز": "الناس ينظرون إلينا". لذا، انتقد مالينوفسكي سياسة دونالد ترامب الخارجية بالقول: "يبدو أنه يرى السياسة الخارجية كما كان يرى العقارات: كل بلد هو بمثابة شركة، ومهمتنا هي كسب المال".
صحيح أن هذا النقد لسياسة ترامب من قبل المدافع السابق عن حقوق الإنسان، له ما يبرره، لكنه يتجاهل حقيقة أن أوباما هو الذي دعم السعودية في عدوانها على اليمن منذ البداية، أو أنه عندما قام الناتو بتدمير ليبيا، واتسعت بشكل كبير حرب الطائرات بدون طيار، كان ذلك في عهد أوباما. إن ترامب فقط أكثر مصداقية حين يشدد على أن فرص العمل للأمريكيين أكثر أهمية بالنسبة له من القلق بشأن استخدام السعودية لـ"المعدات المذهلة". ويصدق هذا أكثر فأكثر في أوقات أزمة كورونا، حيث فقد ملايين الأشخاص وظائفهم بسبب الانكماش الاقتصادي.

19 مايو 2020
https://deutsch.rt.com