ترجمة خاصة:#زينب_صلاح_الدين  / #لا_ميديا -

أستاذ العلوم السياسية كولن كافيل يقول إن ما هدأ الحرب السعودية مؤقتاً على اليمن هو هزائم التحالف على الأرض، التي رافقها ارتباك سياسي بين قادة التحالف. 
في مقابلة مع وكالة الأنباء مهر تحدث كولن كافيل -أستاذ العلوم السياسية في كلية بلوفيلد الحكومية في بلوفيلد غرب فيرجينيا- عن آخر التطورات في اليمن. 
إليكم النص الكامل للمقابلة:
 تشير التقارير إلى أن السعودية قد خففت لهجتها تجاه القوات اليمنية، هل هذا هو نتيجة لهزائمها على الأرض أو الضغط من قبل الدول الأخرى؟
- الهزائم التكتيكية على الأرض مع الاقتتال الداخلي والارتباك السياسي قد هدأت بشكل مؤقت الحرب السعودية على اليمن، في حين أن المعتدي يعيد تشكيل قواته. كانت حركة الكماشة السعودية الإماراتية على وشك تقسيم اليمن والسماح للقوات من الجنوب والشمال بإجبار الشعب اليمني على الخضوع. وعندما كان يتم إنشاء ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب في أبريل 2017، تابعت السعودية ضرباتها على اليمن من الشمال، وهذا ما فعلوه منذ بداية هذه الحرب في مارس 2015. لم تكن تجدي حركة الكماشة نفعاً بل تعيق حربها على الشعب اليمني الذي تقوده حركة التحرير الحوثية. وهكذا في الآونة الأخيرة في 5 نوفمبر 2019 وقع المجلس الانتقالي الجنوبي على اتفاق في الرياض كي يتحد مع الرئيس المقيم في السعودية عبد ربه منصور هادي. 
ومع إعادة دمج القوات الموالية للرياض بالإضافة إلى الدعم الأمريكي المستمر لقواتها العسكرية في الخليج الفارسي والمنطقة المحيطة وكذلك الحملة الرئاسية الأمريكية القادمة في العام 2020، ينبغي أن نتوقع ضربات كبيرة جديدة لقوات هادي التابعة للنظام السعودي في السنة الجديدة، وإن كانت القوات السعودية ستواصل قصفها الجوي العشوائي على اليمن بالإضافة إلى اعتقالاتهم التعسفية والتعذيب والإخفاءات المتعمدة لليمنيين في هذه الأثناء. 

رغم التقارير التي تتحدث عن المفاوضات التي تجري من خلف الكواليس وعن آفاق السلام؛ لا تزال السعودية تشن الهجمات في حربها التي دمرت البلد. كيف تقيم هذه التطورات؟
- لقد تعرض المعتدون: السعودية والإمارات، لهجمات لا يستهان بها في 12 مايو 2019 عندما وُضِعت مواد متفجرة في أربع سفن كانت راسية قبالة ساحل الفجيرة في خليج عمان. وبينما اتهمت الولايات المتحدة إيران بتلك التفجيرات فإنه لا يوجد دليل حتى الآن على مصادر هذه التفجيرات بشكل قطعي. ومع ذلك في 14 سبتمبر 2019 تسببت ضربات طائرات بلا طيار بخفض أكثر من نصف إنتاج المملكة من النفط في منشأتيها البقيق والخريص. ويساوي الإنتاج العالمي للمملكة ما يقارب 5% من المخزون العالمي أو حوالي 5.7 مليون برميل في اليوم، لذا كان ذلك بمثابة دعوة للمملكة السعودية وحلفائها الإمبرياليين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى اليقظة، حيث أن تلك الهجمات قد أظهرت ضعف المنشآت النفطية السعودية أمام الهجمات التحررية اليمنية. وعلى الرغم من أن حركة التحرير اليمنية تدعي مسؤوليتها عن تلك الهجمات، إلا أن وزير الخارجية مايك بومبيو يتهم إيران، بينما نفت إيران ذلك. ومع انكشاف ضعف الدفاعات السعودية المحيطة بمنشآتها النفطية، اضطر ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي محمد بن سلمان إلى أن يكبح انقضاضه العنيف على اليمن حتى يتمكن هو والرعاة الإمبرياليون للمملكة السعودية من ابتكار استراتيجية للتعامل مع هذه التطورات. 

مضى على هذه الحرب المهلكة خمسة أعوام، حيث تشير التقارير إلى وجود أزمة إنسانية عميقة ومثيرة للقلق في اليمن، فالملايين من المدنيين على حافة المجاعة، حتى أن الأمم المتحدة وصفت الوضع بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ومع كل هذا لا يزال التحالف بقيادة السعودية يفرض حصاراً يعرقل وصول المساعدات الإنسانية. لماذا إذن يبقى العالم صامتاً إزاء ما يجري في اليمن؟
- في فبراير 2019 أعلنت الأمم المتحدة أن الحرب في اليمن هي أسوأ أزمة إنسانية في العالم بما أن حوالي 80% من السكان أو حوالي 24 من عدد السكان الإجمالي 28 مليوناً يحتاجون إلى الغذاء والدواء والحماية الأمنية، ويواجهون مجاعة واسعة النطاق بسبب الحصار السعودي لميناء الحديدة، وهو حصار مسنود بالدعم الأمريكي، نجم عنه أسوأ انتشار للكوليرا في سجل التاريخ وحرم ملايين الأطفال اليمنيين من التعليم والرعاية الصحية والأمن، وهذا الوضع يعد أزمة دولية يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حريق عالمي. تعتمد القوتان الإمبرياليتان: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على أساس هرمي يعكس قوة الفرد وثروته، بمعنى أن الطبقات الحاكمة لهذين النظامين تبقي على السلطة طالما فقط أنهما يخضعان الآخرين بها، لاسيما البلدان التي توفر المواد الخام والموارد الطبيعية والمواد الأخرى التي تعتبر أساسية. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه البلدان تكون قادرة على الإفلات من العقوبات بجرائمها الدولية والجرائم ضد الإنسانية أو ببساطة السرقة والرشوة والقتل والإبادة الجماعية ما دامت تبقي على أعمالها في السر أو مبهمة أمام شعوبها. ومع ذلك في الولايات المتحدة على سبيل المثال قلة من الناس يعرفون عن المملكة السعودية أو يعرفون أنها أحد حلفاء أمريكا الأقرب، وأقل بكثير منهم يعرفون حتى بوجود دولة اسمها اليمن. ومع السيطرة على كل وسائل الإعلام تستطيع الدولة أن تختار المعلومة التي ستقدمها لعامتها وكيفية تصويرها للناس وكذلك توجيه الشعب في شعوره حيال وضع ما وشعب ما ودولة ما... إلخ. وفي أوقات معينة، نظراً لأن الولايات المتحدة متحالفة مع دولة السعودية الملكية، سوف تهتم حينها، بما أنها لا تهتم بما إذا كانت المملكة منخرطة في نشاط إجرامي، أو ستتجاوز أو تتجاهل أي أخطاء أو جرائم، كقتل الصحفي جمال خاشقجي أو الحرب على اليمن أو تعاملها المريض مع مجتمعها من النساء... إلخ وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها السعودية. في المقابل، ستقوم العائلة المالكة السعودية -التي تعتمد على حماتها الإمبرياليين كي تبقى في السلطة وكي تبقى حية- ببيع موارد المملكة بسعر مخفض للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفائهما المتنوعين، بكل رضا وسرور، بينما تلعب كملحق لآلة الحرب الإمبريالية الغربية. وبالتالي، وحدهم المتخصصون والمراقبون المهتمون قادرون على إفادة أنفسهم بحقيقة ما يجري في اليمن، ولكن هم أيضاً خاضعون للحرس والبوابين الإمبرياليين. 

  كيف ترى مستقبل سياسات اليمن بعد عقد سلام محتمل؟
- الولايات المتحدة والمملكة المتحدة داخلياً ليستا متحدتين تماماً هذه الأيام. وعلى الرغم من أن قادة كلا البلدين يتشاركون مصالح جماعية، فإن النخب الحاكمة للبلدين تشن حرباً على شعبيهما في الداخل. فبريطانيا منقسمة بشدة حول ما إذا كانت ستبقى منفصلة عن القارة الأوروبية أو جزءاً منها، مع أن الطبقة البريطانية الرأسمالية ستدفع بقوة نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتواجه الولايات المتحدة محاكمة عزل رئيسها. كما تواجه كلتا الدولتين عدداً من الصعوبات الاقتصادية التي لم يتم إلقاء الضوء عليها من قبل الإعلام التابع لهما. وبالطبع كلا البلدين في حالة حرب في الشرق الأوسط وفي مكان آخر من العالم، في محاولة للاحتفاظ بحقول سيطرتهم الإمبريالية. والحرب في اليمن هي حرب يشنها أحد تابعيها الرئيسيين (السعودية) بهدف إبقاء الهيمنة على المنطقة. بالنظر إلى العلاقة المتبادلة الحالية بين القوتين في منطقة الشرق الأوسط وكذلك على المستوى الدولي، لا أعتقد أن هذا الصراع سوف يحل نفسه بسلام مؤقت أو وقف للعنف من قبل الأطراف المتحاربة. بدلاً من ذلك، يعد الصراع مقدمة أو مؤشراً إلى أن المتحاربين المباشرين هم فقط وكلاء لكيانات أكبر لديها مصالح ومطالب قابلة للتوافق. وعلى هذا النحو، سوف تستمر الحرب المباشرة في اليمن كما هي إلى أجل غير مسمى طالما يتم الحفاظ على التوازن بين وسط القوى العظمى المتنافسة. مع ذلك في الوقت الذي يتم فيه خلق هذا المأزق، قد ينحسر أو يتدفق هيكل القوى المتعددة في اليمن وتنظيماتها وتوزيعها على الأرض معتمداً على عدد من القرارات الذاتية التي يتم اتخاذها. 


* قابله محمد علي حقشناس.
حوار في وكالة أنباء إيرانية مع أستاذ كولن كافيل من فرجينيا
21 ديسمبر 2019
وكالة الأنباء مهر الإيرانية - طهران