توماس باني -
ترجمة خاصة - #لا_ميديا / نشوان دماج

الشخص الذي كان من المفترض تأهيله كطيار, يقوم بقتل ثلاثة أشخاص. ما يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم تصنيف ذلك كعمل إرهابي.
من الناحية السياسية، يعد الهجوم الذي قام به طالب الطيران السعودي على قاعدة البحرية الأمريكية في ولاية فلوريدا أمرا حساسا؛ وذلك لأن عددا من الأمور بين السعودية والولايات المتحدة أخذت بقوة منحى خاطئا في العلاقة بين الإرهابيين والطلبة الطيارين السعوديين، ولأن حكومتي البلدين بذلتا في الماضي كل جهد ممكن للتخفيف من أهمية تورط السعودية في أعمال إرهابية ضد الولايات المتحدة.
لم يتضح بعد ما إذا كان تصرف الرجل الذي عُرف بأنه محمد سعيد الشمراني قد تم تصنيفه عملاً إرهابياً. فالرجل الذي كان ضابطا في سلاح الجو السعودي قُتِل برصاص نائب عميد الكلية. وكان قبلها، أي صباح الجمعة، قد أطلق النار من مسدس "جلوك" على عدة أشخاص في القاعدة الجوية البحرية في بينساكولا، فأودى بحياة ثلاثة أشخاص وجرح ثمانية، حسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أمس السبت.
وما تثيره القضية من ارتباطات يشير إلى أن أي تصحيح رسمي للوضع كان ضروريا. فعلى الرغم من أن أربعة من خاطفي الطائرات السعوديين في الحادي عشر من سبتمبر 2001، وهم: (سعيد الغامدي وأحمد الغامدي وحمزة الغامدي وأحمد النامي) كان لديهم عنوان سكن في القاعدة الجوية البحرية في بينساكولا -إلا أنهم "لم يتدربوا" هناك، بحسب تأكيد المتحدث باسم البحرية رون فلاندرز. كانت مجلة نيوزويك قد أشارت في مقال لها في 14 سبتمبر 2001 إلى العنوان السكني المفضي إلى معلومات ما. ولو أن هذا المقال يشهد إحياءً ما في الوقت الحالي، فإنه سيوضح أجواء الصدى التي تعود إلى جريمة الأمس.
لا جدال في أن المشتبه به الرئيسي، الشمراني، تم تدريبه في كلية القاعدة البحرية للطيران المرموقة ("مهد البحرية الأمريكية للطيران"). حيث كان قد بدأ تدريبه التجريبي في أغسطس من العام الماضي، وكان من المفترض أن ينتهي في أغسطس من العام المقبل. أما لماذا قام الشمراني، صباح يوم الجمعة، بفتح النار من مسدسه المشحون (نوع "جلوك 45") في قاعة التدريب، فلا يزال أمرا قيد التحقيق.

البحث عن الدافع
في سياق البحث عن الدوافع، أوردت وسائل الإعلام الأمريكية بيانا على الإنترنت يذكر أن ذلك ينم عن كراهية ما تجاه الولايات المتحدة، كما أنه يعني الدفع بوجود القوات الأمريكية في السعودية إلى اللعبة. فلقد تبين أن ذلك "الاحتلال" الأمريكي لبلد الحرمين كان شائنا بالنسبة لأسامة بن لادن في المرحلة التي سبقت الحادي عشر من سبتمبر.
ومسألة أن القوات الأمريكية في السعودية يمكن أن تكون مصدر قلق واستياء في أوساط المتشددين أفضت في السنوات الأخيرة إلى أن كلا البلدين، الولايات المتحدة والسعودية، حرصاً على عدم تسريب، ولو لأي رقم ضئيل، عن تواجد الجنود الأمريكيين في المملكة إلى العلن.
غير أن تلك القاعدة السياسية شهدت تراخيا منذ وقت ليس ببعيد.  حيث كانت معلومات داخلية مزعومة لصحيفة وول ستريت جورنال قد أعادت إلى السطح الحديث عن الجنود الأمريكيين في الشرق الأوسط. وبحسب تلك المعلومات، فإن وزارة الدفاع الأمريكية كانت تعتزم إرسال 14000 جندي إضافي إلى المنطقة لحماية دول صديقة كالسعودية من إيران. غير أن البنتاغون أنكر أنه تم اتخاذ قرار بذلك الشأن، إنما لم ينكر أن هناك اعتبارات من هذا القبيل.
في الحقيقة، لم يتم التأكد بعد مما إذا كانت الكراهية تجاه القوات الأمريكية في السعودية هي أحد الدوافع التي أفضت بمحمد سعيد الشمراني إلى ارتكاب حمام دم في قاعدة البحرية الأمريكية في فلوريدا. كما أن علاقته بالبيان المنشور باسمه على "تويتر" أمر لم يتم التحقق منه بعد.

أجراس نذر في الرياض وواشنطن
لم يكن ينبغي لأصوات أجراس الإنذار التي دوت في كل الرياض وواشنطن أن تُسمع، فتم اتخاذ إجراءات تطمينية فورية بشأنها. حيث سارع العاهل السعودي سلمان إلى الاتصال بالرئيس الأمريكي ترامب لتعزيته، والنأي بنفسه عن أي أعمال قتل يقوم بها رعاياه وواعدا بالمساعدة في تقديم المعلومات.
وإذا أخذنا التعاون المعلوماتي السعودي في قضية مقتل جمال خاشقجي، وردود الفعل الأمريكية إزاءه، كمعيار، فلا يمكن للرأي العام أن ينتظر شيئا من هكذا تصريحات. حيث من المرجح أن يكون حادث القتل في القاعدة الجوية البحرية في بينساكولا ذا مضمون سياسي.
إن مثل هكذا توترات بين الولايات المتحدة والسعودية على المستوى السياسي العام أمر غير مرحب به على الإطلاق، وهو ما تؤكده كافة خطوط الالتقاء بين الحادي عشر من سبتمبر والمملكة (انظر، على سبيل المثال، الدعوى المدنية المقدمة ضد السعودية: اتهامات جديدة بدعم هجمات الحادي عشر من سبتمبر).
في الوقت الحالي، تتركز تقارير وسائل الإعلام الأمريكية على مسألة التحقيق مع -"فحص"- الطلبة الطيارين وعلى نقاط الضعف الأمنية المحتملة. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، ليس ثمة حتى الآن من صلات بين هجوم بينساكولا و"الإرهاب الدولي".
ووفقا للصحيفة، تم إلقاء القبض عقب الهجوم الناري على ستة سعوديين. ثلاثة تم رصدهم من خلال الكاميرا، حيث زُعم أنهم قاموا بتصوير الحادث كاملا.



07 ديسمبر 2019
الموقع: TELEPOLIS