ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين-

آري إيجوزي *
حتى مع تصاعد خلافات الشرق الأوسط، ومع الغارات على سوريا التي شنت في نهاية الأسبوع الماضي، وتجاوز إيران القيود الدولية لتخصيب اليورانيوم، كل ذلك يرى فيه مدير الموساد فرصة تاريخية للسلام. لماذا؟ لأن التصعيد الإيراني للعنف -لاسيما الهجمات على خط الحياة الاقتصادي لجيرانها (صادرات النفط)- قد دفع بالممالك العربية السنية-العدو القديم للثوار الشيعة الفرس -نحو اتحاد حقيقي مع إسرائيل. 
قال قائد الشبكة الجاسوسية يوسف "يوسي" كوهين، في ظهور علني نادر له: "ذكر الموساد في هذا الوقت فرصة نادرة -لعلها الأولى في تاريخ الشرق الأوسط- للتوصل إلى تفاهم إقليمي يمكن أن يؤدي إلى اتفاق سلام إقليمي شامل"، "فالمصالح المشتركة والقتال ضد القوى المنافسة مثل إيران والجهاد الإرهابي والعلاقات المقربة من البيت الأبيض وقنوات الاتصال مع الكرملين، اجتمعت كلها لخلق ما يمكن أن يكون نافذة زمنية لفرصة واحدة". 

العنف المتصاعد
في نفس الوقت، حذر كوهين إيران من أن إسرائيل لن تتسامح مع تطويرها للسلاح النووي أو بنائها قواعد في سوريا، حيث قيل إن الغارات الإسرائيلية قتلت 10 أشخاص الأحد قبل الماضي. وفي تعليقاته في مؤتمر هرتزليا السنوي، كان هو أيضاً أول مسؤول موساد يصرح علناً بأن الحرس الثوري الإيراني قد نفذ الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط والبنية التحتية في الخليج بموافقة من أعلى المستويات في طهران. 
قال كوهين: "أقول وعلى ثقة إن إيران هي من تقف وراء تلك الهجمات: لقد كانوا مأمورين من القيادة الإيرانية، وقد نفذ الهجوم بواسطة الحرس الثوري". وأضاف: "كما قام الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية أيضاً بقيادة هجمات مدمرة في أوروبا، وقاموا ببناء شبكة مؤلفة من 300 عميل في أفريقيا، بالإضافة إلى بناء قواعد تشغيلية ولوجيستية في سوريا لأنفسهم ولوكيلهم اللبناني حزب الله". 
ضربت الغارات الجوية الإسرائيلية، الأسبوع الفائت، أهداف مرتبطة بإيران في منطقة قد تم استهدافها عدة مرات في وقت سابق، رغم الانتشار الأخير لسرية صواريخ روسية من طراز إس 300 أرض جو هناك. قالت المصادر الإسرائيلية إن هذه الأسلحة المضادة الجوية المتطورة تبقى تحت الإشراف الروسي عن قرب، وقد أظهرت ضربة الأحد الناجحة أن موسكو وأورشليم تنسقان معاً لتفادي أي صدام في سوريا. 
وقال: "لا نستطيع أن نوافق على أن تصبح سوريا منصة للقوات الإيرانية أو القوات التي تديرها ضدنا"، "ولا يمكن أن نوافق على أن تصبح سوريا قاعدة لوجيستية لنقل الأسلحة إلى حزب الله ولبنان". وأضاف: اتخذت إسرائيل موقفاً في السنوات الأربع الماضية سراً وعلناً، ولم يتم نشر سوى القليل منه من أجل منع خطوط الإنتاج للأسلحة الموجهة بدقة"، "شكراً لذلك الموقف الحازم، أعتقد أن الإيرانيين في نهاية المطاف سيتوصلون إلى استنتاج مفاده أن الأمر لا يستحق وقتهم". 
وأضاف: "وإيران وحزب الله يطالبون بنقل قواعدهم إلى جنوب سوريا، منطقة يعتقدون بشكل خاطئ أنها سوف يكون من الصعب لنا الوصول إليها". 
ومع ذلك فإن الخطر الأكبر سيكون تطوير إيران لسلاحها النووي الذي يتقدم شيئاً فشيئاً إلى حد أن قامت إيران بتخصيب المزيد من اليورانيوم أكثر من المسموح به بموجب الاتفاق النووي في 2015، والذي أصبح الآن يشارف على الاحتضار بشكل كبير بعد انسحاب الرئيس ترامب منه. 
قال كوهين: "تخيل أن إيران حصلت على يورانيوم عالي الجودة وبعده قنبلة حقيقية"، "سيبدو الشرق الأوسط -على اعتقادي- والعالم مختلفاً إذا حدث هذا، لذا لن يسمح العالم بحدوث ذلك". 
وقال: "لم يوقع الموساد (و) دولة إسرائيل على الاتفاق النووي"، "وسوف يفعلون ما بوسعهم كي لا تحصل إيران على برنامجها النووي". 

التقدم وسط الفوضى 
في الأثناء، تحقق إسرائيل تقدماً مع جيرانها العرب، ليس بسبب تصاعد الخلاف مع إيران، ولكن بسببهم هم. في الأمس زار وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتز، أبوظبي، عاصمة الإمارات. وقبل ذلك قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بلقاءات على أعلى المستويات مع سلطان عُمان ووزير خارجيته، رغم أن هذه الدولة العربية الجنوبية لازالت تقول بأن العلاقات الرسمية مع إسرائيل لا يمكن أن تتم إلا بعد إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة. 
وفي السنة الماضية، وفقاً لموقع إماراتي "الخليج أونلاين"، اشترت السعودية نظام إسرائيل الدفاعي "القبة الحديدية" لحماية منطقتها من الصواريخ التي يطلقها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن (أنكرت الحكومة الإسرائيلية عملية البيع تلك). وكان قد تم التوسط لصفقة السلاح تلك -وهي جزء من تقارب أكبر بين إسرائيل والسعوديين- من قبل الولايات المتحدة، مما جعل إسرائيل تتغلب على عدم رغبتها في بيع نظام الأسلحة المتطورة. 
إلا أن هذه الدبلوماسية العلنية هي ثمرة سنوات من الجهد السري لتحسين العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب، ومن العلاقات الرسمية التي تملكها فقط مصر والأردن مع الدولة اليهودية. وهذا الجهد قد قاده الموساد ودعمته الولايات المتحدة. 
قال كوهين: "لقد أنشأنا فريق عمل يركز على حقل السياسة الخارجية واستراتيجية تهدف إلى تطوير ]العلاقات الجيدة[ مع أدوات متنوعة داخل الموساد وخارجه". وقال: "إن الانفتاح الأخير مع عمان على وجه الخصوص عقبه جهد سري مطول للموساد". 
وقال إنه بينما تملك مصر والأردن فقط علاقات مكتملة الأركان مع إسرائيل، توجد "مجموعة توسعية من بلدان مسؤولة وجادة لديها قنوات غير رسمية، ولكن مفتوحة للاتصال مع إسرائيل"، وتتعاون معها ضد إيران. 


* "بريكنغ دفنس" مجلة أمريكية 
تهتم بالسياسة وتقنية الدفاع
1 يوليو 2019