ترجمــة خاصة :محمد إبراهيم زبيبية -

حســـان الطـيب 
في 16 أبريل، استخدم الرئيس ترامب حق النقض (الفيتو) ضد أحد أهم التشريعات التاريخية صدر عن الكونغرس خلال رئاسته، وهو القرار رقم 7، قرار قوى الحرب في اليمن. وكان يمكن لهذا القرار أن يُنهي التورط العسكري الأمريكي في الحرب السعودية الإماراتية الكارثية في اليمن. وقد تم بعد ذلك تمرير تصويت لتجاوز الفيتو في مجلس الشيوخ بعد أسابيع قليلة بأغلبية بسيطة، 53 صوتاً مقابل 45، إلا أنه لم يحقق الغالبية العظمى البالغة 67 صوتًا اللازمة لإلغائه. لكن وعلى الرغم من فشل هذا الجهد، تعلمنا شيئًا مهمًا من خلال ما حصل: نحن نعرف الآن بوضوح لا لبس فيه أن الغالبية الحزبية في الكونغرس تريد إنهاء الدور العسكري الأمريكي في حرب تسببت بإزهاق أرواح 85,000 طفل دون سن الخامسة نتيجة الجوع والمرض.
لكن أمام الكونجرس فرصة أخرى لإنهاء الحرب هذا الصيف، بالنظر في قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2020 (NDAA) وفواتير مخصصات الدفاع. وهذه القوانين السنوية للإنفاق العسكري تتيح للكونغرس واحدة من أسرع الطرق وأكثرها وضوحًا لوقف تمويل الحرب وإدانة هذه الحملة العسكرية.
ومن خلال قانون تفويض الدفاع (NDAA) ومخصصاته، يمكن للكونغرس حظر تبادل المعلومات وأنشطة الدعم اللوجستي للحرب في اليمن؛ أي بتعليق تراخيص المبيعات التجارية المباشرة لصيانة الطائرات المقاتلة المستخدمة في العمليات الهجومية السعودية الإماراتية في اليمن؛ وحتى إيقاف التدريب المحلي لمهندسي الميكانيك للمقاتلات السعودية والإماراتية. والأهم من ذلك، يمكن للكونجرس أن يوقف نقل وبيع الأسلحة، وهو أمر يعتقد كثير من الخبراء أنه يمكن أن يكون أفضل فرصة لخلق النفوذ اللازم لتحقيق سلام دائم في اليمن.
وقال قائد السياسة الإنسانية في منظمة "أوكسفام" في أمريكا: "إن الشعب اليمني وأطراف النزاع يراقبون عن كثب، والرسائل التي يرسلها القادة الأمريكيون لديها القدرة على إنقاذ الأرواح". 
وأضاف: "يجب على الكونغرس أن يتحرك من أجل استمرارية الضغط، وألّا يسمح لسياسة ترامب الصبيانية الساذجة والهوجاء أن تحدد دور أمريكا في العالم. لذا يتعين على الكونغرس الآن أن يعمل على إنهاء مبيعات الأسلحة لجميع الأطراف التي تقاتل في هذا الصراع الوحشي".
إن النظر في ميزانية الدفاع الوطني يأتي في وقت حرج بالنسبة لليمن. فقد ساعدت الحرب، في عامها الخامس، على خلق أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث تعرض ما يقرب الـ14 مليون شخص لخطر المجاعة. ووصفت وكالات الإغاثة اليمن بأنه أسوأ مكان في العالم ليعيش فيه طفل، حيث يموت طفل دون سن الخامسة كل 12 دقيقة نتيجة للنزاع. وقد تعرض أكثر من مليون شخص في اليمن للإصابة بالكوليرا، مع وجود 10,000 حالة خطيرة جديدة كل أسبوع. ولماذا حصل كل هذا؟ لأن التحالف السعودي الإماراتي فرض حصارًا فعلياً على اليمن، أعاق به تدفق المواد الغذائية والوقود والأدوية، وأدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وجعلها فوق القدرة الشرائية لملايين الناس. وبحسب التقديرات سيموت 230,000 شخص نتيجة للحرب إذا لم تتغير الظروف بحلول نهاية عام 2019.
هناك سابقة ناجحة للكونغرس باستخدام قانون تفويض الدفاع وفواتير الاعتمادات المخصصة لهيئة الدفاع الأمريكية في وقف الدعم وإنهاء الحروب. فأثناء حرب فيتنام، أعرب أعضاء الكونغرس عن معارضتهم من خلال العديد من مشاريع قوانين إلغاء التمويل، بما في ذلك تعديل كوبر وتشرش (عضوي كونجرس في تلك الفترة) عام 1971، الذي حظر استخدام الأموال لإرسال قوات إلى كمبوديا، وكذلك تعديل كيس وكوبر لعام 1973 بشأن مشروع قانون مخصصات وزارة الخارجية، والذي حال دون استخدام الأموال في جنوب شرق آسيا.
وفي العام الماضي، قدم السناتور كريس مورفي تعديلاً لمشروع قانون الاعتمادات الدفاعية لعام 2019 كان من شأنه أن يقطع المساعدات العسكرية عن التحالف السعودي الإماراتي. ولكن ولسوء الحظ، لم يتم طرحه للتصويت، لكن هذه المرة قد يؤيد الأغلبية مجهوداً مشابهاً، وذلك بعد أن حصل قرار قوى الحرب الخاص باليمن على الكثير من الأصوات من الحزبين في عامي 2018 و2019 وعلى أمل إنهاء ما بدؤوه.
وأعلنت إدارة ترامب مؤخراً خططاً لاستخدام سلطات الطوارئ المتضمنة في قانون مراقبة تصدير الأسلحة للدفع بصفقة أسلحة بقيمة 8.1 مليار دولار إلى المملكة السعودية دون تصريح من الكونغرس. إن هذه الخطوة تشير إلى مخاوف لدى ترامب من نقص الأصوات اللازمة للموافقة على عمليات النقل هذه.
وقد انتقد الكثيرون في الكونغرس هذه الخطوة غير المسبوقة، بمن فيهم السيناتور بوب مينينديز، الذي قال: "إنني أشعر بقلق عميق إزاء الشائعات بأن الإدارة تخطط لتجاوز الكونغرس وبيع الأسلحة إلى الحكومات الأجنبية، بمن في ذلك الإمارات والسعودية، اللتان تعتبران من أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم... وينبغي لشركات الدفاع الأمريكية أن تكون في غاية الحذر من تعريض نفسها وضباطها وموظفيها للمساءلة الجنائية والمدنية عن تصدير الأسلحة بموجب تراخيص قد تكون غير صالحة".
وقد أخبرت الناشطة الأمريكية اليمنية التي تعمل في صحيفة "إن ذيس تايمز"، شيرين الأديمي، أخبرت "تروث أوت": "لقد أظهر ترامب تجاهلًا تاماً للدستور من خلال استخدام حق النقض ضد مشروع قانون الكونغرس لإنهاء الحرب، ومحاولة تجاوز الكونغرس الآن لمبيعات الأسلحة الإضافية. لقد استمر في إيلاء الأولوية للربح على حياة البشر والقوانين الأمريكية، ويتحمل الكونغرس مسؤولية أخذ زمام الأمور".
وعلى الرغم مما يعتقده ترامب، يمتلك الكونغرس القوة لإنهاء المشاركة الأمريكية في حرب اليمن في الأسابيع المقبلة، إذ يمكن له، من خلال النظر في الاعتمادات الخاصة بقانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) والمخصصات الدفاعية، وحتى الإجراءات القانونية، إنهاء تواطؤنا في جرائم الحرب، وإرسال إشارة واضحة إلى السلطة التنفيذية مفادها أن مشاركة الولايات المتحدة غير الدستورية في الحملة العسكرية للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن يجب أن تنتهي. والسؤال الآن: هل سيقومون بذلك؟


صحيفة «تروث أوت»»»«
8 يونيو 2019