تارة تكون السعودية بريئة وتارة أخرى تكون مذنبة، في العديد من ملفات التحقيق التي منها ما ارتكبه التحالف بقيادة المملكة السعودية من الجرائم؛ قامت منظمة الأمم المتحدة غالباً بعمل تغيير جذري بشكل مدهش, وهو ما يمكن أن يسبب القلق فقط.
(أسوأ كارثة إنسانية): هكذا صنفت منظمة الأمم المتحدة الوضع في اليمن؛ البلد الذي دمرته حرب أهلية منذ قرابة 3 أعوام، وحيث 11 مليون طفل بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة, بعد إثبات هذه الحالة المأساوية والمؤلمة مؤخراً دعت الأمم المتحدة التحالف الذي تقوده السعودية إلى رفع الحظر المفروض على اليمن, فهل سيكون النداء لحفظ السلام والأمن الدوليين مسموعاً؟ أم أن منظمة الأمم المتحدة سوف توصي به في الصحراء مرة أخرى؟

المخرج بالنسبة للعامة؟
في الأوقات الحالية ربما يبدو لنا أن الأمم المتحدة ترفع نبرتها إزاء المملكة العربية السعودية, وللتذكير سجل اسم هذه المملكة الخليجية والتحالف الذي تقوده للمرة الأولى في بداية أكتوبر، على (القائمة السوداء) الأممية بشأن الدول والكيانات التي ارتكبت جرائم قتل ومجازر؛ لذا تحملهم الأمم المتحدة المسؤولية عن قتل 683 طفلاً خلال قصفهم المدارس والمستشفيات.
هذا المسعى - من الوهلة الأولى- جدير بالثناء, باستثناء أن منظمة هيومن رايتس ووتش سارعت إلى إدانة حقيقة أن الأمم المتحدة قد استهانت بالجرائم المرتكبة بحق الأطفال، والتي اعتبرت أن المجتمع الدولي قد أذعن مجدداً للضغط السياسي.
صرحت منظمة العفو الدولية: (نأسف أن منظمة الأمم المتحدة قد استسلمت للضغط وضمت السعودية إلى مجموعة جديدة مخصصة للتخفيف من إدانة قيادة التحالف).
وينبغي من جهة أخرى أن نتذكر: ما لم تفعله منظمة هيومن رايتس ووتش نفسها حينما سبق ذكر التحالف العربي في تقرير سابق لمنظمة الأمم المتحدة في 2015؛ في حين أن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون، قد سحب اسمه، مثيراً بذلك سخط عدد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، وبما أن الرياض قد هددت بقطع الدعم المالي عن عدة وكالات وبرامج تابعة لمنظمة الأمم المتحدة؛ لذا بسرعة استسلمت لتهديداتها (أذعنت الأمم المتحدة للضغوط المالية)، وذلك ما استنتجناه.

منطق اختياري
يصعب على نحو متزايد أن نحكم على إنصاف منظمة الأمم المتحدة، وعلى تفانيها في تحقيق أهدافها والقيم العالمية التي تلتزم بها للدفاع عنها منذ أقل من قرن مضى, والأكثر من ذلك أو من المتعب أحياناً فهم المنطق الذي تتبعه هذه المنظمة الذي كان مثلاً -في الربيع الماضي- قد اعترف بالسعودية ـ وهي بلد يحافظ على النساء في وضع ثانوي ـ في إطار لجنة وضع المرأة ومنظمة الأمم المتحدة لفترة 4 سنوات.
وفي بيان نشر يوم السبت 22 مارس، لخص أيضاً رئيس (منظمة هيومن رايتس ووتش) الوضع: (إنه من العبث أيضاً والجدير باللوم ضميرياً أن نعين شخصاً مهووساً بإشعال الحرائق كرئيس لإطفائيي المدينة!).
ولذلك، فإن البلدان التي تصر على ضرورة إصلاح منظمة الأمم المتحدة غير مخطئة؛ ما لم تبد الأمم المتحدة إخلاصها لمبادئها الأساسية -كما يملي عليها ميثاقها- فإن تلك البلدان تتبنى موقفاً منطقياً، وعلى الأمم المتحدة أن تظهر باستمرار حيادها, عندها فقط ستستعيد النداءات العاجلة التي أطلقتها سلطتها السابقة، في نهاية المطاف.
موقع سبوتنيك تاريخ 21/11/2017