محمد صادق العديني

محمد صادق العديني / لا ميديا -
هنا في صنعاء، يطلق عليَّ العديد من الزملاء والأصدقاء صفة «القاضي»، والتوصيف ذاته لقيته في محافظة إب، وخاصة في مسقط رأسي (العدين) من قبل العديد من الناس.
وحقيقة فإن مثل هذا التقدير، وإن كان يدل على نبل الأصدقاء والزملاء والمجتمع وعظمة تقديرهم لشخصي؛ إلَّا أن هذا الوصف أو اللقب أو التعريف يخيفُني حد الرعب؛ لذلك دوماً ما أُسارع إلى التعليق بمجرد ما يخاطبني أحدهم بـ»يا قاضي محمد» لأرد: لست قاضياً، فقل لي يا محمد وتكفي!
ذلك أن «القاضي» وصف كبير لمسؤولية أكبر تنوء بحملها الجبال، وإن كانت هذه المسؤولية العظيمة ليست حكراً كقيم سلوكية على شاغلي وظائف القضاء فحسب؛ لكنها كالتزام أخلاقي ومنهج سلوكي مسؤولية نتشارك جميعنا تحملها ووجوبية تأديتها، كلاً منا بحسب ما يتحمل من التزامات ومهام، بدءاً بذواتنا كأفراد والتزاماتنا تجاه أنفسنا، مروراً بالأُسر التي نحمل مسؤوليتها، ووصولاً إلى المجتمع والأشخاص الذين نتشارك معهم الحياة عملياً واجتماعياً.
إن كل فرد منا هو قاضٍ مسؤول عن نفسه ومحيطه. وما لم يكن لهذا القاضي ضمير نزيه وقيم ومبادئ مثلى تحكم سلوكه وتصرفاته، فلا يجور ولا يظلم ولا يسيء ولا يؤذي ولا يقترف أي تصرف أو فعل مشين يتعارض مع فطرة الإنسان السوية؛ فإن هناك خللاً يساوينا مع المسوخ.
لذا أكرر قولي بأن كل قاضٍ لم يحكم بما أنزل الله عدلاً وإنصافاً، فهو مجرم يستحق الإعدام. والقاضي الذي يساند الجناة، ويضيع حقوق المجني عليهم، هو قاطع طريق يجب أن ينفذ فيه حد الحرابة.
إن العدل يا أصدقائي هو ناموس الإنسانية السوية، والحق شرفها المقدس؛ لذلك فإن العدالة تحتاج إلى ضمائر حية، وذمم نقية، وأيدٍ نظيفة. كما أن السكوت على الحق يغري على الاستمرار بالجور واقتراف المزيد من المظالم والإيذاء والقهر. لذا فإن الذين يدافعون عن اللصوص والقتلة هم أكثر لصوصية وإجراماً.
ختاماً، وبعد المداولة، قال سبحانه في محكم كتابه الكريم: «إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ ٱلْأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعًۢا بَصِيرًا» (صدق الله العظيم).

أترك تعليقاً

التعليقات