ترجمة خاصة (لا)
هاورد لافرانتشي  صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية @
وسط النداءات التي تدعو إلى إغاثة عاجلة من الولايات المتحدة أو وقف المساعدات التي تقدمها إلى قيادة قوات التحالف السعودي في اليمن، يقول بعض الخبراء إن المساعدات العسكرية قد تستخدم كورقة ضغط للحصول على توافق سياسي ومرور وتوصيل المساعدات الغذائية.
تتجه إدارة ترامب نحو تدخل عسكري بشكل أكبر في اليمن، في الصراع الذي أفقر البلد ونتج عنه أزمة إنسانية خانقة تضع البلد على حافة الانهيار.
في الوقت الذي يستعرض الرئيس الأمريكي ترامب طلباً من وزارة الدفاع لزيادة دعم قيادة التحالف لمحاربة أنصار الله (الحوثيين)، تصرح الأمم المتحدة بأن منطقة الجزيرة العربية بحاجة ماسة إلى الغذاء. وحذرت الأمم المتحدة من أن مئات الآلاف من الأطفال مهددون بالموت من الجوع في الأسابيع القادمة ما لم تتحسن طرق توصيل المساعدات والبضائع بشكل سريع.
إن الوضع يؤكد المعضلات التي تواجهها الولايات المتحدة في الحرب التي تمتد لأكثر من عامين في اليمن، والتي فتحت شبح المجاعة في القرن الـ21.
في الوقت الذي يطالب فيه بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، الولايات المتحدة بفرض نفوذها لوصول المساعدات الغذائية للمتضورين جوعاً، يقف البعض مع مقترح قطع المعونات والدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة لقيادة قوات التحالف، والتي من شأنها استمرار الصراع، ولكن بعض الخبراء في المنطقة يعتقدون أن الولايات المتحدة يجب أن تقوم باستخدام الدعم العسكري أو التهديد باستخدام ذلك كورقة للدفع نحو توافق سياسي، وبهذا تفتح المجال أمام وصول دائم للمساعدات الغذائية.
وتقول كاثرين زايمرمان -خبيرة بشؤون القاعدة في معهد إنتربرايز الأمريكي بواشنطن: (لسوء الحظ لا أرى أي حلول في اليمن حتى على المدى القريب، فالدعم العسكري والمساعدات الإنسانيه ليسا متجانسين). وقالت: (آمل بأن تتخذ الولايات المتحدة استراتيجية تسمح لنا بالتوسط لإيجاد حل لا يتضمن إبادة للناس، بل من شأنه تسهيل وصول المساعدات الغذائية للناس في اليمن).
لقد كانت الولايات المتحدة تدعم قيادة التحالف السعودي بالأسلحة منذ بداية الحرب على اليمن، بعد أن اندلعت الحرب في 2014م، واتفقت مع الدول الخليجية والسعوديين على إعادة تنصيب الرئيس وحكومته الفارة، لكن الرئيس أوباما وضع حداً على حجم المساعدات المعروضة والمهمات التي تدعمها الولايات المتحدة، وكان وزير الدفاع المتقاعد جيمس ماتيس، طالب البيت الأبيض، في وقت مبكر من هذا الشهر (مارس الماضي)، برفع هذه الضوابط والحدود. ومن المتوقع أن يأخذ الرئيس ترامب ومستشاروه طلب وزير الدفاع بمعزل عن السياسة التي تنتهجها وتنفذها الولايات المتحدة في اليمن.

80% بحاجة للمساعدات
لعل أزمة المجاعة تلوح في الأفق في ظل زيادة حدة الصراع، وتستمر المفاوضات حول فوائد وميزات التصعيد.
حيث إن نصف السكان في اليمن البالغ عددهم 26 مليون نسمة، معتمدون على المساعدات الغذائية، عندما اندلعت الحرب، كما تشير زايمرمان، لكن الآن هناك ما نسبته 80% من السكان بحاجة إلى المساعدات للبقاء.
وأدرجت الأمم المتحدة اليمن مؤخراً أحد البلدان الـ4 المهددة بخطر المجاعة، إلى جانب الصومال وجنوب السودان ونيجيريا، حيث يعاني أكثر من 20 مليون شخص فيها من المجاعة. ويعد الحصار على ميناء الحديدة هو عمق وأساس المشكلة في الشأن اليمني.
إن معظم المساعدات الغذائية التي يتم تقديمها لملايين الجياع في اليمن، تأتي عبر ميناء الحديدة، لكن مع الحصار الذي تفرضه السعودية على الميناء بمحاولة منها لمنع دخول السفن الإيرانية المحملة بالسلاح، حسب زعم السعوديين. هناك خطة تتبناها الإمارات العربية المتحدة لتحرير الميناء من أنصار الله (الحوثيين)، وكذلك الحصول على مساعدة الولايات المتحدة، والتي تعتبر من ضمن الخطط البديلة التي تضعها إدارة ترامب بعين الاعتبار.
الجدير بالذكر أن إدارة الرئيس أوباما كانت عارضت نفس الخطة، حيث لم يكن هناك أية ضمانات أو مؤشرات لنجاح أية خطة من شأنها زيادة تدهور الوضع الإنساني.

مجلس الشيوخ يضع التزامات أخلاقية
في هذه الأثناء، يمارس العديد من أعضاء مجلس الشيوخ والناشطين الإنسانيين، الضغط على الولايات المتحدة لحل أزمة الغذاء في اليمن.
فعلى سيبل المثال، أرسل السيناتور ماركو روبيو و9 أعضاء آخرين، الأسبوع الماضي، رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكية ريكس توليرسون، توضح أن الولايات المتحدة لديها التزام استراتيجي وأخلاقي للمبادرة بجهود دولية طارئة للحد من المجاعة في اليمن و3 بلدان أفريقية أخرى.
وكتب السيناتور أن (حجم المشكلات وتعقيدها ربما يقود البعض إلى أن يعتقد بأن الوضع ميئوس منه. ونحن نرفض استجابة كهذه من قبل قيادة الولايات المتحدة، وقيادة الولايات المتحدة بمقدورها أن تصنع فارقاً كبيراً، ونؤمن أن وزارة الخارجية تستطيع بل يجب أن تقود نحو جهود دبلوماسية الآن للتقليل من الحواجز التي تعيق وصول الغذاء إلى ملايين الناس من اليمنيين).
وبهذا الصدد، قال مجلس الشيوخ إنه يجب على الولايات المتحدة العمل مع المتحاربين من أجل وصول المنظمات إلى ميناء الحديدة من أجل توصيل الغذاء، وكذلك إلى الموانئ الأخرى على البحر الأحمر.
وفي الوقت ذاته، طبقاً لبعض المعاونين، فإن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوب كوكر (من ولاية تنيسي)، يعتقد أن جميع الأطراف في اليمن تتحمل مسؤولية السماح بوصول المساعدات والمعونات الإنسانية، لكن يجب أن تفهم أن منشآت الميناء تواجه تحديات في البنية التحتية التي تعمل على إيصال المساعدات).
بينما يعتقد آخرون أن الولايات المتحدة يجب أن تضغط على المملكة العربية السعودية لإنهاء الحصار على ميناء الحديدة.
ما بعد فتح الميناء
لا يزال يتخوف الكثيرون من أن دخول الإمارات واستيلاءها على ميناء الحديدة لن يحل المشكلة في اليمن.
ويقول روبرت نعيمان، المدير التنفيذي لمجموعة فورين بوليسي: (يجب على مجلس الشيوخ الأمريكي أن يستخدم نفوذه لإيقاف مبيعات الأسلحة إلى السعودية إذا لم تنهِ الحصار على ميناء الحديدة).
وتقول كاثرين زايمرمان (إن الوضع الإنساني في اليمن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، بما في ذلك وقف كامل للغارات السعودية المدمرة). وتعترف بأنه (لن يكون هناك أي حل ما لم تتدخل الولايات المتحدة بشكل كبير). وتضيف: (لقد نظر الكثير إلى الحوثيين على أنهم يخوضون حرباً بالوكالة لإيران، لكن ذلك غير صحيح).
وتقول: لن يكون هناك أي حل في نهاية المطاف إلا إذا كان حلاً سياسياً، بحيث يضمن مشاركة الحوثيين في الحكومة، وذلك من شأنه أن يفتح المجالات أمام الجهود التي تسعى لإنهاء المجاعة في اليمن، وحل أزمات ومشكلات الأمن الغذائي.

ترجمة خاصة (لا)