الأرجنتيني لوتشيانو ثيلر لـ«لا الرياضي»:كرة القدم في الأرجنتين شغف.. وفرقي تتميز بشخصية قوية وهجومية وتنظيم جيد
- تم النشر بواسطة طارق الأسلمي / لا ميديا

حوار وترجمة:طارق الأسلمي / لا ميديا -
نادراً ما نشهد لاعبين أرجنتينيين يخوضون تجربة احترافية في الدوريات العربية خارج منطقة الخليج؛ لكن لوتشيانو ثيلر اختار مساراً مختلفاً قاده إلى ملاعب لبنان وسورية، في مسيرة كروية غير تقليدية.
لم تتوقف رحلته عند تلك المحطة، بل واصل التنقل بين بوليفيا والمالديف وإندونيسيا، وعدد من أندية وطنه، قبل أن يتحول في العام 2012م إلى عالم التدريب، ويقود فرقاً في أمريكا الجنوبية.
يتقن ثيلر الإسبانية والإنجليزية والإندونيسية، إضافة إلى قليل من العربية التي تعلّمها بشغف خلال رحلته، ويأمل أن تعيده إلى الملاعب العربية؛ لكن هذه المرة كمدرب.
في هذا الحوار الخاص لـ"لا الرياضي"، يستعرض ثيلر محطات مسيرته لاعباً ومدرباً، ويتحدث عن تجربته في الدول العربية، وأسباب تعلقه بالثقافة العربية، وصولاً إلى تفاصيل إعجابه باليمن، إلى جانب آرائه في عدد من المواضيع الأخرى.
كابتن لوتشيانو، نادراً ما نرى لاعباً أرجنتينياً يخوض تجربة احترافية في لبنان وسورية. ما الذي جذبك لهذه المنطقة؟
- طالما حلمت بالعمل في بلد عربي، وتجربة ثقافته. لقد كان تحدياً بالنسبة لي أن أرى كيف يمكنني التطور كلاعب وكشخص. لقد كانت تجربة رائعة؛ قابلت أشخاصاً طيبين جداً.
بين الكرامة السوري والعهد اللبناني، أي التجربتين كانت الأكثر تأثيراً فيك كلاعبٍ؟
- كلا الناديين كبير جداً ولديه العديد من المشجعين، ويشاركان دائماً في البطولات المحلية ويلعبان دولياً. كانت المتطلبات على كلا الناديين هائلة، وهذا محفز جداً للاعب.
كيف تعاملت مع الضغوط النفسية والجماهيرية؟
- أنا معتاد على اللعب تحت الضغط. في أمريكا الجنوبية تُعاش كرة القدم بشغف كبير ومتطلبات. بالنسبة للاعب أجنبي تكون المسؤولية أكبر.
وماذا عن الفرق الأخرى التي لعبت لها خلال مشوارك الاحترافي؟
- في الأرجنتين، لعبت لعدة أندية، منها ريناتو سيزاريني، أتلتيكو لانوس، جنرال باز جونيورز، أتلتيكو باتروناتو، وأتلتيكو تاليريس. أما خارج الأرجنتين، فمثّلت أندية موكتيجودها سانجساد كيه سي في بنغلاديش، وبيرسيبا بانتول في إندونيسيا، وفيكتوري في المالديف، وسان خوسيه في بوليفيا.
التحول من لاعب إلى مدرب ليس سهلاً. متى شعرت بأن وقت الانتقال قد حان؟
- لطالما حلمت بأن أصبح مدرباً. بدأت الدراسة في هذه المهنة عندما كان عمري 15 عاماً. أخذت دورات كرة قدم وحضرت مؤتمرات مع مدربين ذوي خبرة عالية. كنت لاعباً محترفاً في سبع دول مختلفة، وكان لدي العديد من المدربين من جنسيات مختلفة، والذين اكتسبت منهم الكثير من المعرفة. انتهت مسيرتي كلاعب عندما كان عمري 30 عاماً، ومنذ ذلك الحين بدأت التدريب.
صف لنا محطات مسيرتك التدريبية!
- عملت مدرباً في الأرجنتين وبوليفيا وبيرو وباراغواي، ولعبت في بطولات دولية مثل كوبا سود أمريكانا. أتيحت لي الفرصة للفوز مرتين، مرة كمساعد ومرة كمدرب. منحت العديد من اللاعبين الشباب فرصاً في أول ظهور لهم ومع فرق مختلفة، وتم بيع العديد منهم إلى دول أخرى.
كمدربٍ أرجنتيني، ما هي فلسفتك الكروية؟ وهل تأثرت بأسلوب مدربين معينين؟
- أول ما أبحث عنه هو أن يلعب الفريق بشكل جماعي في جميع الأوقات، في الهجوم والدفاع. تتميز فرقي بشخصية قوية وهجومية وتنظيم جيد. أحب الهجوم وكرة القدم العمودية وخلق العديد من فرص التسجيل. عندما لا نمتلك الكرة، نعمل جميعاً بجد لاستعادتها بسرعة، ونسعى لتنفيذ ضغط عالٍ. وهناك تأثير كبير تركه مدربون كبار مثل بيلسا وسيميوني، لقد تعلمت الكثير من أفكارهم، وساهمت أساليبهم كثيراً في تطوير المدرسة الكروية الأرجنتينية، وأنا أستلهم منهم جوانب تناسب رؤيتي التدريبية.
بعد تجربتك كلاعب في أندية لبنان وسورية، هل ترى نفسك مدرباً لأحد أنديتها في المستقبل؟
- بالتأكيد أود التدريب في بلد عربي. أعرف ثقافتها بالفعل، وأتحدث القليل من اللغة، وأفهم عقلية اللاعب العربي. ومن خلال منهجيتي يمكن أن يكون ذلك مكملاً جيداً لتطوير اللاعبين وبناء فرق تنافسية للفوز بالبطولات.
تتحدث العربية، وهو أمر نادر لدى اللاعبين والمدربين الأجانب. كيف تعلمتها؟ وهل تعتقد أن إتقان اللغة يمنحك ميزة كمدرب في العالم العربي؟
- أتحدث القليل من اللغة العربية. تعلمتها أثناء إقامتي في حمص وبيروت كلاعب. درست اللغة حتى أتمكن من التواصل مع الناس. إن فهم العالم العربي مهم جداً لقدرة المدرب الأجنبي على التكيف. كمدرب عليك أن تتكيف مع السياقات التي تعمل فيها.
الكرة العربية تشهد تطوراً في بعض الدول وتهميشاً في أخرى. برأيك، ما الذي تحتاجه للوصول إلى العالمية؟
- كرة القدم العربية تتطور كثيراً، وهذا جيد جداً للجميع. أهم شيء هو أن يكون التطوير على مستوى عام: البنية التحتية، والقدرة الإدارية، والمدربين ذوي الخبرة، وأساليب التدريب... من الضروري أن يبدأ هذا التطور باللاعبين وهم صغار، من سن 4 سنوات فما فوق، يجب أن يبدؤوا المنافسة منذ طفولتهم لبناء شخصيتهم.
ذكرت أنك ما زلت تحب العالم العربي. ما الذي يجعلك متعلقاً بهذه المنطقة؟
- بالطبع لقد أحببت البلدان العربية، إنهم مضيافون جداً، ولطيفون، وكُرماء. الطعام العربي لذيذ. البلدان كانت آمنة للغاية في ذلك الوقت.
ما هو أكثر ما أثار إعجابك في الثقافة العربية؟
- الثقافة العربية جميلة ورائعة. أكثر ما أثار إعجابي في الناس هو أدبهم واحترامهم وتواضعهم.
هل سبق لك زيارة اليمن؟
- نعم، تشرفت بزيارة هذا البلد الجميل، وكانت لي تجربة مميزة هناك عندما خضت مباراة أمام فريق التلال اليمني ضمن بطولة كأس الاتحاد الآسيوي، وذلك حين كنت لاعباً محترفاً في صفوف نادي العهد اللبناني، وأعتقد أن ذلك كان في العام 2009.
زيارتك لليمن تركت لديك إعجاباً واضحاً. ما الذي لفت نظرك تحديداً؟
- لقد أحببت اليمن حقاً، مناظره الطبيعية ومناخه وكرم ضيافة سكانه، الناس ودودون للغاية ويقتربون من الأجانب للتحدث معهم.
كيف وجدت مستوى الكرة اليمنية في ذلك الوقت؟
- الفريق اليمني الذي لعبت ضده كان جيداً ويضم لاعبين ممتازين يتمتعون بمهارات فنية جيدة وسرعة.
ميسي لعب في باريس وميامي؛ لكنه لم يأتِ إلى دوري عربي، رغم إعجاب الكثيرين به هنا. هل تعتقد أن ميسي سيجرب الاحتراف في المنطقة العربية مستقبلاً؟
- لا أعتقد أن ميسي يريد اللعب في دولة عربية. هو وعائلته مرتاحون جداً في الولايات المتحدة ويُقدم مستوى كبيراً مع إنتر ميامي.
كأرجنتيني، كيف تفسر العلاقة الخاصة بين ميسي والعرب؟ حتى قبل كأس العالم، كان يحظى بحب هائل هنا، ربما أكثر من أي لاعب آخر!
- نعلم جميعاً أن ميسي لاعب استثنائي، ما يجعله يتمتع بشعبية كبيرة في أي مكان في العالم. وفيما يتعلق بالجمهور العربي، من الواضح أن هناك علاقة خاصة تربطه بهم، وقد لمست ذلك بنفسي. فمحبة ميسي في العالم العربي كبيرة جداً، حتى قبل تتويجه بكأس العالم.
بعد تتويج الأرجنتين بكأس العالم 2022، هل تعتقد أن هذا الإنجاز غيّر نظرة العالم للكرة الأرجنتينية؟
- الأرجنتين بلد له تاريخ طويل في كرة القدم حتى قبل التتويج بكأس العالم الأخيرة. لطالما كان هناك لاعبون رائعون، وكرة القدم شغف هنا.
كيف تنظر إلى قرار زيادة عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم إلى 48 منتخباً؟ وهل تعتقد أن منتخب الأرجنتين قادر على الاحتفاظ باللقب؟
- من الجيد زيادة عدد المشاركين في كأس العالم، فهذا يُتيح لدول جديدة فرصة المشاركة. منتخب الأرجنتين قادر على الاحتفاظ باللقب، إنه يلعب بشكل جيد جداً؛ ولكن هناك فرق أخرى قوية أيضاً، مثل إسبانيا والبرتغال.
كيف تلقيت خبر تعيين أنشيلوتي مدرباً للمنتخب البرازيلي؟ وما الذي يُمكن أن يضيفه للكرة البرازيلية؟
- حسناً، إنه أحد أفضل المدربين في العالم. يمكنه مساعدة فريق رائع مثل البرازيل كثيراً. أنشيلوتي مدرب ذو خبرة كبيرة؛ لقد كان في أفضل أندية العالم. يمكنه المساهمة كثيراً في كل من كرة القدم والقيادة.
ما هو الشيء الذي لا يعرفه كثيرون عن الأرجنتيني لوتشيانو ثيلر؟
- أنا شخص شغوف جداً بكرة القدم، وأحب قضاء الكثير من الوقت مع عائلتي.
بماذا تريد أن تختم هذه المقابلة؟
- شكراً جزيلاً على هذه المقابلة الرائعة. وأود أن أفي بوعدي بإجراء مقابلة أخرى عندما أحظى بتجربتي الأولى كمدرب في إحدى الدول العربية.
المصدر طارق الأسلمي / لا ميديا