تقرير- عادل بشر / لا ميديا -
لاتزال رسائل وتداعيات التصعيد اليمني في البحر الأحمر إسنادا للشعب الفلسطيني، تتصدر اهتمامات مراكز أبحاث غربية وأمريكية، مؤكدة في معظمها أن صمود اليمنيين في وجه عدوان ثلاثي (أمريكي، بريطاني، إسرائيلي) منذ كانون الثاني/ يناير 2024م، وإصرار صنعاء على المضي في خيار دعم قطاع غزة مهما كانت العواقب، قد كشف النقاب عن قوة لا يمكن الاستهانة بها أو تجاهلها.
في جديد تلك الاهتمامات، نشرت مؤسسة «Azure Strategy» البريطانية المتخصصة في الاستشارات الاستراتيجية، تقريراً حديثاً، تناول إغراق القوات المسلحة اليمنية لسفينتين في البحر الأحمر، مطلع الأسبوع الماضي لارتباط السفينتين بالعدو الصهيوني، ومحاولتهما كسر الحظر البحري الذي تفرضه صنعاء على كيان الاحتلال توازياً مع تصعيد الأخير لجرائمه بحق المدنيين في قطاع غزة.
وأوضح التقرير الذي أعدته أليس جوير مديرة الجغرافيا السياسية والأمن في Azure، أن الهجمات اليمنية الأخيرة في البحر الأحمر لا تؤكد قدرة اليمنيين على الصمود فحسب، بل تؤكد أيضا على تطورهم إلى قوة إقليمية مستقلة وصاعدة.
وأفاد بأنه رغم الغارات الجوية الأمريكية المكثفة خلال فترتي بايدن وترامب لاتزال صنعاء قوة لا يمكن للعالم تجاهلها.. مشيراً إلى أن أهداف الولايات المتحدة في القضاء على من وصفهم بـ»الحوثيين» لاسيما في موجة الغارات الجوية بين آذار/ مارس وأيار/ مايو 2025م، كانت بعيدة كل البعد عن التحقيق.
وأضاف التقرير: «أعلن الرئيس ترامب فجأة عن وقف إطلاق النار في أيار/ مايو بعد أن أصبح من الواضح أن الحوثيين لن يتم هزيمتهم أو ردعهم بسهولة».

قوة صاعدة مستقلة
وبخلاف دأب وسائل إعلام غربية وأخرى عربية على وصف أنصار الله في اليمن بأنهم «أداة لإيران» أكد تقرير «Azure Strategy» أن «الحوثيين برزوا كقوة قوية ومرنة تعمل بشكل مستقل عن إيران، ويعتمدون على تحالفات جيوسياسية جديدة ومتوسعة لتعزيز أنفسهم في مواجهة العدوان الغربي». موضحاً بالقول «ولا يُدرك وصف وكيل إيران المُستخدم بكثرة قوة الجماعة واستقلاليتها».
وأفاد التقرير بأن القوة اليمنية «تشهد ازدهارًا ملحوظًا حاليًا» وأن أنصار الله «تحولوا من جماعة هامشية إلى قوة مؤثرة في الشؤون الإقليمية والعالمية».
وأشار إلى أنه لا أحد يعرف حجم ترسانة أسلحة صنعاء.. مؤكداً بأن اليمن يعمل على صناعة وتطوير أسلحته بنفسه.
وبحسب التقرير فإن المسؤولين الأمريكيين يشيدون بصنعاء ونهجها المبتكر في تطوير الأسلحة.

إسناد غزة
وقالت المؤسسة البريطانية المتخصصة في الاستشارات الاستراتيجية، في ذات التقرير إن تطور القوات المسلحة اليمنية «تجلى أكثر» خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وأن الدور اليمني «الاستباقي في الصراع، زاد من صعوبة عزلهم دبلوماسياً».
وأعاد التقرير التذكير بالعدوان «السعودي الإماراتي الأمريكي» على اليمن مطلع 2015م والذي استمر لتسع سنوات، موضحاً أن «الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، قدمت دعمًا تكتيكيًا ولوجستيًا واستخباراتيًا للتحالف الذي قادته السعودية ضد صنعاء فيما عُرف حينها بعاصفة الحزم».
وأضاف: «هذه المرة، تدخلت الجهات الفاعلة الغربية بشكل مباشر، وبكثافة متزايدة، حيث تم إطلاق عملية حارس الرخاء متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 2023، تلى ذلك عملية بوسيدون آرتشر التي من خلالها نفذت واشنطن ولندن ضربات جوية داخل اليمن، وبعد ذلك أطلق دونالد ترامب في آذار/ مارس تدخلًا عسكريًا قوياً بهدف إلى القضاء على الحوثيين».
وأكد التقرير أن «صمود اليمنيين في وجه الحملة الأمريكية، دليل على أنهم لايزالون بمثابة ثقب أسود للحكومات الغربية والكيان الإسرائيلي».. خصوصاً كون «المعلومات الاستخباراتية عن صنعاء شحيحة، كما أن التضاريس الصعبة واستخدام البنية التحتية العسكرية غير التقليدية يجعل حملات القصف الفعالة صعبة».
وأكد التقرير أن أي «ضغط عسكري غربي وإسرائيلي، لن يُضعف القوات اليمنية» وأن ردع صنعاء صعب للغاية.

فشل الخصوم
تقرير المؤسسة البريطانية تطرق إلى خصوم صنعاء ممثلين بالفصائل الموالية للسعودية والإمارات وما يسمى بـ»مجلس القيادة الرئاسي»، موضحاً بأن مجلس المرتزقة «ضعيف ومنقسم ويفتقر إلى الشرعية المحلية» وأن المرتزقة عجزوا عن معالجة الأزمات الاقتصادية والإنسانية في مناطق سيطرتهم».
وأكد أنه «لا توجد قوة محلية قادرة على تحدي صنعاء».
وخلص التقرير إلى أن اليمن بمواقفه المساندة للشعب الفلسطيني ووقوفه في وجه العدوان الأمريكي والبريطاني و»الإسرائيلي» وما كشفه من قدراته العسكرية المتطورة، بات «عنصراً ثابتاً في ديناميكيات القوة الإقليمية».