حاوره:نشوان دماج / لا ميديا -
لقاء الشاشة الأخرى مع العقيد مجيب شمسان تقتنصه صحيفة «لا» في سيارته «السفري» الرابضة بلا حركة وتعاني من أعطال عضال، حيث الميري مركون على الكرسي الأمامي وباقي المستلزمات إلى جانبه. لا يكاد يجد وقتا إلا في هذه الساعة من العصرية الرمضانية ليرسم لقراء «لا» مشهدا آخر لا يظهر في شاشات الإعلام المرئية، وهو يتحدث عن إشكاليات يعاني منها رئيس لجنة المتحدثين العسكريين وزملاؤه وعن رؤى واستراتيجيات تراوح مكانها في الأدراج بلا اهتمام يرقى إلى مستوى ما تم ويتم تحقيقه ميدانيا... فإلى الحوار.

غير ناضجة بشكل كافٍ
بداية، حضرة العقيد مجيب شمسان، باعتبارك رئيس لجنة المتحدثين العسكريين، كيف تنظر إلى طبيعة التحليل العسكري طيلة تسع سنوات من العدوان على بلادنا ومن الانتصارات التي تحققت؟ وهل كان بمستوى الحدث من وجهة نظرك؟
- لا نستطيع القول بأن التجربة التي خضناها طيلة تسع سنوات من التحليل والقراءة العسكرية وتقديم المشهد العسكري إلى وسائل الإعلام ونقل الصورة كما ينبغي كانت ناضجة بالشكل الكافي. لم نصل بعد إلى ذلك المستوى الذي يمكن أن يكون بمستوى الحدث ذاته. هذا يعود بطبيعة الحال إلى عدم وجود رؤية مسبقة في ما يتعلق بهذا الجانب تحديدا، وهو على مستوى عال جدا من الأهمية. هناك نقص وخلل وقصور، حيث نشاهد قراءة عسكرية غير دقيقة بل وبعيدة عن الجانب العسكري أساسا، لا تتوافق مع المعطيات الميدانية ولا مع المعطيات العسكرية ولا مع الرؤية التي أساسا تريدها القيادة. وبالتالي كان ينبغي أن تكون هناك رؤية مدروسة ترسم الوسائل المطلوبة لإيصال رسالتها إلى الآخر وتضع الشخصيات القادرة على إيصالها بالشكل المطلوب. نحن اليوم نخوض حربا في زمن أصبح فيه الإعلام الرسالة الأقوى. إذا كنت تستطيع أن تصنع حدثا معينا ولم تستطع أن توصله إلى العالم وإلى الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي فأنت لم تصنع شيئا. بالتالي كان لا بد من إعداد رؤية استراتيجية يتم من خلالها، أولاً: بناء الشخصيات التي توصل الرسالة، وثانياً: تحديد مضامين تلك الرسالة، وثالثاً: تحديد الوسائل المناسبة لإيصالها، بحيث يتكامل المشهد على المستوى الميداني والإعلامي. هذا الأمر لم نلاحظه منذ البداية.

قصور مادي 
 هل نستطيع الحديث عن عدم تكون رؤية استراتيجية خلال هذه السنوات؟ وما الذي يعوز أو ينقص المحللين العسكريين اليمنيين؟
 كنا قد وضعنا رؤية قبل أكثر من ثلاثة أعوام في ما يتعلق بالمحللين العسكريين وتقديمهم لوسائل الإعلام. في البداية كانت الموافقة على الميزانية المحددة، كون ما يحتاجه المحللون مهما وضروريا في ما يتعلق بمظهرهم وبمتطلباتهم الأساسية وكذا متطلبات ظهورهم على وسائل الإعلام، فضلا عن كونك بحاجة إلى صقل مهاراتهم وتنظيم دورات مكثفة لهم، وأن تعزز لديهم مسألة الحرب النفسية وكيف يستطيعون أن يخوضوها أثناء تقديمهم الرسالة الإعلامية، وأيضا أن تكسبهم المعلومة بشكل مستمر من الميدان، وأن تسرب من خلالهم المعلومات التي تريد تسريبها وتمارس الحرب النفسية. كان هناك اهتمام في أول الأمر، ثم بدأ ذلك الاهتمام يتلاشى وبقيت المسألة محصورة فقط في المخصصات، التي لا تفي في ظل الأوضاع القائمة حتى بتلبية أدنى الاحتياجات. بالتالي يصعب أن تستدعي هؤلاء إلى الاجتماع المكثف والحضور المستمر لإلقاء المعطيات عليهم أو التعليمات المناسبة. اتجهنا إلى وسائل التواصل الاجتماعي وأنشأنا مجموعات للحديث حول كيفية التعاطي مع الحدث أو تحليله أو قراءته أو تلقي بعض الأوامر من الجهات المختصة. ومع هذا كان هناك قصور، فلم يكن هناك إعطاء للمعلومة ولا اهتمام في ما يتعلق بالمخصصات.

تعاطٍ لا مسؤول
 هل السبب في ذلك هو قصور في الرؤية لدى الجهات المعنية؟
 كان ينبغي في البداية أن تؤخذ هذه المسألة باهتمام وأن هذا الجانب يشكل حيزا مهما جدا ينبغي أن تعطى له الأهمية، وربما كانت هذه الصورة غائبة في مسألة ما الذي تمثله الرسالة العسكرية الإعلامية للرأي العام وعلى مستوى المعركة بشكل عام. غياب هذه النظرة وتقييم هذه الأهمية جعل الجهات المعنية لا تتعاطى بالشكل المطلوب، وبالتالي كانت المخصصات محددة في مستوى معين، ثم تم تخفيضها إلى النصف، ثم تدنت بشكل كبير. اليوم نحن بحاجة ماسة لأن يكون هناك عدد كبير من الخبراء والمحللين العسكريين الذين نظهر من خلالهم رسالتنا إلى العالم ومن نحن وما الذي نريد أن نقوله. هناك تضارب في ما يتعلق بتعاطي وسائل الإعلام أيضا مع هذا الأمر، حيث نتفاجأ كثيرا بصعود شخصيات إلى الشاشة ليست على تنسيق أو ارتباط بالجهات المعنية وبي كرئيس لجنة المتحدثين العسكريين، ما يجعلنا نتواصل مع وسائل الإعلام تلك بأنه إذا أردتم التواصل مع عسكريين فعليكم التواصل معنا أولا لنحدد لكم الشخصية المناسبة، فنتفاجأ بصعود شخصيات لا ترقى لأن تكون ممثلة للقوات المسلحة اليمنية، حيث تقع في كثير من الهفوات وتظهر القوات المسلحة اليمنية بصورة ركيكة بعيدة عن الصورة التي وصلت إليها اليوم. هذا الخلل يوازيه أيضا خلل آخر في ما يتعلق بالتعاطي الإعلامي، حتى من شخصيات رسمية في مناصب عليا، فنكون قد أفرغنا الحدث من قيمته من خلال ذلك التعاطي الإعلامي اللامسؤول، سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام. بالتالي ينبغي أن يكون هناك ضبط حتى نستطيع إيصال الرسالة الإعلامية على كافة المستويات، سواء في الحرب النفسية أو في إيضاح صورتنا أو في تقديم تلك الصورة القوية عن الحدث الذي يرقى إلى أعلى المستويات. ولنشاهد مثلا ما يقوم به حزب الله، حيث استطاع أن يعرض مشهدا للسيد حسن نصر الله وهو يشاهد الشعار في مدة ثماني ثوان فيشعل الرأي العام، بينما حدث بحجم إغراق سفينة لأقوى قوة بحرية في العالم ومع ذلك لم نعطِ الصورة الكاملة لمثل هذا الحدث إعلاميا، ما يعني أننا في حالة من القصور، وأننا بحاجة لأن نرقى بمستوى الأداء الإعلامي الذي يكون قادرا على إيصال الرسالة كما هي في الواقع وإعطاء الحدث حقه.

تحليلات خارج المهنية
 هل ترون أن هناك تداخلا في التصريحات المتعلقة بالجوانب العسكرية، حيث نرى شخصيات مدنية أصبحوا فجأة محللين عسكريين؟ هل هذا الأمر مستمر أم وضعتم له حلا؟
 حقيقة نحن نتفاجأ كثيرا في هذه المسألة، حيث نرى البعض من هم مدنيون يقدمون تحليلات في الجانب العسكري وهم بعيدون عن التخصص أو لا علاقة لهم به. مع ذلك يمكننا القول بأن الشعب اليمني ليست غريبة عنه التكتيكات العسكرية، فهو محارب، وهو جيش، لكننا بحاجة لأن تكون هناك خصوصية ونوع من المهنية في طرح المفاهيم والمصطلحات وتناول الجانب الميداني والمعركة عسكريا، خصوصا وأننا نخاطب الرأي العام الخارجي إقليميا ودوليا. كما أن هناك جوانب ينبغي ألا يتم الحديث عنها إذا ما كان هناك معركة أو حدث معين له خصوصيات أمنية ينبغي عدم تجاوزها، وهذه أمور لا يعرفها إلا العسكري، وبالتالي خوض من هم خارج المجال في هذه المواضيع يشكل عقبات وتحديات، بل وأحيانا قد يصنع كوارث في ما يتعلق بالأداء الميداني لقواتنا المسلحة.
 ما طبيعة المشاكل التي تواجهونها في عملكم كمحللين ومتحدثين عسكريين؟
 أكبر المشاكل التي نواجهها كمتحدثين هي ما يتعلق بالمخصصات وما يتعلق أيضا بوسائل تنقلاتنا. أنا شخصيا أواجه مشكلة كبيرة في تنقلاتي، فالسيارة التي لديّ تتعطل بشكل مستمر، وحين أريد أن أصل إلى هذه القناة أو تلك بموعد محدد هذا التعطل المستمر للسيارة يعرقلني دائما. أحيانا يكون هناك عدد من القنوات مواعيدها متتابعة، كأن يكون هناك مقابلة في الساعة العاشرة مثلا وتنتهي في العاشرة والنصف، ومقابلة أخرى يأتي ترتيبها بعدها بأقل من ربع ساعة، فأحتاج أن أتحرك بشكل سريع؛ لكن تعطل السيارة عقبة في الوصول بالموعد المحدد وهكذا. حاولنا التواصل مع أكثر من جهة لاستبدال وسيلة التنقل، وإلى الآن لم نجد ردا، مع أن المسألة لا تتعلق بي شخصيا وإنما تتعلق بأداء العمل الذي أعاني فيه بشكل كبير، نظرا لما يترتب على أداء العمل ميدانيا، وبالتالي ينبغي أن يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار. وبطبيعة الحال هناك ما يتعلق ببقية الزملاء بالطريقة نفسها، حيث كل له مشكلة خاصة. مثلا بعض الزملاء يتعرض هو أو أسرته لحادث فأعجز عن أن أقدم له شيئا. فأنا كرئيس لجنة المتحدثين العسكريين ليس في يدي شيء أقوم به نحوهم. هذه بعض المشكلات الأساسية التي تواجهنا. هناك مشكلات أخرى في ما يتعلق بالمعلومة. نحن بحاجة إلى المعلومة التي نستطيع أن نوظفها في عملنا كمتحدثين ومحللين، سواء على مستوى الرسائل التي تريد القوات المسلحة اليمنية إيصالها إلى العدو أو في ما يتعلق بالمعلومات التي يراد تسريبها أو توظيفها بطريقة إيجابية. أيضا مسألة المزامنة من قبل الجهات المعنية التي ينبغي أن تطلعنا بشكل مستمر على المعلومة. أحيانا يكون هناك معلومات حساسة جدا، والقنوات تتواصل معنا بإلحاح، فنكون بحاجة لأن نعطي موقفا ما، فنتواصل مع معظم الشخصيات التي لها علاقة بالحدث، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، فلا نجد تجاوبا منها، حيث نحاول الاتصال بهم فلا يردون على اتصالاتنا، بينما تكون المسائل متعلقة بإجابات حاسمة، أي أننا نكون معها بحاجة إلى ضوء أخضر كما يقال لمعرفة هل نصرح بهذه الطريقة أم بطريقة أخرى.

غياب الانسجام بين العسكري والسياسي
 هل معنى ذلك أنه لا يتم التواصل معكم لتزويدكم بالمعلومة وإنما تبحثون عنها أنتم؟
 نعم، ذاك ما يحدث إلى حد كبير. وهنا أود أن أتوجه بالشكر إلى الأخ يحيى سريع على تفاعله وتجاوبه معنا في معظم الأوقات. أتصل به أحيانا في ساعات متأخرة فيتجاوب معي بشكل كبير ويضع لي الموضوع في نقاط بأن أتحدث كذا وكذا. لكن في المواقف السياسية مثلا نحتاج معها إلى تجاوب، فنحن نخوض حربا، وفي الوقت نفسه هناك مفاوضات. فتبرز أسئلة من مثل: هل هذه المفاوضات مستمرة؟ هل صنعاء قابلة بما تطرحه السعودية؟ هل...؟ وهل...؟ إلخ. وعندما نحاول التواصل مع الجهات المعنية حول هذا الجانب لا أحد يرد علينا، مع أن الموقف يمكن أن يترتب عليه قراءة في وسائل الإعلام. بالتالي ينبغي أن يكون مفهوما لدى هؤلاء أننا لا نريد أن تتضارب الرسائل مع بعضها، وينبغي أن يكون هناك انسجام بين الجانبين العسكري والسياسي، فلا نستطيع الفصل بينهما، لأن الحرب في النهاية هي ممارسة السياسة بطريقة أخرى. كما أن عليهم أن يفهموا أن ما يقوم به الإعلامي من الناحية العسكرية والسياسية ينبغي أن يكون متكاملا، فإذا ما كان هناك معطيات أو أحداث أو قضايا تتطلب إجابات دقيقة وحاسمة في هذا الجانب على هؤلاء أن يكونوا مزودين للمتحدثين العسكريين بالمعلومات المناسبة حتى لا تكون التصريحات متضاربة.

أسلحة لم تستخدم بعد
 إذا انتقلنا إلى المستجدات على الساحة والعدوان الأمريكي البريطاني على بلادنا... تحدث قائد الثورة عن تصعيد جديد سيتفاجأ به الصديق قبل العدو. برأيك ما هي طبيعة ذلك التصعيد؟ وهل تتوقع مثلا أن يتم قصف حيفا أو «تل أبيب» أو أن يطال القصف القواعد الأمريكية والبريطانية في المنطقة؟
 طبعاً، التصعيد إلى حد الآن يأخذ مساره في الجانب البحري. ما عرفناه من الاستراتيجية التي تدير بها القيادة العمليات ضد تحالف ثلاثي الشر، الأمريكي البريطاني الصهيوني، حتى منذ بداية العدوان على اليمن، هي أنها لا ترمي أوراقها مرة واحدة، بل توظف الأوراق إلى أقصى درجة. وفي الجانب العسكري هناك نجاح غير مسبوق، والدور في ذلك يعود إلى القيادة ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وإلى الشخصية النادرة التي لم يحظ منصب بمثلها كوزير دفاع للقوات المسلحة كما هو الحال مع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، الذي تجده في كل الجبهات والميادين وكأنه أكثر من وزير دفاع، يتحرك في أكثر من مكان، وكذلك القيادات العسكرية المباشرة من رئاسة هيئة الأركان إلى قيادات المناطق العسكرية. هناك نجاح عسكري على أعلى المستويات، وبالتالي إدارة العمليات من قبل هذه الشخصيات القيادية تجلت في نتائجها على الميدان بنجاح وانتصارات على المستوى الذي لم يكن في الحسبان. أيضا توظيف عناصر القوة على أعلى درجات التوظيف، وعدم رمي الأوراق مرة واحدة، فإن ذلك يمزج ما بين الصبر الاستراتيجي والذكاء التكتيكي، بمعنى أنك تقارب ما بين الإمكانات والوسائل والأهداف التي تريد الوصول إليها. ولذلك ما يمكن أن يُقرأ في ضوء هذه المعطيات في تعاملنا مع الأمريكي والبريطاني والكيان الصهيوني من عمليات هو أن التصعيد سيستمر في الجانب البحري إلى أقصى نقطة يمكن أن تصل إليها صواريخنا وطائراتنا المسيّرة ووسائلنا الأخرى. سننتقل بعد ذلك من ناحية المجال والمدى إلى ناحية الفاعلية والتأثير، بمعنى أنه كما تم الانتقال في الضرب على البريطاني إلى إغراق سفينته، ستنتقل بعد ذلك عملية الإغراق إلى ما يخص سفن الأمريكي والصهيوني أيضا. فالوسائل الأخرى التي إلى الآن ربما لم تستخدم، مثل الغواصات المسيّرة والطوربيدات، التي هي كابوس بالنسبة للأمريكي ولبوارجه وقطعه البحرية سيكون هناك تفعيل لها، وسيكون هناك تشتيت لقدرات الأمريكي والبريطاني والكيان الصهيوني في هذا المسرح الواسع الممتد من البحر الأحمر إلى البحر العربي إلى خليج عدن إلى المحيط الهادئ.

كل الاحتمالات واردة
 هل يمكن أن نشهد تدمير بوارج مثلا؟
 كل الاحتمالات واردة. اليوم صنعاء وصلت إلى مستوى متقدم، بفضل الله سبحانه وتعالى، في ما يتعلق بتلك الأسلحة البحرية، سواء من حيث المدى أو القوة التدميرية. ولقد شاهد الأمريكي وبات يعترف بتلك القدرات المتعلقة بالتأثير والمدى والدقة والمناورة الإلكترونية وتجاوز المنظومة الدفاعية. كل ذلك جرى العمل عليه وتطويره، بل وتجربته على أرض الواقع. وبالتالي يمكن لكل الاحتمالات أن تكون واردة، سواء في ضرب البوارج أو المدمرات، بل إن إحدى المدمرات البريطانية أصيبت بضرر بالغ في إحدى العمليات البحرية، وتم نقلها إلى مضيق جبل طارق لإصلاحها بعيدا عن الأنظار أو الرأي العام الذي يمكن أن يبدأ بوضع علامات الاستفهام حول ما تعرضت له أقوى قوة بحرية في العالم من مآسٍ في البحر الأحمر وباب المندب في التعامل مع بحرية لا تزال في طور النشأة، بل وتم إعادة بنائها في ظرف الحرب والحصار والإمكانات المحدودة.

مقارعة أقوى قوتين بحريتين في العالم
 ما طبيعة الهزة التي تعرض لها الأمريكي والبريطاني في البحر الأحمر؟
 أمريكا وبريطانيا وتحالف الشر، بل وكل الغرب الامبريالي، لم يتعرض لهزة فقط، بل تعرض لصفعة مدوية أسقطت ما تبقى من هيبته في المنطقة. نحن نتحدث عن أقوى قوتين بحريتين في العالم، جلبوا أساطيلهم وبوارجهم ومدمراتهم التي لم يجلبوها ولم يحشدوا مثلها في حرب الخليج الأولى والثانية، وجاؤوا بها لردع اليمنيين. هذه التجربة اليمنية التي جاؤوا لردعها تم تدميرها من قبل الأمريكي والبريطاني منذ بداية الألفية، وحرصوا على ألا يكون هناك قوات بحرية يمنية أصلا، وبعد ذلك جاء العدوان ليقضي على ما تبقى من تلك الإمكانات التي لم تكن لتذكر. تم إعادة بناء تلك القدرات والإمكانات في ظرف سنوات محدودة وبإمكانات محدودة رغم الحرب والحصار، لتصل اليوم إلى أن تقارع أقوى قوتين بحريتين في العالم. وهذا ما لم يكن محسوبا، وبالتالي ما فوجئ به الأمريكي هو أن اليمن اليوم يخوض لأول مرة معركة بحرية بهذا المستوى، بل هي المعركة الأولى بالنسبة للأمريكي والبريطاني التي تواجههما في البحر الأحمر وفي أعالي البحار وفي أهم نقطة في أعالي البحار، وتتعرضان فيها لمثل هذه الصفعة المدوية. لذا فإن الرسائل اليوم لا تُقرأ فقط بأن صنعاء حققت أهدافها في ما يتعلق بالسفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية، بل إن الرسائل التي باتت تُخشى اليوم من الأمريكي ومن الغرب الامبريالي بشكل عام هي أن اليمن عاد إلى الواجهة كقوة وازنة على المستويين الإقليمي والدولي، وذلك لأن العنصر الأساسي في قوة أي دولة هو القوة البحرية، وطالما أن القوة البحرية اليمنية استطاعت أن تجبر الأمريكي والبريطاني والكيان الصهيوني ومعهم الغرب الامبريالي على القبول بالأمر الواقع، وأن تحقق أهدافها، وأن تُفشل أهداف الغرب الامبريالي بشكل عام، فهذا يعني أن من يمسك بزمام المبادرة هو صنعاء. وبحكم هذا الموقع الاستراتيجي الفعال فإن اليمن سينتقل بذلك إلى الوزن الإقليمي والدولي، وهذا ما يخشاه الغرب، لأن اليمن عبر التاريخ متى ما وجد القيادة التي تستطيع أن توازن بين القوة والثروة فإنها تنتقل مباشرة إلى الوزن الدولي، نظرا لأهمية موقعها الاستراتيجي الحساس، والمتمثل بمضيق باب المندب، الذي يشرف على كافة التحركات البحرية، والذي يوصف بأنه القلب الاستراتيجي للعالم، حيث كل المضائق تتحرك إليه.

رجل القول والفعل
 قائد الثورة أعلن في خطابه الأخير أن طريق رأس الرجاء الصالح أصبح محظورا على سفن الكيان الصهيوني... برأيك ما الذي تم اتخاذه من حيثيات ليتم تطبيق هذا التهديد على أرض الواقع من قبل القوات المسلحة؟
 طبعا السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله لا يمكن أن يطلق تهديدا إلا وهو قادر على تنفيذه، فهو رجل القول ورجل الفعل. والنقطة الفارقة في ذلك التهديد هي أن السيد القائد دائما ما كانت المسافة الزمنية بين القول وبين الفعل تتلاشى لديه من عملية إلى أخرى، بمعنى أن الفعل غالبا ما كان يسبق القول. وبالتالي جرى عدد من العمليات التي سبقت ذلك التصريح وكانت ناجحة على أعلى المستويات، بما يضمن تحقيق خطوات متصاعدة ضمن هذا التهديد إلى أقصى درجة، وإغلاق الطريق في المحيط الهندي المتجه نحو رأس الرجاء الصالح سيتصاعد ضمن خطوات، وكل خطوة باتت محسوبة ومدروسة على مستوى المدى والقوة والتأثير والقدرة التدميرية، وبالتالي هذا التهديد لم يطلق إلا وقد أعدت له العدة بما يضمن تحقيقه بشكل كامل على أرض الواقع.

علينا أن نكون بمستوى التحدي
 كلمة أخيرة تقولونها عبر صحيفة «لا»...؟
 ما يميز صحيفة «لا» هو كادرها المهني المتميز، برئاسة الشاعر الفيلسوف صلاح الدكاك، بما لديه من قدرات وإمكانات وفيض فلسفي... فهي رسالة مني لكل طاقم هذه الصحيفة التي تمتاز بقراءاتها الواعية وما تتضمنه موادها وأعمدتها من معطيات ومعلومات وتناولات الشارع في أمسّ الحاجة إليها وإلى قراءات بذلك المستوى. وكذا هي رسالة إلى كل قواتنا المسلحة اليمنية مباركة وتهنئة بهذا الشهر الكريم، وإلى القيادة ممثلة بالسيد القائد عبد الملك الحوثي، الذي أطل اليوم باليمن إلى واجهة لم يسبق له أن وصل إليها. ورسالتنا أيضا إلى الزملاء المتحدثين العسكريين تهنئة ومباركة. ونحث شعبنا اليمني العظيم على أن يكون بمستوى الحدث، لأننا اليوم في مرحلة فاصلة لم يسبق لليمن أن خاض مثل غمارها هذا ووصل إلى مثل هذه النتائج عبر التاريخ، وبالتالي علينا أن نكون بمستوى التحدي، وأن يكون هناك التفاف واعٍ حول القيادة وحول الأهداف المرسومة، لنكون كما أراد القائد وكما أراد هذا الشعب الذي سطر من خلال كل البطولات عظمته كما كان سابقا وكما هو عليه اليوم.