قيصر الكرة اليمنية جمال حمدي لـ«لا الرياضي»:إبراهيم الحمدي أسس نادي 13 يونيو فلعبت معه
- تم النشر بواسطة فضل الذبحاني / لا ميديا

فضـل الذبحاني / لا ميديا -
جمـال حمدي اسـم لنجم كروي لامع لا نقاش ولا جدال حول ذلك، وموهبة كروية تلألأت في سماء الكرة اليمنية سنوات طويلة، قدم خلالها كل صنوف الإبداع كجواد جامح، سواءً مع ناديه المجد أو المنتخب الوطني.
رغم مرور عقود على اعتزاله، ما يزال يحتفظ بوهجه، وأكثر ما يميزه هو متحفه الزاخر بإرث كبير، إضافة إلى أدوات رياضية لألعاب الحديد يتدرب عليها باستمرار.
"لا الرياضي" زاره في منزله ورأى كم أن هذا النجم متفرد. وإليكم تفاصيل الحوار الذي أجريناه معه.
كابتن جمال، هلا تحدثنا عن بدايتك مع الكرة ونادي المجد؟
- بدايتي كانت مع نادي اسمه النجم، ضم نجوماً كباراً، على رأسهم سعيد العرشي، يحيى جلاعم، عبدالرحمن عنان، وآخرون. كان ذلك أواخر الستينيات. بعدها بسنوات قليلة تم ضم نادي النجم إلى أهلي صنعاء، وذهب معظم اللاعبين حينها إلى الأهلي مباشرة؛ إلا أنا، فضلت الانضمام إلى نادي 13 يونيو، أسسته مع مجموعة من اللاعبين تحت راية الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي رحمه الله، وبدأنا بالفعل نتهيأ لمرحلة جديدة بزخم ومعنويات غير عادية. لكن للأسف استشهد الحمدي ودخلنا في مرحلة أخرى أدت لإنهاء النادي واسمه تماماً، لأبدأ مرحلتي المتوهجة مع نادي المجد، وكان معي نجوم كبار. وكنا أنا وشويت ومحمد الآنسي ثلاثياً مرعباً. بعدها جاء معنا مراد وجمال هبة ومهدي علوان ونجوم آخرون رائعون، واستطعنا تقديم مواسم متميزة قارعنا فيها الأهلي والوحدة وشعب صنعاء، وفي مواسم عدة كنا قاب قوسين من الفوز بالدوري، وظفرنا بكأس رئيس الجمهورية مرة واحدة، ومرة كنا نصارع الهبوط، لأن بعض لاعبينا كانوا قليلي الخبرة أو لإصابات تلحق بنا؛ لكن بصفة عامة المجد كان فريقاً كبيراً ومخيفاً.
دعنا نسألك عن الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، هل كان مهتماً بالكرة، أم كان يريد إنشاء نادٍ لتخليد حركته التصحيحية؟
- الحمدي كان شغوفاً بالكرة والرياضة عموماً وتطويرها. كان يستقبلنا في منزله ويحثنا على تقديم أفضل ما لدينا من أجل اليمن، وفي أوقات كثيرة كان يطلب ناديه (13 يونيو) لنقوم برحلات كروية يتخللها أشياء نقوم بها كشباب من أجل الوطن، مثل التشجير، ونجوب الشوارع بمعنويات عالية، وصوت أيوب طارش يصدح في المذياع. لقد غرس فينا قيماً عالية، زرع حب اليمن بصدق وأمانة خالصة، ومن اهتمامه بنا أنه ذات مرة استدعاني ومعي الآنسي ومهدي الحرازي، قبل سفرنا مع المنتخب المدرسي إلى ليبيا، فذهبت إليه ومنحنا 15 ألف ريال، تقاسمناها الثلاثة، ويومها رجعت من المشاركة واشتريت سيارة.
لو لعبت مع الوحدة أو أهلي صنعاء، هل كان اسمك سيلمع بشكل أكبر؟
- لا أعتقد ذلك، وأرى أن نجوميتي تميزت مع المجد؛ لأنني صنعت الفارق، بعكس لو لعبت مع فريق زاخر بالنجوم، صنعت الفارق ولعبت مع المنتخبات وكنت قائداً لها، وأنا مع المجد عشرين عاماً من النجومية و95 مباراة دولية، وهي ميزات ميزتني عن كل اللاعبين.
ما هي أبرز حكاياتك مع المنتخبات الوطنية؟
- كثيرة جداً، وكل مشاركة لها حكاية تحتاج لشرح طويل.
مباراة أو هدف ما يزال عالقاً في ذهنك...؟
- أيضاً هي كثيرة؛ لكن أجمل أهدافي كان في مرمى إكرامي، حارس أهلي مصر وأفضل حارس في أفريقيا في ذلك الوقت، منتصف الثمانينيات، ومباراتنا أمام قطر عام 81 هي الأجمل. المنتخب القطري الذي قدم أفضل مبارياته كمنتخب شباب في كأس العالم التي استضافتها قطر حينها، ونحن منتخب كله نجوم شباب متحفز، وتعادلنا (1-1)، وأذكر أن مدربنا التشيكي طلب مني أن أستعمل مهاراتي في مراوغة اللاعبين القطريين ما أمكنني ذلك، وبالفعل غزلت الفريق بالكامل وقدمت فاصلاً مهارياً لا يأتي إلّا من مارادونا وميسي، ومررت الكرة إلى الناظري ليسجل هدف التعادل، وساعدني في ذلك أنني كنت أجيد التحكم بالكرة بإحساس عالٍ مع سرعة فائقة، حيث كنت أيضاً بطل سباق 200 متر وأحرزت فيها بطولة الجمهورية.
رغم نجوميتك اللامعة لم تحترف خارجياً...؟
- تلقيت عروضاً عديدة من السعودية وبعض دول الخليج، وعروضاً من أندية أوروبية؛ لكن العقلية الاحترافية لم تكن موجودة من ناحية، وأيضاً لم يكن هناك بجانبي من ينورني ويوضح لي إيجابيات الاحتراف ويشجعني عليه. والإعلام أيضاً كان محدوداً جداً، ناهيك عن أنني كنت ملكاً في وطني، كل شيء عندي، نجومية تتجاوز الحدود وأمور مادية غير عادية، فبماذا أحلم بعد ذلك؟!
أي الأندية كنت تتألق أثناء مواجهتها؟
- الوحدة وأهلي صنعاء، والأخير كنت دائماً أثخن شباكهم، لدرجة أني ذات مباراة راوغت نصف الفريق وحارسهم السر بدوي ودخلت إلى المرمى.
وفرق بقية المحافظات كيف كنت تراها؟
- في إب الشعب والفتوة، وفي تعز الأهلي كان هو الفريق المرعب بجماهيره والمنافس الأقوى على الدوري.
ما أجمل ما يميز نجوم جيلك؟
- الأخلاق والحب والود والتنافس القوي. انظر إلى هذه الأسماء كنماذج: عبدالعزيز القاضي، محمد طه، عبدالملك ثابت، نيخا، جلاعم، يحيى العذري، عبدالله الصنعاني، عزيز الكميم، شكيب البشيري، مضر السقاف، عبدالحميد الشاويش، عبدالله الأسد، القربة، عبدالرحمن إسحاق، أحمد سعد العذري، أنور عديني، شنب حمادي، وطن البريد... أسماء عمالقة بالفعل، نتنافس بقوة داخل الملعب وبعد المباراة نذهب لنتعشى معاً. الآن وسط الملعب تراهم يريدون أن يتقاتلوا.
ما هي ذكرياتك مع لقب الهدّاف الذي خسرته في اللحظات الأخيرة أمام خالد محمد علي لاعب الصقر؟
- صحيح، كنا نتنافس أنا وخالد، وفي مباراتنا أمام الصقر قلت لزملائي المدافعين: راقبوه وامنعوه من التسجيل؛ لكنه سجل، وكان يتميز برأس ذهبية.
إدارة كرة القدم اليوم، كيف تقيّم عمل الاتحاد؟
- مخجـــل ومضحــك؛ عشــوائية، دكتاتورية، عبث، تدمير للمواهب... ليس لديهم رؤية واضحة، والدليل مشوار المنتخبات الوطنية. كنا في الثمانينيات نفوز على الإمارات والبحرين ونتعادل مع الأردن ونخسر من السعودية بشق الأنفس. اليوم تجدنا نخسر من السعودية بمنتخبنا الأولمبي 3- صفر ودياً، ويطلع مدربهم يسخر قائلاً: المباراة لا تعكس مستوانا لأن المنتخب اليمني سيئ ومباراتنا معه لا تفيدنا من الناحية الفنية... عيب وعار أن نصل لهذه الدرجة، تصنيفنا مُبْكٍ على مستوى الأرقام نحن 156 عالمياً وفنياً. نحن فوق المائتين مع غوام وسيرلانكا وبوتان! عيب علينا السكوت على مثل هكذا مهازل يتحملها الاتحاد والأندية والحكومة، والمشكلة المحزنة فعلاً في اللاعب اليمني، لدينا مواهب لكن بلا رعاية!
تخيل أن لاعباً يلعب في الدوري بـ30 أو 40 ألف ريال، وعندما يحترف يحصل على 300 دولار وينتهي به الحال يأكل في العراق شوارما ليحافظ على المصروف!
وما هي الحلول من وجهة نظرك؟
- نحتاج إلى ثورة كروية ضد اتحاد الكرة، تقف إلى جانبها القيادة السياسية والحكومة، وتصحيح أوضاع الأندية وتوعيتها، وإفساح مجال قيادة اتحاد الكرة لمن لديهم فكر وخطط مستقبلية وحرص على الكرة اليمنية من الكفاءات التي تمتلك كل مقومات النجاح، خبرة ومؤهلات علمية على مستوى عالٍ، والنماذج موجودة.
هلا تعطينا بعض هذه النماذج بالأسماء؟
- نعم، هناك أمين جمعان، رجل محنّك قادر على قيادة الكرة اليمنية، وإلى جانبه مجموعة رائعة مثل الدكتور إيهاب النزيلي، زيد النهاري، صالح بن ربيعة، فضل مثنى رازح، نبيل شملان، علاء الصاصي، محمد حسن أبو علاء، شرف محفوظ، وجدان شاذلي، خالد الناظري، عبدالله الصنعاني... هذه الكوكبة وأمثالهم برئاسة أمين جمعان صدقني سوف يغيرون وجه الكرة اليمنية الحالك. ضف إليهم الشخصية المحورية شوقي أحمد هائل كرئيس فخري للاتحاد، واللائحة تنص على اختيار رئيس فخري للاتحاد العام، وكل المواصفات تنطبق على شوقي.
باختصار: الاتحاد الحالي يجب أن يرحل، ومن العار بقاؤه جاثماً على الكرة اليمنية. هذا الاتحاد لا يريد إلّا الفشل والخسائر لليمن. حاولت معهم عندما عملت مع الاتحاد وبذلت ما بوسعي لتقديم خلاصة تجربتي وخبرتي وعلمي وعلاقاتي الدولية؛ لكنهم للأسف حاربوني بكل الوسائل، فابتعدت، والآن آن الأوان لرحيلهم وتولي قادة جدد للاتحاد، وأرى من ذكرتهم الأصلح لمرحلة جديدة تعيد للكرة اليمنية كبرياءها وتعمل على تطويرها.
كابتن جمال، كلمة أخيرة تختم هذا الحوار...؟
- القلب موجوع مما تمر به الكرة اليمنية من انهيار واحتراق المواهب ودوري فاشل لا قيمة له ومشاركات مخجلة!
لا بد من تكاتف الشرفاء والمحترمين لترحيل هذا الاتحاد وإفساح المجال لدماء جديدة.
وكل الشكر لكم في صحيفة "لا" وملحقها الرياضي.
المصدر فضل الذبحاني / لا ميديا