عادل عبده بشر / لا ميديا -
البداية كانت تغريدة لأحد المتفاعلين على منصة “تويتر” مساء الجمعة 9 يونيو/ حزيران الجاري، بوجود باخرة زيت طعام خام في ميناء الحديدة على رصيف التفريغ. مشيراً إلى أن التاجر، الذي لم يذكر اسمه، قام باستئجار قاطرات مخصصة لنقل الديزل، كي تقوم بمهمة نقل زيت الطعام الخام من الميناء.
ومساء اليوم التالي، السبت 10 يونيو/ حزيران، تناقل بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، معلومات عن قيام مجموعة من سائقي قاطرات نقل الديزل والبترول في الحديدة بطمس اسم وعلامات الديزل والبترول من صهاريج القاطرات، ووضع لواصق صفراء اللون كتلك الموجودة على الناقلات الخاصة بزيت الطعام، مؤكدين أن تلك القاطرات تقف في جولة الصدف بجوار مقر جمرك رقابة الحديدة، وهو ما عزز الشكوك حول وجود مساع لتفريغ باخرة زيت الطعام الراسية في الميناء إلى تلك الناقلات، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على صحة المواطنين.
صحيفة «لا» لم تنتظر تأكيد الإشاعات من عدمه، وقامت، عصر الأحد الماضي، بالتواصل مع مدير عام الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة -فرع الحديدة، المهندس إبراهيم الدولة، مستفسرة عن حقيقة تلك المعلومات وما الإجراءات التي اتخذتها الهيئة تجاه التاجر وأصحاب الناقلات؟
وأوضح المهندس إبراهيم الدولة، خلال حديثه لـ«لا»، أن باخرة زيت الطعام التي وصلت، الخميس 8 يونيو/ حزيران الجاري، إلى ميناء الحديدة تحمل زيت طعام خاما، وليس زيت طعام منتجا نهائيا، حيث تتم عملية الإنتاج النهائي لزيت الطعام بعدة مراحل تُجرى في المصنع الخاص بالشركة المستوردة للكمية، ومنها عملية الفلترة والتنقية وإزالة الشوائب وما إلى ذلك، حتى يُستخرج بعد ذلك زيت طعام مطابق للمواصفات والمقاييس.
وأشار الدولة إلى أن الكمية إياها من زيت الطعام الخام والتي كانت على متن الباخرة، لافتاً إلى أن تلك الكميات تم تفريغها من الباخرة إلى خزانات وصهاريج عملاقة، ثابتة في الميناء ومخصصة لذلك.
وقال الدولة إنه لدى التاجر المستورد، أسطول من القاطرات الخاصة بنقل زيت الطعام، إلا أن هذا العدد لم يغطِ الكمية المتوفرة في الميناء، فطلب التاجر من المُتعهدين التابعين له، أن يوفروا قاطرات أخرى إضافية، فقام بعض «الفضوليين» من أصحاب قاطرات الديزل والبترول الواقفة خارج الميناء، بطمس كلمات وشعارات الديزل ووضع لواصق صفراء بدلاً عنها، كنوع من الخداع بأن هذه القاطرات خاصة بزيت الطعام وليس بالمواد النفطية».

نزول ميداني للتأكد
وأشار مدير هيئة المواصفات والمقاييس إلى أنه وبمجرد أن تلقى بلاغاً بذلك، قام بالنزول الميداني إلى جولة الصدف بمدينة الحديدة، وشاهد تلك القاطرات التي تم تزييف علاماتها، مقدراً عددها بأنه يتراوح ما بين 12 و15 قاطرة متجمعة في مكان واحد.
وقال: «قمنا مباشرة بالتواصل مع أصحاب الشحنة وطلبنا منهم تزويدنا بكشوفات تتضمن عدد القاطرات المعتمدة لديهم وأسماء سائقيها، فأحضروا لنا الكشوفات، وبعد ذلك نزل فريق مختص من الهيئة وفريق من الشركة إلى القاطرات، وعددها نحو 60 قاطرة، وقام فريق الهيئة بفحصها وتقييمها والتحقق من معايير التنظيف والتعقيم التي تتم من قبل الشركة، وتم استبعاد القاطرات المخالفة، والسماح للمُطابقة بتحميل كمية الزيت، ويتم في هذه اللحظة (وقت إجراء الحديث مع الصحيفة الرابعة عصر أمس) تفريغ كمية الزيت من الخزانات والصهاريج التي في الميناء إلى تلك القاطرات، التي ستقوم بعد ذلك بنقلها».
وأضاف الدولة قائلاً: «بالنسبة للقاطرات التي تتواجد خارج الميناء وقام أصحابها بطمس علامات الديزل والبترول منها،  لن نسمح بإدخالها إطلاقاً إلى الميناء».
وحول الإجراءات التي تم اتخاذها ضد أصحاب تلك القاطرات، أفاد المهندس إبراهيم الدولة أن الهيئة لم تتخذ أي إجراء ضدها، مضيفاً بالقول: «هي تتواجد خارج الميناء، ونحن ليس لنا علاقة بها، وأي قاطرة تدخل الميناء نقوم بمراقبتها وفحصها وتقييمها».
ولفت الدولة إلى ضرورة أن يكون هناك ترتيب وتنسيق لهيئة الجودة مع الهيئة العامة للنقل البري، في ما يخص القاطرات التي تقوم بعملية النقل من الميناء، بحيث يتم وضع شروط وعلامات وأرقام معينة للقاطرات الخاصة بنقل زيوت الطعام والمواد الغذائية، على سبيل المثال، وتتولى هيئة النقل الرقابة عليها، موضحاً أن هذا التنسيق قد بدأ حالياً في ما يخص وسائل نقل الأطعمة المجمدة والمبردة والأغذية عالية المخاطر.

خارج الضبط
ورغم أن موضوع طمس العلامات في ناقلات الديزل تمهيداً لمحاولة إدخالها الميناء لنقل زيت الطعام الخام، قد أُثير على أعلى المستويات ووصل إلى قيادة محافظة الحديدة، بحسب ما أكده مدير هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة بالمحافظة، إبراهيم الدولة، إلا أن الغريب في الأمر أن أحداً لم يتحرك لضبط سائقي تلك القاطرات ومن قام بعملية التزوير، وفقاً لمصادر خاصة.