لا ميديا -
من أصحاب أمير المؤمنين علي والإمام الحسين عليهما السلام. استشهد في واقعة الطف. كان من شيوخ القراء، ومن أشراف أهل الكوفة، شجاعاً، تابعياً، ناسكاً، قارئاً للقرآن.
هو بُرَيْر بن خُضَيْر الهمداني المشرقي، ينتمي إلى بني مشرق، وهم بطن من قبيلة همدان اليمانية.
لما بلغه خبر الإمام الحسين سار من الكوفة إلى مكة ليلحق به، فجاء معه إلى كربلاء.
في 10 محرم، قال برير للإمام: «ائذن لي أن أذهب إلى عمر بن سعد»، فأذن له، فذهب إليه حتّى‌ دخل عليه خيمته، فجلس ولم يسلّم. فغضب عمر وقال: «يا أخا همدان، ما منعك من السلام عليَّ؟ ألستُ مسلماً أعرف اللّه ورسوله وأشهد بشهادة الحقّ؟!».
فقال له برير: «لو كنتَ عرفتَ اللّهَ ورسولَه كما تقول لما خرجتَ إلى‌ عترة رسول اللّه تريد قتلهم! وبعدُ، فهذا الفرات يلوح بصفائه، ويلج كأنّه بطون الحيّات، تشرب منه كلاب السواد (يعني سواد العراق) وخنازيرها، وهذا الحسين بن عليّ وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشاً، وقد حُلْتَ بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه، وتزعم أنّك تعرف اللّه ورسوله؟!».
فقال عمر بن سعد: «يا بُرير، أتشير عليَّ أن أترك ولاية الريّ فتكون لغيري؟! فواللّه ما أجد نفسي تجيبني لذلك».
عندما برز برير إلى الميدان في يوم عاشوراء ارتجز يقول:
أنَا بُرَيرٌ وأبي خضير
لَيثٌ يَروعُ الأُسدَ عِندَ الزّير
يَعرِفُ فينَا الخَيرَ أهلُ الخَير
أضرِبُكُم ولا أرى‌ مِن ضَير
كَذاكَ فِعلُ الخَيرِ مِن بُرَير!
فناداه يزيد بن معقل من معسكر ابن سعد، فبرز له، فاختلفا ضربتين، فضرب يزيدُ بُريراً ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً، وضرب بُريرٌ يزيداً ضربةً بلغت الدماغ. ثم حمل رضي بن منقد العبدي على بُرير، فاشتبكا ساعة، ثمّ صرعه بُرير وجثم على صدره، فراح رضي يصيح بأصحابه: «أين أهل المصاع والدفاع؟!»، فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي يحمل عليه بالرمح حتّى وضعه في ظهره، فلمّا أحسَّ بريرٌ مسّ الرمح برك على رضي فعضّ أنفه حتّى قطعه، ولكن كعب أنفذ الطعنة حتّى غيب السنان في ظهره وألقاه عنه.