حاوره:طلال سفيان / لا ميديا -
علم واسم بارز في ألعاب القـوى داخل الوطــــن وخارجه. بالإمكان وصفه بـ"أبو أم الألعاب" في اليمن.
عندما خاض السباقات حقق العديد من الألقاب والبطولات داخل الوطن وخارجه. وعندما توقف عن الركض بقي في المضمار الأحمر مدربا وإداريا، واضعا بصمته على تأهيل وصقل وإخراج الأبطال في لعبة تعد مدينته منجمها الذي يصنع ويعد أبطال اليمن وأبطال العرب وغيرهم من دول شتى بعيدة عن المنطقة العربية.
الحديث مع الكابتن والخبير في ألعاب القوى يحتاج لكتاب لتدوين السيرة والمنجزات والحكايا والصمود والهموم والمصاعب... ومن هذا الباب كان لصحيفة "لا" لقاء معه في لحظة تدريب مع نجومه الصاعدين لعنان السماء.

  هل بدأت حياتك الرياضية في ألعاب القوى أم برياضة أخرى؟
-  بدايتي في ألعاب القوى، وكانت في المدرسة مع زميلي الكابتن علي الذماري، مدرب منتخب محافظة ذمار ولاعب منتخب ألعاب القوى، الذي اصطحبني لسباق في اليوم الأولمبي وحصلت على المركز الأول في فئة الناشئين.
 
وبالنسبة لمشاركتك في تمثيل الوطن في البطولات الخارجية، ما الذي حققته؟
-  العديد من الإنجازات، أبرزها حصولي على المركز الثالث في ماراثون البطولة الدولية بلبنان، والمركز الثاني في الملتقي العالمي للشباب والطلبة بالجزائر، وفي بطولة الجامعات العربية بالعراق حصلت على المركز الثاني في سباق 5000 متر العام 2001/2002.

  كيف كانت الفوارق بينكم وبين لاعبي الدول الأخرى؟ وهل تلقيت عروضاً خارجية؟
-  كانت الفوارق كبيرة. بعد أن حققنا المركز الأول لليمن في بطولة آسيا لسباق الضاحية للناشئين في قطر في العام 1993 تم تكريمي من قبل أمين عام الاتحاد القطري وعرضت عليّ وعلى زميلي محمد الحدا الجنسية القطرية للعب باسمهم. كنت حينها صغير في السن ورفض الأهل هذا الأمر.
توقفت عن العدو في العام 2003، وكنت حينها بطل الجمهورية. وكانت سياسة الاتحاد العام لألعاب القوى تعتمد على فئتي الناشئين والشباب، وتتجاهل فئة الكبار. وبالنسبة لاتجاهي للتدريب فقد بدأت في هذا الحقل عندما كنت لاعباً، وتحديدا في العام 1996. ولأنه لم يكن يوجد مدربون لألعاب القوى في محافظة ذمار بعد الاستغناء عن المدرب الصيني وقبله الياباني، اتجهت للتدريب واللعب في الوقت نفسه.

  كمدرب، من أهم النجوم الذين تخرجوا على يدك؟
- أعددت العديد من نجوم ألعاب القوى في الوطن، من أبرزهم اللاعب نبيل الجربي، واللاعبون جعبل علي وسعيد الأضرعي وسالم علوي وإسماعيل الدولة ووليد علاية ومحمد السكربي وياسر باغراب الذي تم تجنيسه للعب لصالح قطر. ومن اللاعبين الجدد اللاعبان عبدالله وأسامة اليعري ونور الدين الحميضة. وكل هؤلاء أعددتهم منذ كانوا صغارا، وحققوا إنجازات لليمن في البطولات الدولية.

  ومن أبرز اللاعبين الذين تعدهم اليوم؟
- هناك الكثير من الأسماء، منهم وليد الريمي وباسم القائفي وأسامة الريمي... وهؤلاء من أبرز النجوم الواعدة اليوم في المسافات المتوسطة والطويلة، وننتظر منهم تحقيق نتائج مشرفة للوطن إذا تم الاهتمام بهم.

  هلا تعطي الجمهور فكرة عن كون ذمار منجماً للاعبي ألعاب القوى، وسبب هذا التميز؟
- محافظة ذمار ترتفع عن سطح البحر 2400 متر، وهذا جيد للعدائين بالذات، حيث يكسبهم قدرة على خوض سباقات المسافات المتوسط والطويلة. جاءت منتخبات خارجية لخوض معسكرات تدريبية في ذمار، منها منتخب قطر ومنتخب السودان. وعندما حقق العداء السوداني إسماعيل أحمد إسماعيل  الميدالية الفضية في أولمبياد طوكيو 2020 عسكر قبلها في ذمار. كذلك عندما حقق أبوبكر كاكي أفضل نتيجة في سباق 800 متر وفضية بطولة العالم للشباب، وكانت ثاني أفضل نتيجة للسودان في هذه المسافة، كان معسكراً هنا في ذمار. المنتخب القطري عسكر في ذمار وذهب للمشاركة في بطولة آسيا وحقق المركز الأول في ماراثون التتابع. كما حققوا نتائج ممتازة في نصف الماراثون، ونافسوا العدائين الكينيين والإثيوبيين.

 خــــلال حضــــور العــــدائين والمنتخبات الخارجية إلى ذمار، هل استفدتم منهم؟
- نعم، هناك استفادة وتعاون. عندما حضر منتخب قطر إلى ذمار عملت مع الكابتن موسى مدني، رحمة الله عليه، كمساعد مدرب، وكان عدد من لاعبينا يشاركون في التدريب مع لاعبي منتخب قطر. كما عملت مع مدرب منتخب السودان الجامي آدم، ونسقنا لمنتخبنا الوطني لمشاركتهم في التدريبات، وأثمرت تحسن مستويات لاعبي منتخبنا.

 كيف كانت انطباعات الفرق الخارجية عن ذمار؟
- كانوا مرتاحين كثيرا، فقد حققوا من خلال معسكراتهم الإعدادية في ذمار إنجازات رائعة في البطولات العالمية والقارية. أتذكر أن عداء أمريكياً من أصل صومالي كان يفضل إعداد نفسه هنا في ذمار قبل أي مشاركة دولية في ألعاب القوى، وكان يفكر أن يشتري منزلاً في ذمار للعيش فيها أثناء استعداده للبطولات.

  كيف يجري معكم الدعم من قبل السلطة المحلية والاتحاد والوزارة؟
- لا يوجد أي اهتمام. بالنسبة للاتحاد العام مثله مثل بقية الاتحادات الرياضية في الوطن، لا يوجد له دعم من وزارة الشباب والرياضة، ولذلك لا يوجد دعم منه لنا.

  ذمار منبع ألعاب القوى في اليمن. لماذا لا ترفعون الصوت وتطالبون بالاهتمام والدعم؟
- سيقولون لك: نحن في عدوان وحصار، ووزارتين للشباب والرياضة واحدة في صنعاء وواحدة في عدن... الوزارة في صنعاء ليس لها سياسة أو خطط لإنعاش الأنشطة والفعاليات الرياضية الداخلية. والوزارة التي في عدن لا دعمت ولا اهتمت حتى بالألعاب الفردية التي تحقق لليمن إنجازات، ولا تعتمد المشاركات. الكثير من اللاعبين تركوا الرياضة وذهبوا بحثا عن مصادر رزقهم، نتيجة عدم وجود أنشطة، وأيضا عدم قدرتهم وقدرة أسرهم على التفرغ للرياضة. لاعبنا بسام المقداد يذهب لبيع الساندويتشات في مزارع القات، ونبيل الجربي يشتغل في مزارع البطاط، واللاعب عبدالكريم الحدم يشتغل فوق موتور (دراجة نارية)، ووليد الريمي يساعد والده في معرض ملابس.

  كل هذه الأسماء أبطال في ألعاب القوى! لماذا لا توظفهم الدولة؟
- سيقولون: ممكن نوظفهم؛ لكن من أين نعطيهم مرتبات؟! نحن رفعنا بأسماء اللاعبين الجدد، وهم طبعا يعدون من أكفأ الرياضيين وأمل اليمن القادم، حتى يتم اعتمادهم وصرف حافز شهري لهم من صندوق رعاية النشء والشباب والرياضة، فكانت حجة الوزارة أن هؤلاء اللاعبين لا تنطبق عليهم اللائحة، لأنهم ليسوا لاعبي منتخب.
الآن المشاركات الخارجية محدودة جدا، ولا يوجد لها دعم وزاري، وإن وجد فدعم شخصي لتذاكر السفر، وهذه تعتمد للاعبي قوى اليمن المتواجدين في قطر، نظرا لسهولة استخراج التأشيرات لهم، ويتم تجاهل اللاعبين المتواجدين داخل الوطن.

 هل هذه الإشكاليات التي تواجهونها تهدد ألعاب القوى في ذمار؟
- لا تهددها فقط، بل وتحطمها. نحن كمدربين في المحافظة نحافظ على ما بقي، ولدينا لاعبون مستمرون في مرانهم ومزاولتهم للعبة حبا فيها، وهذا ما حفزنا على مواصلة التدريب، مع أننا لا نستلم أي مرتب من أي جهة، واهتمام الأندية في المحافظة كسلام معبر والفتح وشباب رخمة هو بشكل بسيط، بسبب قلة الإمكانيات وعدم توفر المخصصات المالية لها من السلطة المحلية والوزارة. أيضا ندرة إقامة البطولات تدمر اللاعبين. أنت لماذا تركض وتعدو؟! أكيد لأجل المشاركة في البطولات والمنافسة وتطوير نفسك.

  وبماذا تنصح تجاه هذا الأمر؟
- أتمنى من مؤسسات الدولة أن تهتم بالشباب بدلا من أن تكون هذه الفئة في آخر اهتماماتها. انظر كيف ذهب منتخب الناشئين من عدن إلى مدينة الدمام السعودية برا، وعندما حقق بطولة غرب آسيا الكل اهتم ودعم وتبرع، وبعدها دخل في معسكر داخلي لمدة شهر دون أي دعم، وذهب للمشاركة في البطولة ذاتها بالأردن وهو صاحب إنجاز اللقب؛ ولكن انعكس هذا الأمر عليه وخرج من الدور الأول. أكثر ما يغيظنا أن تذهب للمشاركة في بطولة، تجري وتحقق نتائج أفضل من لاعب تونسي أو سعودي أو قطري... الخ، وبعد 6 أشهر ذلك اللاعب المنافس يكون بطلا عالميا وأنت مستواك محلك سر! اللاعب اليمني موهوب بشكل كبير، وخاصة في الألعاب الفردية، والدليل اللاعب ياسر باغراب، هناك من هو أفضل منه داخل الوطن مثلا نبيل الجربي لديه التحمل والسرعة النهائية. ياسر وصل للعالمية لأنه لقي الاهتمام وتوفرت له المعسكرات، بينما نبيل الجربي والآخرون في الوطن يجري يطلب الله على نفسه! نعم، لاعبونا يسقطون واجبا بمزاولتهم للتدريب بهدف المحافظة على مستواهم، وليس للتطوير، وهذا بسبب انقطاع البطولات والمشاركات وعدم الاهتمام.

  هل من مساهمات أخرى تساعد على ضخ هواء في رئة ألعاب قوى ذمار؟
- نحن في فرع اتحاد ألعاب القوى بمحافظة ذمار نسعى على الدوام لإقامة بطولات للبراعم والناشئين والشباب والكبار، وندعم بقدر الإمكان ونسلم جوائز مالية للاعبين بمساهمات ذاتية، ومساهمات بسيطة من التجار والشخصيات العامة، حتى نحافظ على دوران أم الألعاب، وهناك دعم لا بأس به من جامعة جينيس بذمار في أي مشاركة، وشاركنا باسمها في بطولة الجامعات بصنعاء.

  وماذا عن فرع اتحاد ألعاب القوى الذي تترأسه بمحافظة ذمار؟
- نحن نعمل بكل جهدنا بحيث نوفر بطولات للاعبين رغم عدم توفر الدعم اللازم. الفرع يوجد به كوكبة من نجوم ألعاب القوى. الأمين العام، الكابتن سالم صالح علوي، بطل المسافات القصيرة وصاحب الرقم اليمني في 100 متر. ونائب الرئيس، الكابتن مصطفى المحيا، مدير الأنشطة في مكتب الشباب. وأحمد نصر الرجامي من أبطال الجمهورية وصاحب ذهبية سباق الضاحية في البطولة العربية بالأردن...
وأقمنا منذ العام الماضي 3 سباقات للناشئين والبراعم وللشباب والناشئين، وبطولة في أسبوع الشهيد. كما أقام الاتحاد العام بطولة المحافظات، ومؤخرا بطولة الجمهورية لمنتخبات الناشئين على مضمار استاد ذمار.

 بالمناسبة، لماذا تفوقت عليكم حضرموت في بطولة منتخبات الناشئين التي جرت مؤخرا في ذمار؟
- استطاع منتخب حضرموت الوادي انتزاع المراكز الأولى لبطولة منتخبات الناشئين التي أقيمت هذا الشهر على المضمار الأحمر بذمار، نظرا للبطولات المستمرة في حضرموت الوادي، وثانيا أن برنامج البطولة اختار سباقات المسافات القصيرة والوثب، وأهمل سباقات المسافات الطويلة التي يجيدها لاعبو قوى ذمار، وهذا هيأ ليفوز بهذه السباقات منتخب حضرموت الوادي، بينما لاعبو ذمار لا يحققون في الخارج أي نتيجة في هذه المسافات، ويجيدون تحقيق نتائج في منافسات السباقات الطويلة.

  ما هو أبرز موقف حدث معك أثناء فترة لعبك؟
- عندما كنا نستعد للمشاركة في الملتقى العالمي للشباب والطلبة. كان استعدادنا لسباق الماراثون مسافة 42 كيلومترا، وعندما وصلنا الجزائر، وبحكم أنني درست بالجزائر احتككت بأبطال هناك وشاركت مع نادي أولمبي بيسة. كنت أعرف مجموعة من اللاعبين. حاولت تحسين رقمي؛ لكن كانت مسافة السباق 6 كيلومترات وليست 42. كنت أعدو وأرى خط النهاية قريبا، وأرى الساعة مر منها 19 دقيقة، فقلت: باقي ساعتان و10 أو15 دقيقة! كان العدائون يسرعون بشكل جنوني، وفي النهاية حققت المركز الثاني، وحقق زملائي محمد الخولاني المركز التاسع، وخالد العتاشي المركز السابع عشر.

  رسالة توجهها في هذا الحوار؟
- إلى كل مسؤولي هذا البلد، سلطات محلية ووزارة: أنتم أتيتم لخدمة الشباب والرياضة ومن أجل إحياء وإنعاش مناشطهم، فاتقوا الله بشباب اليمن. لا بد من تحقيق أهداف عملكم ومسؤولياتكم تجاههم.
لو شيدت وهيأت الملاعب لتواجد الشباب فيها بدلا من الذهاب لمجالس القات. أنت أخي العزيز هنا معنا في استاد ذمار وترى بعينك تدريب يجريه لاعبو فريق نادي نجم سبأ لكرة القدم. هم يشترون الأدوات من أحذية وكرات وشباك من مصاريفهم، وهذا حبا في الرياضة وحبا لمدربهم الكابتن رشاد، الذي أصر على مواصلة التدريبات وصقل مهارات الشباب والناشئين في لعبة كرة القدم.

  كلمة أخيرة كابتن فؤاد؟
- شكرا لك على هذه الزيارة للاطلاع على أحوال أم الألعاب في محافظة ذمار. وشكرا على إتاحـة هــذه الفرصة. وشكرا لملحق "لا الرياضي"، وبالتوفيـق لمشـاريعكم الإعـلامـية الريـاضية. ونرجو ممن انتقدناهم أن يتحملونا؛ لأن الحال ضاق بنا، ونحن صامدون بأقل أقل الإمكانيات.