حاوره: أنور عون - طلال سفيان / لا ميديا -
شيخ المعلقين ومقدمي البرامج الرياضية في اليمن، وأحد أشهر المعلقين الرياضيين العرب.
شارك في العديد من الدورات الأولمبية والأحداث الرياضية العربية، وكان أشهر صوت على الميكرفون في اليمن وحتى اليوم.
صحيفة "لا" زارت علي العصري نجم كرة وحدة صنعاء في السبعينيات وحتى مطلع الثمانينيات, والوجه التلفزيوني الرياضي الأشهر في الوطن, في منزله، وأجرت معه حوارا تميز بنكهة هذا القامة المعروف بثورته ضد الفساد والقبح الرياضي.

 ما هو سر غياب الأستاذ علي العصري عن الساحة الرياضية؟ وهل ما زلت تتابع الأحداث الرياضية؟
- غيابي أسبابه كثيرة، منها التحولات التي حدثت في بلادنا وفي "خليجي 20" وما حصل من إشكاليات، رغم نجاح الاستضافة؛ لكن كان هناك بيع وشراء للبطولة، وهناك تأزمت وابتعدت عن التلفزيون كما أحلت للتقاعد وذهبت حقوقنا في أشياء لا نعرفها ولم يرضَ الصندوق الاجتماعي اعتبارنا متقاعدين.

 ما هي الإشكاليات التي تقول إنها حدثت في "خليجي 20"؟
- أولا: نقل البطولة إلى عدن، رغم أن النظام يقول تستضيفها صنعاء وعدن, وكانوا يتعذرون بأن صنعاء لا تملك ملاعب، مع أن أحمد الكحلاني، أمين العاصمة في حينها، أفادني بأنه يستطيع بناء ملعب دولي خلال 6 أشهر عبر الشركة الصينية؛ لكن الذين أرادوا نقلها كان لهم حسابات تجارية واستثمارية، منها إنشاء فندق القصر والاستيلاء على عشرات الهكتارات من الأراضي، وهم ممثلون بأحمد علي عبدالله صالح، وحافظ معياد رئيس "كاك بنك" ومدير بطولة "خليجي 20"، وأحمد العيسي رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم, حتى أنهم باعوا حقوق نقل البطولة حصريا للإمارات, فمنعنا من النقل التلفزيوني. تصور؛ أنا ابن اليمن المنظمة لـ"خليجي 20" كنت أعلق على دورات البطولة وعندما نظمها بلدي لم أتمكن من ذلك؛ لأن العصابة باعت البطولة. بنوا ملعب لـ"خليجي 20" في أبين بـ13 مليار ريال يمني، ولعبت مباراة واحدة فيه، وانتهى بعدها الملعب وما فيه!
هذه من الإشكاليات التي أبعدتني من العمل في التلفزيون. أضف إلى ذلك أوضاع البلد وما حصل في 2011 ثم العدوان في 2015... ولا رحم الله من كان السبب في قدوم العدوان الذي دمر بلدنا ومكتسباته وأحلامنا!

 كيف ترى تنظيم كأس العالم في قطر؟
- خلال بطولة "خليجي 20" أعلن فوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022. وأتذكر أن مراسلي قنوات قطر احتفلوا بهذا الخبر, كذلك نحن احتفلنا؛ كون قطر أول دولة عربية تفوز بحق استضافة كأس العالم, وهذا الفوز له سر خاص، وهو أن محمد بن همام كان رئيسا للاتحاد القطري لكرة القدم والاتحاد الآسيوي، وهو كان زميلاً عزيزاً لرئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم السابق علي الأشول رحمه الله, وابن همام كان طموحه دخول انتخابات الاتحاد الدولي لكرة القدم والفوز بهذا المنصب، وكان لديه أصوات كثيرة، فعملوا معه مفاصلة أن يكون رئيسا للفيفا أو يعطى ملف استضافة قطر لكأس العالم. ووفق هذه القضية فازت قطر بالتنظيم ودفعت الكثير والكثير من الأموال, ثم ابتعد محمد بن همام عن الرياضة بشكل عام.
كنا نقول: كيف لقطر الدولة الصغيرة أن تنظم هذا الحدث؟! لكن هذا السر وهذا النجاح أعطاهم فرصة للعمل. صحيح إنهم خسروا 220 مليار دولار ولن يكسبوا أكثر من 15 مليار في تنظيم المونديال, لكنهم عملوا بنية تحتية ضخمة لبلدهم الصغير، وهذا أكبر مكسب, رغم محاربة السعودية والإمارات ودخول بريطانيا وفرنسا وبقية دول أوروبا في الخط ومسائل حقوق الإنسان والمثليين و... و... وغيرها من الحروب التي عملوها. ولا ننسَ عنصريتهم ومنعهم لروسيا من المشاركة في التصفيات المؤهلة للمونديال وطردها من بقية البطولات الرياضية! المهم أن القطريين وحتى افتتاح المونديال حققوا النجاح.

 من تتوقع أن يفوز بلقب مونديال 2022؟
- هذه البطولة ستكون الأقل مستوى فنيا, لاحظ كل البطولات السابقة كانت تأتي بعد انتهاء الدوريات المحلية. وهذه النهائيات كانت مع انتصاف الدوريات والعديد من المنتخبات حُرمت بسبب الإصابة من أبرز نجومها. ساديو ماني فقدته السنغال، وكريم بنزيما خسرته فرنسا... في هذا المونديال ستظهر منتخبات لم تظهر في تاريخ مباريات المونديال، وستكون المفاجآت بشكل كبير.
أنا أرشح البرازيل أو الأرجنتين. أما أوروبا فلا أعتقد أن منتخباً منها سيحصل على اللقب.

 في كأس العالم 1986 اعتقد الجمهور اليمني أنك تعلق من المكسيك، بينما كنت تغرد من استوديوهات صنعاء. كيف استطعت خداع الجميع؟
ليس خداعا بل هي قدرة. في تلك الفترة كان بث مباريات كأس العالم مفتوحاً وباشتراك بسيط، وكان اتحاد إذاعات الدول العربية يدفع مقابل النقل 10 ملايين دولار ويوزعها على الدول العربية, وكان نسبة اليمن 150 ألف دولار، ونحن ندخلها بالمقابل من الإعلانات. في نهائيات 1986 اتفقنا مع إدارة التلفزيون اليمني على نقل المباريات بالصوت والصورة الدولية التي تأتي من داخل ملاعب المكسيك, فعملنا استوديو داخل تلفزيون اليمن الرسمي في صنعاء، وجمعنا المعلومات وأعددنا كل شيء ونجحنا. أتذكر أنه حصل لي موقف أثناء تعليقي على مباراة ألمانيا وفرنسا، سخن جهاز الترانزسفورت فانفجر, الاستوديو مغلق عليّ، والمجموعة يتابعون من خارجه، ولم أستطع أن أعلمهم بالأمر فواصلت التعليق بدون أن توجد صورة للمباراة لمدة 3 دقائق، وبقيت أتحدث عن ارتفاع المكسيك عن سطح البحر والجمهور وعن الملعب، حتى انتبه أحد المهندسين، وأنا كنت أعرق، وتم تبديل الجهاز وإعادة البث من داخل الملعب, حتى أن الجميع فوجئ وقالوا لي: كان تعليقك ماشي ورائع وكأنه لم يحدث شيء!

 عندما سجل زيكو ركلة ترجيح أمام فرنسا في مونديال 86, قلت: لماذا لم تفعلها يا زيكو وتريحنا وتريح الملايين؟ هل كنت برازيلي الهوى في تلك النسخة؟
- أنا برازيلي الهوى, وهذه المباراة بين البرازيل وفرنسا هي أفضل مباراة في تاريخ المونديالات حتى الآن, وكانت نسخة المكسيك عام 1986 أفضل بطولة في تاريخ نهائيات كأس العالم لكرة القدم، بسبب كثرة النجوم وقوة المنتخبات، ويكفي أن مونديال المكسيك 86 أطلق عليه الفيفا اسم "مونديال مارادونا".

 بدأت مذيعا إخباريا في الإذاعة والتلفزيون بداية السبعينيات. لماذا لم تستمر في الأخبار واتجهت للتعليق الرياضي؟
- بعد تخرجي من الثانوية التحقت بالكلية الجوية حتى أكون طيارا, وبعد التحاقي بالجوية بشهرين تم نقلنا إلى معسكر الجوية في الحديدة، وهناك لعبت مع أهلي الحديدة وبقينا في الحديدة سنتين ودخلنا في قضية دراسة الطيران، وتم تعييني في دراسة عمل هيكل المحرك لطيران "لوشن 28", وكان القائد علي الشيبة، الذي جاء بديلا لمحمد شائف جار الله. في تلك الفترة كانوا يأخذون المنح للأقارب والمقربين، وأعطوا منحتنا لدراسة الطيران الحربي لطلبة من خريجي الكلية الحربية من أصحاب الواسطات. انزعجت وعدت إلى صنعاء، وفي منطقة "عَصِر" حيث أسكن رآني شرف الكبسي، أحد قادة ثورة 26 سبتمبر ونائب رئيس الوزراء وقائد الاحتياط، فسألني: ماذا عملت؟ فأخبرته بما حصل وأني سأذهب لدراسة الجامعة. فقال لي: هل تريد أن تتوظف؟ فأجبته: نعم. وكتب لي ورقة إلى إبراهيم الحمدي، وهو وجه أحمد دهمش باختباري، ونجحت في الاختبار الذي عمله لي رئيس المذيعين عبدالله شمسان في إذاعة صنعاء، وفي العام 1973 قدمت برامج "الزراعة" و"الجيل الصاعد"، ثم قدمت البرنامج الرياضي إلى جانب الموجزات الإخبارية. طبعا البداية مع البرامج الرياضية كانت من خلال ذهابي إلى الملاعب كلاعب وللتعليق في آن، وفي جامعة صنعاء مع دوري أقمته بإشراف خبراء مصريين وكان من أنجح الدوريات.
وفي بداية 1975 أعلنوا افتتاح تلفزيون صنعاء، فذهبت مجموعة للدراسة في إيران وأخرى في قطر, وثالثة في السعودية وكنت أنا أحدهم وبقينا في جدة 6 أشهر، وقابلنا الرئيس إبراهيم الحمدي فسألنا: هل أنتم جاهزون؟ التلفزيون سيبدأ بعد 6 أشهر! فقلنا: نحن جاهزون. وعدنا إلى صنعاء. وعندما بدأ التلفزيون تم تعييننا بقرار، واحتفظت بعملي في الإذاعة إلى جانب التلفزيون حتى العام 1990. وبالنسبة للبرامج الرياضية في التلفزيون بقيت فيها من 1976 حتى 2012.

 بمن تأثرت من المعلقين في بدايتك؟
- تأثرت بالمعلق الفلسطيني أكرم صالح. كنت أستمع له في إذاعة (بي بي سي). وفي 1979/ 1980 ذهبت لدورة تدريبية للتعليق في الأردن مع حسين العواضي ومحمد سعيد سالم الذي جاء من الجنوب. وعند تعليقي في التلفزيون الأردني على مباريات من الدوري الإنجليزي جاءني أكرم صالح وقال: شو هذا؟! صوتك ونغمتك وكأنه صوت أكرم صالح!! فأخبرته عن إعجابي بتعليقه وتقليدي له. حصلت في تلك الدورة على تقييم جيد جدا، وتم اختياري من بين المعلقين للتعليق على مباراة حية من الدوري الإنجليزي في تلفزيون الأردن، واعتقد الجميع أن من كان يعلق هو أكرم صالح، بسبب نبرة صوتي المشابهة لنبرة صوته.

 انتخابات اتحاد الكرة عام 2000 أدت إلى إقصاء المرحوم علي الأشول بطريقة المؤامرة. لماذا لم يكن لكم دور في توضيح الحقائق؟
- بالعكس، وضحنا, عملت لقاء مع علي الأشول وأوضح الأسباب. انتخابات الاتحاد في العام 2000 تدخلت فيها رؤوس كبيرة. علي الراعي رئيس مجلس النواب، وبحكم أنه كان ضابطاً عند والد محمد عبد الإله القاضي، تدخل عند الوزير عبدالوهاب رواح وتم إعادة مندوبي إب وبعض المحافظات من الطريق حتى لا يصلوا إلى صنعاء للتصويت للأشول وبدلوا أناساً عسكريين عنهم للتصويت, وهذه كانت سقطة عبدالوهاب راوح الكبيرة، رغم أنه كان من أفضل من تولوا وزارة الشباب والرياضة. أنا أخبرت محمد عبد الإله القاضي أنه إذا أراد النجاح في الاتحاد عليه أن يأخذ الأشول مستشارا له، بحكم خبرته الكبيرة في العمل الإداري الاتحادي وعلاقته الخارجية. لكن اللوبي بقيادة حافظ معياد رفضوا. هم لعبوا على الأشول، والأشول لم يلعبها صح، وبالذات ممن كانوا معه، وهم أصلا مع الطرف الآخر المنافس له في الاتحاد. وأنا أخبرت الأشول قبل أسبوع من الانتخابات أن من الأفضل أن ينسحب. كما وصل بهم الأمر إلى محاربتي في أداء عملي بالتعليق في الملاعب وفي التلفزيون، من خلال ضغطهم على الشميري مدير عام التلفزيون بتقديم معلقين آخرين بديلا عني.
جاؤوا للاتحاد وسحبوا الملايين، ودخلوا بعدها في خلافات مع الوزير عبدالرحمن الأكوع،وبعد حسين الأحمر جاءأحمد العيسي وأرسلوا حسين الشريف، نائب رئيس الاتحاد، للعمل كوكيل مالي في وزارة الشباب والرياضة لمحو عهد الاتحاد في الوزارة والتي كانت تبلغ سبعة مليارات ريال.
كنت ضد إدارة أحمد العيسي للاتحاد في كل الفترات، وأثرت قضايا تزوير أعمار اللاعبين اليمنيين في البطولات الآسيوية وما كانت تتعرض له الكرة اليمنية من عقوبات وغيرها من الإشكاليات، وعندما سألني العيسي من أين أحصل على المعلومات قلت له: من رجالك. وعندما كنت أتعالج في القاهرة قبل عامين زارني العيسي في المستشفى وقال لي: أنت كنت على حق وأنا كنت مغمض العينين.

 بعد الكابتن علي الأشول رحمه الله يرى الكثير من الرياضيين أن نجوم الكرة السابقين غير قادرين على إدارة الكرة اليمنية، وتجارب جمال حمدي وأبو بكر الماس خير دليل. هل هم فشلوا أم أفشلهم العيسي؟
- أنا أعتبر أنهم فشلوا، وكذلك أفشلهم العيسي. جمال حمدي قبل انتخابات الاتحاد عملت معه لقاء وقلت له: هذه فرصة دعائي لك. وبعد فترة صاح وبكى، وطلعته التلفزيون وجاب الأسباب وقال إنهم لا يريدون شخصاً يفهم بالرياضة، فقط يريدون كل ما يريده العيسي. وقلت له: بعد هذا الكلام اذهب وقدم استقالة. وفعلا ذهب وقدم استقالته من مجلس إدارة الاتحاد العام.

 بدأت مسيرتك الرياضية لاعبا واعتزلت سريعا. لماذا؟ متى بدأت؟ ومتى اعتزلت؟
- بدأت عام 1964 من مدرسة العلفي الابتدائية ومن مدرسة سيف بن ذي يزن الإعدادية عام 66 مع مدرس مصري من نادي الزمالك. وبعد ظهوري المدرسي الكروي انضممت للوحدة ولعبت مع الأشبال وتدرجت للفريق الأول ولعبت مع الشهيد يحيى الظرافي وعلي الأشول، وشاركت مع المنتخب في الصين، وتوقفت عن اللعب في الموسم 1980/ 1981.

 أفضل لاعب شاهدته وأفضل حارس وأفضل نادٍ...؟
- أفضل لاعب مدافع أهلي صنعاء علي الحمامي, وأفضل حارس يحيى الظرافي, ووحدة صنعاء فريقي.
 شخصية تأثرت بها؟
- الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي هو من تأثرت به في الحياة. وفي الرياضة علي محسن المريسي، أسطورة الزمالك المصري والكرة اليمنية.
 كيف هي علاقتك بنادي الوحدة؟
- في ظل رئاسة أمين جمعان لنادي وحدة صنعاء هي سيئة للغاية. هذا الرجل جاء لاستثمار النادي لحسابه الخاص بعد أن رُفض في أهلي صنعاء. إدارة الوحدة كلها في جيبه, ولا هناك من يحاسبه. النادي تحول لكتلة إعلانات لشركته، وليس هناك فلس يذهب للنادي, وحول ممتلكات النادي لاستثمار خاص به.

 كلمة أخيرة كابتن علي...؟
- أشكركم على هذه الزيارة، وتحياتي لصحيفة "لا"، الصحيفة الناطقة لكلمة "لا" في كل شيء فاسد وضار. وأنا أقول: لا للعدوان، لا لمن يبيعون الوطن, لا لمن يبيعون الرياضة, لا لمن يستثمرون الرياضة وهم ضد الرياضة ولم يقدموا للرياضة شيئاً سوى أنهم استثمروها لحسابهم، وأكبر دليل نادي وحدة صنعاء. وشكرا لكل من يسأل عني وكل جمهوري, وكل عام والجميع بخير، وأياما طيبة مع كأس العالم.