لا نحتكر المقاومة ولا نبخل بمشاركة أي فصيل مقاوم الرصاصة ولقمة العيش

حاوره: غازي المفلحي / لا ميديا -
طبيعة العلاقة والتعاون القائم اليوم بين يمن الـ21 من أيلول وحركة الجهاد الإسلامي وحركات المقاومة الفلسطينية بشكل عام، وكثير من أمور الشأن الفلسطيني تناقشه «لا» مع ممثل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في اليمن، أحمد عبدالرحمن بركة.
أحمد بركة مواطن فلسطيني من مواليد 1968، وهو ممثل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في اليمن منذ عام 2003، ويقيم في اليمن منذ ما يقارب 30 عاماً.

ترابط الإسلام بالبندقية
 ماذا يمثل وجود الجهاد الإسلامي فـي اليمن للحركة ولفلسطين؟
حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية هي أول حركة إسلامية أنشئت في فلسطين، حتى قبل حركة حماس، وكان من الرائع أن يكون هناك امتزاج ما بين الإسلام وبين المقاومة، لأنه كان هناك سابقا تيارات إسلامية لكنها لا تمارس المقاومة، وكانت هناك تيارات تمارس مقاومة لكنها ليست إسلامية.
فكانت الحركة معنية أن يكون لها تواجد في كل الأماكن التي تستطيع التواجد فيها ومن ضمن هذه الأماكن اليمن، باعتبارها ساحة هامة جدا تمتاز بحاضنة شعبية كبيرة لفلسطين مما يجعل عمل الحركة هنا أسهل، والشعب اليمني ضحى من أجل فلسطين، وقدم من أجلها النفس والمال.
ربما أواخر الثمانينيات تواجدت الجهاد الإسلامي في اليمن وتعد الحركة الفلسطينية الإسلامية الأولى في الجمهورية اليمنية، وكان هناك زيارة للدكتور فتحي الشقاقي (رحمه الله)، في مؤتمر أقيم في صنعاء وأصبح للحركة مكان تواجد، ولكن التواجد الفعلي كان بعد 2003 حيث أصبحت الحركة من ضمن الحركات الفلسطينية العاملة في الجمهورية اليمنية.

دعم يمني لا محدود
  هل هناك فرق في طبيعة تواجد حركة الجهاد الإسلامي اليوم وتواجدها سابقا في ظل الأنظمة التي حكمت اليمن من قبل؟
بالتأكيد هناك فرق كبير ما بين الحكومة الموجودة الآن وما بين الحكومات السابقة، برغم أننا كنا نعمل بمعرفة الحكومات السابقة إلا أن الحركة لم تكن تأخذ حيزا كبيرا من مساحة العمل، نظرا لأن تلك الحكومات في اليمن كانت تقول لنا إنها محرجة أمام العالم من تبني حركة اسمها الجهاد، وهذا الاسم له مشاكل كثيرة فقالوا لنا إننا نصاب بحرج مع الأمريكان وغيرهم من الدول الأوروبية، لذلك لا يجب أن تعمل حركة الجهاد الإسلامي بشكل واضح وإنما تكون متواجدة مثلها مثل بقية الحركات الفلسطينية.
اختلف الأمر بشكل كبير جدا مع وجود حكومة مقاومة في صنعاء، هذه الحكومة منذ وجودها أخذت على عاتقها أن تتبنى كل الحركات الفلسطينية المقاومة تحديدا لاسيما حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، ونحن وجدنا كل الدعم إلى جانبنا وتسهيل مهمتنا في اليمن.
 ما طبيعة التعاون بينكم وبــين جماعة أنصار الله؟
أنصار الله يعرفون القضية الفلسطينية جيدا ويعرفون ماذا تحتاج هذه القضية والشعب الفلسطيني الآن ماذا يحتاج في ظل هذه الهجمة الكبيرة على فلسطين وعلى كل محور المقاومة، دعم الإخوة في أنصار الله لحركات المقاومة الفلسطينية بشكل عام وحركة الجهاد الإسلامي بشكل خاص هو دعم سياسي وشعبي ودعم مالي ودعم إغاثي، بمعنى تقديم مساعدات لأبناء فلسطين في اليمن والذين يشاركون اليمنيين هموم الحصار والعدوان، وكانت هناك تبرعات جمعت وأعطيت للفصائل الفلسطينية، وإلى هنا يتوقف الدعم حتى الآن.
لكن ليس صعبا على اليمنيين أن يشاركوا فلسطين حتى على العمل المسلح، اليمنيون وفي مقدمتهم أنصار الله على استعداد لو طلبت فلسطين، لتقديم المساعدات من هذا النوع، يستطيعون أن يمدوا فلسطين بالمال والرجال والسلاح، لكني أقول إن هذه الفترة هي فترة هامة لعمل أنصار الله في اليمن، لأن اليمن تتعرض لعدوان كبير ويجب أولا أن تتخلص من تبعات هذا العدوان حتى تستطيع أن ترتب أوراقها وأوراق الشعب اليمني بشكل عام في الداخل، واليمنيون ليسوا بحاجة أن نطلب منهم دعما، مع أن اليمن، وكما أكد سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مرارا، على استعداد لمد فلسطين بالمال والرجال بل تحدث عن أنه يتمنى أن يقاتل في فلسطين بنفسه، وهذا ليس بغريب على الشعب اليمني ولا على الإخوة في أنصار الله تحديدا.

لا تنسيق عسكريا حتى الآن
 يعني ليس هناك حتى الآن تنسيق عسكري بين صنعاء وحركة الجهاد الإسلامي؟
ليس هناك تنسيق عسكري إلى الآن، وكما قلت لك اليمن تتعرض لعدوان كبير وكل طاقات اليمن يجب أن توجه لصد هذا العدوان والحفاظ على حقوق الشعب اليمني، ولكن ربما في المستقبل نحن نتطلع إلى أن تشاركنا حركة أنصار الله كما كل حركات المقاومة في العالم العربي والإسلامي في قتال العدو الصهيوني، لأنه ليس عدوا لفلسطين، بل فلسطين هي نقطة انطلاقه، هو عدو جاء من أجل استعمار المنطقة بأكملها، والعدو الصهيوني استطاع أن يدخل بعض الدول العربية عبر التطبيع لكنه لو استطاع أن يأخذ هذه الدول عسكريا لما قصر في ذلك، لأن هدف الحركة الصهيونية بشكل عام هو السيطرة على كل دول الإقليم بل والدول العالمية بالسيطرة على اقتصاداتها من أجل أن يكون له مكانه ويستمر وجوده.

قدرات اليمن العسكرية تقلق العدو الصهيوني
  من وجهة نظركم هل أصبحت اليمن جبهة حقيقية وقوية في مواجهة الكيان الصهيوني؟
بكل تأكيد، العدو الصهيوني يحسب لليمن ألف حساب، وعندما نتابع الإعلام الصهيوني نرى اهتمامه بالتقدم العسكري الذي يحدث في اليمن في مناطق وجود أنصار الله، وهو يتحدث عن تطور القوة الصاروخية اليمنية والطيران المسير والتكتيكات العسكرية التي يتبعها أنصار الله أو كما يقول عنهم «الحوثيون»، وهو يقول إن هناك تطورا عسكريا كبيرا جداً يشكل خطورة على المنطقة، ووجود أنصار الله يشكل بالفعل خطورة على «إسرائيل». وأنصار الله ليسوا بحاجة للذهاب إلى فلسطين من أجل أن يقاتلوا «إسرائيل»، لأن وجودهم في هذه المنطقة الاستراتيجية بالنسبة للمصالح الصهيونية يشكل خطرا كبيرا على «إسرائيل» التي تريد أن تجعل منطقة باب المندب وما حولها منطقة آمنة لها من أجل أن تسير مصالحها الاقتصادية مع دول الخليج والعالم، وبالتالي سيطرة أنصار الله على هذا الجزء من العالم هي بالنسبة لـ»إسرائيل» حرب كبيرة جدا، ومن أجل ذلك هي تقف وراء كل هذا العدوان الذي يحدث على اليمن، البصمات والمشاركة الصهيونية في العدوان على اليمن واضحة، وكل ذلك دليل على أن تطور القدرات اليمنية العسكرية وغيرها هو مقلق للعدو الصهيوني، فما بالك لو تقدم الشعب اليمني لقتال العدو الصهيوني في فلسطين، وبالتأكيد العدو الصهيوني يعرف أنه في يوم من الأيام وقد يكون هذا اليوم قريبا ستقوم كل دول محور المقاومة بقتال هذه الدولة اللقيطة.

الاستفادة من الخبرات والتقنيات اليمنية
 هل تخططون للاستفادة من الخبرات والتقنيات الصناعية العسكرية التي طورها أنصار الله خلال 8 سنوات من مواجهة العدوان؟
في فلسطين هناك خبرات في التصنيع العسكري ولكن الإمكانيات في فلسطين قليلة، وبالتأكيد أنصار الله استفادوا من الإمكانيات البشرية وطوروا الصناعات العسكرية ورأينا صواريخ يمنية يتجاوز مداها أكثر من ألفي كيلومتر وطائرات مسيرة مداها يصل 2500 كم، وهي أسلحة لا تمتلكها إلا دول كبيرة، ونحن في فلسطين نتطلع إلى أن يكون هناك تعاون على مستوى التسليح بيننا وبين كل محور المقاومة واليمن من أهم عناصر المحور، والمقاومة اليوم تصنع سلاحها داخل غزة المحاصرة، ولدينا نحن وحماس طيران مسير لكنها ليست بتقنية الطيران المسير في اليمن ويهمنا أن نتحصل على مثل هذه التقنيات، ويهمنا الحصول على تقنيات الصواريخ والطيران المسير من خلال علاقتنا بمحور المقاومة سواء كان هنا في اليمن أو من الإخوة في حزب الله أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية كون الحروب حاليا لم تعد بالبندقية، بل أصبحت عن بعد.
  كيف تقرؤون تصريح القائد زياد نخالة بأن الحركة تراهن على أنصار الله في العملية القتالية مع العدو الصهيوني؟
هذا تصريح واضح من الأخ زياد النخالة بأننا بحاجة إلى كل محور المقاومة وبحاجة إلى اليمن تحديدا.
كما ذكرت هناك تطور كبير جدا على مستوى التصنيع العسكري في اليمن ونحن يهمنا أن نستفيد من هذه التقنيات، من أجل أن نطور من أنفسنا.
عدونا دائما يطور أسلحة الدفاع وأسلحة الردع كما يسمونها، نحن أيضا يهمنا أن نطور من أسلحتنا، نحن لدينا أسلحة الآن، ربما مداها مئات الكيلومترات، لكننا نريد أن نصل إلى مديات أكبر، الصواريخ الفلسطينية الآن تغطي كل فلسطين المحتلة، نحن نركز على نوعية الصواريخ ودقة إصابتها، وقوة المادة المتفجرة، حتى يكون لها تأثير كبير جدا، وبالتالي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة يعرف مدى أهمية أنصار الله والجيش اليمني، ونحن بالفعل نتطلع إلى أن يكون بيننا تعاون في المجال العسكري لنقل الخبرات إلى المقاومة الفلسطينية إلى جانب الخبرات التي يمتلكونها.

اليمن ليست خارج معادلة الحرب مع العدو الصهيوني
  هل تعتقد أن القائد زياد النخالة يراهن على جُرأة اليمن أكثر من غيرها من بقية دول محور المقاومة، كون اليمن في معركة قائمة مع العدو الصهيوني وأذرعته وليس لديها الكثير لتخسره؟
اليمن في صلب المعركة بيننا وبين الكيان الصهيوني، اليمن ليست خارج المعادلة، لأنه كما قلت لك العدو الصهيوني يحارب اليمن الآن، صحيح ليس بشكل واضح، وإلا لكان الرد اليمني مباشرا على فلسطين المحتلة، ولكن اليمن تعرف وتعلم جيدا أن العدو الصهيوني هو في صلب المعركة، والعدو الصهيوني يعلم جيدا أن أنصار الله ليس هدفهم فقط صد العدوان على اليمن هدفهم كبير، وأنا تحدثت مع سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وقال نحن مع فلسطين عقيدة وليس سياسة، لا نستخدم فلسطين سياسيا، وإنما فلسطين هي عقيدة بالنسبة لنا حتى لو تخلى الفلسطينيون عنها فنحن لن نتخلى عنها، ونستطيع القول بأن هناك استراتيجية عمل لدى الإخوة في أنصار الله ولدى الشعب اليمني، هي أن هناك معركة قادمة ستكون بين محور المقاومة والعدو الصهيوني، وأنا أقول إنه ربما هذه المعركة ستكون موحدة، لن يقاتل فيها أنصار الله لوحدهم ولا حزب الله لوحده ولا الفصائل الفلسطينية لوحدها، العدو الصهيوني يحضر لهذه المعركة بشكل كبير، وعندما يتدرب جيشه يتدرب على إقامة معركة على أكثر من جبهة، فهو يعلم أنه مستقبلا ستكون هناك حرب شاملة لكل محور المقاومة على هذا العدو الصهيوني.
وفلسطين سنستفيد بشكل كبير جدا بعد أن تستطيع اليمن أن تمتلك قرارها وتستفيد من إمكانياتها ومن خيراتها، الشعب الفلسطيني سيكون أول الشعوب المستفيدة من استقرار اليمن وحصوله على حقوقه.

مبادرة ثورية ذكية وحكيمة
 ما هي معلوماتكم حول إفراج الرياض عن القيادي الفلسطيني المعتقل محمد الخضري؟ وهل هناك أي علاقة بين الإفراج واقتراح السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي تبادل أسرى من المقاومة الفلسطينية مقابل أسرى من تحالف العدوان منهم طيارون؟
هذا الموضوع يجب أن تجيب عليه صنعاء، وهل هذا الإفراج تم عن طريق مبادرة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أو أن السعودية أفرجت عنه لأسباب أخرى.
ليس عندي معلومات عن هذا الموضوع، لكن كانت هذه المبادرة ذكية وحكيمة في نفس الوقت، عندما يعرض السيد تسليم طيارين سعوديين، ومعروف أن الطيارين هم من الفئة الأولى من الأسرى في كل العالم، أن يسلم هذه الفئة إلى السعودية من أجل الإفراج عن أشخاص اعتقلوا بدون ذنب، وكانوا يباشرون عملهم بمعرفة السلطات السعودية وكانت السعودية تعرف أنهم ينتمون إلى حماس وتعرف العمل الذي يقومون به، وهو مساعدة أهل غزة، لكن السعودية استخدمت ذلك كورقة وإعطاء رسالة للغرب بأنها لا تؤيد المقاومة، وكان من شروط التطبيع ما بين الدول الخليجية وبين «إسرائيل».
حسبما سمعت أنهم أفرجوا عنه بعفو ملكي كما قالوا هم، لكن هل كان للمبادرة اليمنية دور أم لا، ليس لدي معلومات، ونتمنى أن تجيب صنعاء على هذا السؤال لأنه حتى نحن نريد أن نعرف كيف تم الإفراج.

رجل محب لفلسطين
 ما الذي يمثله لكم سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي؟
سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قدم لنا الكثير على المستوى النفسي وأعطانا دفعة كبيرة جدا، بأن فلسطين ليست وحدها، وأن هناك من هم في شوق للوقوف إلى جانب فلسطين ضد العدو الصهيوني، السيد عبدالملك زاد في صمودنا، وأكد لنا أن اليمن جاهزة لتقديم كل ما تستطيع من أجل فلسطين، والتي تعتبر عقيدة بالنسبة له وبالنسبة للشعب اليمني أيضا، كما أقام السيد عبدالملك مبادرتين لجمع التبرعات للشعب الفلسطيني عام 2014، وأيضاً قبل عامين، ورغم الظروف التي يمر بها الشعب اليمني إلا أنها كانت تبرعات هامة وأعطيت للفصائل الفلسطينية، من أجل إدخالها إلى داخل فلسطين، والسيد على استعداد أن يقدم كل ما يستطيع من أجل فلسطين، هذا رجل محب لفلسطين بشكل كبير على المستوى الشخصي شخص يفهم طبيعة الصراع ما بين العرب والمسلمين والصهيونية، شخص بهذا الفكر وهذه العقلية لن يتوقف دعمه لفلسطين وتستطيع أن تراهن عليه، وتسطيع أن تنتظر دورا أكبر له في المستقبل، السيد يمتلك فكرة عن طبيعة الصراع هذه الفكرة تفتقدها الكثير من الأنظمة العربية بل بعض رجال الدين للأسف التابعين لتلك الأنظمة، ونحن نعرف جيدا أن سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي سيكون مفيدا بشكل كبير لفلسطين والإسلام ولكل المستضعفين في هذا العالم.

امتزاج الدم اليمني بالفلسطيني
 كيف تجدون مساندة الشعب اليمني لفلسطين والمقاومة اليوم؟
الشعب اليمني على مدى تاريخه يقف مع فلسطين، وهذا ما يميزه عن غيره من الشعوب، اليمنيون شاركوا في حروب فلسطين، عام 48 كان هناك مشاركة يمنية على مستوى المتطوعين من اليمن، هناك شهداء معروفون، وما بعد ذلك من حروب أيضاً شارك فيها اليمنيون، حتى في لبنان شارك اليمنيون بالسلاح مع المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني واستشهد عدد منهم وأسر آخرون، ولا يفعل ذلك إلا شعب مقتنع بقضية فلسطين، والشيء الجميل أن هناك تناغما ما بين الشعب وبين القيادة، القيادة اليمنية الموجودة حاليا جاءت لحمل هموم هذا الشعب وفكرهم تجاه فلسطين، وهذا لم يكن موجودا من قبل، نحن نرى الشعب اليمني شعبا هاما في الماضي هاما في الحاضر وسيكون هاما جدا في المستقبل، لتغيير شكل الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني.
 هل أصبحت علاقة الجهاد الإسلامي بصنعاء علاقة استراتيجية؟ وكيف؟
نحن علاقتنا بكل محور المقاومة علاقة استراتيجية، وعلاقة دول المحور بفلسطين علاقة استراتيجية، وهي بنيت على الحق والعقيدة ونصرة المظلوم، بنيت على العدو الواحد، هو الكيان الصهيوني، الذي يواجه الإسلام بشكل عام وفلسطين جزء من هذه الحرب الكبيرة، لذلك كل مسلم صادق هو في حرب مع هذا الكيان الصهيوني ويقف مع فلسطين، ونشعر بتغير كبير في طبيعة الصراع إلى صالح فلسطين بوجود الكثير من الداعمين والكثير من الذين يقفون معنا.

الأنظمة العربية مارست التضليل تجاه القضية الفلسطينية
 ما مستوى التغيير الذي طرأ على معركة تحرير فلسطين بعد ظهور محور المقاومة بقوة في جغرافيا المنطقة؟
نحن نعرف أن كل القرارات العربية التي صدرت سابقا ضد الكيان الصهيوني كلها كانت قرارات كاذبة، والدليل ما وجدناه من المعلومات عن علاقات الأنظمة العربية منذ وجود الكيان الصهيوني في فلسطين منذ عام 48، وهناك علاقات ما بين اليهود وبين هذه الأنظمة العربية، كل ذلك انكشف لنا الآن، ولم تكن هناك حاضنة رسمية لفلسطين في الخارج، كانت هناك حاضنة شعبية فقط، بينما الحاضنة الرسمية مهمة جدا لأن الشعب لا يستطيع أن يتحرك دون وجود قيادة تحركه، الأنظمة العربية مارست التضليل تجاه القضية الفلسطينية، وقدمت الكثير من التنازلات منذ أن قررت تلك الأنظمة محو «إسرائيل»، بعد ذلك وصلوا إلى المبادرة السعودية التي أعلنوها في 2002 لتقسيم فلسطين، وصولا إلى التطبيع العلني الفاضح من الأنظمة العربية.
لأول مره يتشكل محور مقاوم من داخل فلسطين وخارجها، وللمرة الأولى نجد شعوبا مع قيادات تؤمن بتحرير فلسطين، هذا المحور هام جدا وتغير كبير على مستوى الصراع الفلسطيني الصهيوني.

«سيف القدس» غيرت المعادلة
 كيف تتوقعون مستقبل المواجهة مع العدو في الضفة ومناطق الـ48 وإمكانية أن تتحول إلى مواجهة مسلحة شاملة؟
العدو الصهيوني كان يعمل بنظام الاستعمار القديم الذي هو «فرق تسد». حاول العدو الصهيوني بكل قوته أن يحدث شرخا ما بين فلسطين جغرافيا وشعبيا، فقسم فلسطين إلى غزة وإلى الضفة وإلى القدس وإلى مناطق الـ48، واستطاع أن يحدث شرحا كبيرا جدا في الداخل، فأصبحت غزة تدافع عن نفسها، والضفة في وجود السلطة لها علاقات مع العدو الصهيوني، واستفرد العدو الصهيوني بالقدس وبدأ في عملية التهويد وتدنيس المقدسات، ومناطق الـ48 هو يحكمها بالحديد والنار، لكن الآن تغيرت المعادلة مع معركة «سيف القدس» العام الماضي، هذه المعركة هامة وللمرة الأولى يخوض الفلسطينيون معركة موحدة على المستوى الشعبي وعلى المستوى الجغرافي، بعدها جاءت معركة وحده الساحات التي قادتها الجهاد منفرده قبل أشهر، وهي معركة أكدت على مفهوم أن فلسطين أرض محتلة وأن على كل الفلسطينيين أن يدافعوا عنها، وهذه المعركة قامت دفاعا عن الضفة في الأساس. نحن رسخنا معادلة أن غزة يمكن أن تدافع عن الضفة، الضفة يمكن أن تدافع عن غزة، غزة والضفة يمكن أن تدافعا عن القدس ومناطق الـ48.
كان للجهاد الإسلامي الدور الأبرز في تشكيل كتائب المقاومة في الضفة، وتشكلت كتائب بقرار من الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة، تشكلت كتائب في 5 مدن كبيرة في الضفة، وبعدها بدأت جهات أخرى تشكل كتائب أخرى أيضا، وأصبحت هناك ما نسميها حالة اشتعال الضفة الغربية. العدو الصهيوني كان يرى أو يتصور أن الضفة أصبحت كلها له في وجود سلطة ضعيفة، وازدادت عملية التهويد بشكل كبير وبناء المستوطنات والتهجير وهدم البيوت وإغلاق الطرق وما إلى ذلك، وكان الاحتلال يريد أخذ الضفة فكان يجب إشعال الضفة بالمقاومة.
حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين لها الدور الأكبر في هذه المرحلة الهامة جدا، وهي مرحلة انتفاضة شعبية مسلحة في الضفة الغربية إلى جانب بقية الفصائل الفلسطينية وكل ذلك يأتي من عمق فهمنا لطبيعة الصراع مع العدو الصهيوني، ونتبع معه أسلوب المشاغلة وهو أسلوب يقف أمام كل المخططات الصهيونية لقطع فلسطين وتقسيمها وتشتيت الواقع الفلسطيني في الداخل الفلسطيني.

وحدة المقاومة الفلسطينية
 ما طبيعة تنظيم «عرين الأسود» الذي أعلن عنه مؤخراً في الضفة الغربية؟ وهل للحركة علاقة بنشأته؟
نحن في حركة الجهاد الإسلامي لدينا علاقات بكل بندقية مهما كان انتماء هذه البندقية، مادامت هذه البندقية ترفع في وجه الاحتلال الصهيوني، مجموعة «عرين الأسود» مجموعة من الشباب الذين يتبعون تنظيمات عدة، وقبل أيام كان فيها شهداء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفيها شهداء من حركة فتح، وبالطبع هناك علاقة بين الجهاد الإسلامي وحماس ومجموعة «عرين الأسود»، علاقة دعم لهم، ومشاركة في القتال، والجهاد الإسلامي دعمت وسلحت الكثير من الفصائل الفلسطينية المسلحة مثل كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح، انطلاقا من دورنا في دعم المقاومة، ونحن لا نحتكر المقاومة بل نريد أن يصبح الكل الفلسطيني مقاوما، ونحن على استعداد لمشاركتهم الرصاصة ولقمة العيش، في سبيل أن تكون هناك حالة مقاومة داخل الضفة، وهناك انتشار كثيف للعمل المقاوم المسلح في الضفة وهو ما يسبب الأرق والمشاكل للعدو الصهيوني.
قبل أيام اضطر العدو الصهيوني لاقتحام نابلس بقوة عسكرية كبيرة جدا، ثلث الجيش الصهيوني الآن أو أكثر من ثلثه يقاتل في الضفة الغربية، الخسائر التي يتكبدها العدو الصهيوني كبيرة على مستوى التسليح والتجهيز وعلى مستوى الإصابات والقتلى في صفوف الجنود الصهاينة، رقم قلة الإمكانات الموجودة مع المقاومة. المقاوم الفلسطيني لا يعتمد إلا على البندقية وبعض المتفجرات الشعبية التي يصنعونها بأيديهم، ولكن لديهم إرادة كبيرة جداً لإيلام العدو الصهيوني وسيتطور العمل المقاوم في الأيام القادمة ليشمل كل مناطق الضفة حتى لا يستطيع هذا العدو أن يطبق كل الخطط التي يريدها في الضفة الغربية المحتلة.

غرفة عمليات مشتركة في الضفة
 على وقع تصاعد الفعل المقاوم المنفرد من قبل الشباب الفلسطيني ما هي رؤيتكم في حركة الجهاد لدعم وتعزيز هذا النوع من المقاومة وتحقيق أقصى استفادة منه؟
نحن لا نبخل في مناطق الضفة بالتدريب ولا بالتسليح ولا بالتوجيه ولا بالمشاركة، مع أي فصيل مقاوم، نريد الآن تشكيل غرفة عمليات مشتركة في الضفة كغرفة العمليات المشتركة الموجودة في غزة، على المستويين الشعبي والعسكري، ولا مانع لدينا من أن نعمل مع الجميع، شرط أن تكون كل البنادق موجهة فقط نحو «إسرائيل»، وليس لملاحقة المقاومين أو تعمل مع «إسرائيل»، ونحن مع أي فصيل مقاوم يريد أن يقاتل الكيان الصهيوني داخل الضفة من أجل أن تكون حالة المقاومة حالة عامة وشاملة.

تطوير عملنا لمواجهة الكيان
 ما أهم ما تحتاجه القضية الفلسطينية اليوم إعلاميا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا؟
العدو الصهيوني ليس عدوا بسيطا وهو يُشغّل العالم كله عنده، والعالم كله يمده بالمال والتقنيات والأسلحة الحديثة، ونحن في الجهة المقابلة نمتلك الحق في الدفاع عن أرضنا، لكن بالتأكيد نحتاج تطوير عملنا ضد الكيان الصهيوني على جميع المستويات، نحن نحتاج تشكيل جبهة إعلامية كبيرة جداً مع القضية الفلسطينية، في وجود أنظمة مطبعة سيكون الأمر صعبا لكن بالإمكان أن تكون بمجهودات شعبية في الكثير من الدول التي طبعت أنظمتها أن تكون هناك كتلة إعلامية، نتمنى تخصيص ساعات بث إذاعي وتلفزيوني منتظمة لفلسطين والمقاومة وكذلك صفحات خاصة في الصحف، كذلك يجب أن تذكر القضية في خطب المساجد، ليبقى الوعي الشعبي العربي حاضرا مع القضية الفلسطينية. نحتاج إلى جبهة مالية، جبهة رفد مالي للمقاومة، لأن لديها تسليحا وشهداء وجرحى وأسرى، وهذا يحتاج إمكانيات، أيضا من أجل دعم صمودنا أن يكون الناس في حالة اقتصادية على الأقل مقبولة، حيث إننا نستطيع جعل الناس يقفون معنا، فالجوع والفقر والحصار يشغل الناس بضرورات العيش، نحتاج إلى جبهة عسكرية وهذا ما سيقوم به محور المقاومة في المستقبل، نحتاج إلى كل شيء، وفلسطين قضية كبيرة وهي قضية كل مسلم وكل عربي وكل حر في هذا العالم.

«التطبيع» كشف الصديق من العدو
 هل عوض ظهور محور المقاومة فلسطين عن حالة المهادنة والتطبيع العربي الرسمي مع الكيان الصهيوني؟
بكل تأكيد، هناك محوران يتشكلان الآن، محور التطبيع والتسليم والبيع، وهناك محور المقاومة، لو ترك محور التطبيع وحده سيفعل بفلسطين كل شيء، سيسلم فلسطين «إسرائيل» بشكل واضح، لأنه كما نعرف هذه الأنظمة ترى فلسطين عبئا وخطرا قد يؤلب الشعوب عليهم.
التخلص من فلسطين هو مطلب لهذه الأنظمة، وحتى لا تنفرد هذه الأنظمة المطبعة في بيع فلسطين وتسليمها كما يحدث الآن، لا بد أن يكون هناك محور يحافظ على ما تخلت عنه هذه الأنظمة (المطبعة) تركت ما عليها من واجبات وما كان معها من أخلاق، لصالح «إسرائيل»، محور المقاومة هو الكفيل بأن يقف ضد كل هذه التوجهات للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين، نحن الآن في تشكل محورين بشكل واضح، كانت الأمور في البداية مختلطة، يعني ربما من يقيم علاقات مع «إسرائيل» يدعي أنه يقاومها، ويقف مع الشعب الفلسطيني، كان هناك نوع من الضبابية في التعامل، لكن الآن الأنظمة المطبعة معروفة والأنظمة التي تقف مع فلسطين معروفة وهذا سيفيدنا في المستقبل، لأن صديقنا معروف وعدونا معروف.

الشعبان اليمني والفلسطيني مستهدفان
 وأنتم تقيمون في اليمن هل تتخذون إجراءات أمنية حذرا من استهدافكم من قبل العدوان، بخاصة وأن الكيان الصهيوني مشارك فيه وتفيد الكثير من المعلومات بأن طائرات تابعة له شاركت في قصف اليمن؟
العدوان على اليمن لن يتورع عن استهداف كل ما هو حر، هم يستهدفون الشعب اليمني لأنه يريد أن يكون حرا، حرا في قراره، حرا في إدارة شؤونه، وحرا في الاستفادة من إمكاناته، والشعب الفلسطيني شعب حر، لذلك فهو شعب مستهدف، ونحن هنا نعيش مثلما يعيش الشعب اليمني، إجراءاتنا مثل إجراءات كل اليمنيين، نتوكل على الله عز وجل وهو من يتولى حمايتنا، لكن على كل حال الإخوة هنا لن يقصروا في تنبيهنا إذا رأوا أن هناك تهديدا لحركات المقاومة في اليمن وصنعاء تحديدا، ونحن ليس لدينا عداوة إلا مع الكيان الصهيوني، ونعيش مثل باقي اليمنيين ولا قلق، وما يريده الله سوف يكون.

رعاية خاصة بأبناء فلسطين في اليمن
 ما حال إخواننا الفلسطينيين في اليمن؟
أبناء الشعب الفلسطيني في اليمن يعيشون نفس هموم الشعب اليمني، هم تأثروا بالحصار بشكل كبير جدا، تأثروا من عدم وجود الرواتب رغم أن هناك اجتهادات كبيرة جدا من الإخوة في اليمن، المدرسون الفلسطينيون في اليمن يأخذون رواتبهم، ليس بانتظام ولكن أفضل من غيرهم من إخواننا اليمنيين، هناك توجهات من القيادة للاهتمام بالفلسطينيين وتخفيف معاناتهم، حتى لا يحمل همين، هم فلسطين في الداخل وهم حياتهم في اليمن، وهذه خطوة نحن نعتز بها ونشكر القيادة اليمنية، وهناك توجيهات من السيد لتكون هناك مساعدات إنسانية بشكل مستمر شهريا لأبناء الشعب الفلسطيني في اليمن، بخاصة الذين انقطعت أعمالهم والذين ليس لديهم مصدر من مصادر الرزق، وتكفلت القيادة اليمنية ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والحكومة برعاية أبناء الشعب الفلسطيني في اليمن، الآن الفلسطينيون هنا يأخذون مساعدات مالية ومساعدات غذائية، وغيرها بقدر ما تستطيع أن تقدمه اليمن، لأنها أيضا تمر بوضع اقتصادي سيئ جدا، والشعب اليمني يعاني بشكل كبير جدا ونحن نعاني مع الشعب اليمني، لكن كما قلت لك هم يتفردون برعاية أبناء الشعب الفلسطيني في اليمن بشكل خاص من أجل التخفيف عنهم وهذا شيء صراحة لا يحدث كثيرا في باقي الدول العربية، ففي الدول العربية الأخرى الأمم المتحدة هي التي تدعم أبناء الشعب الفلسطيني، لكن هنا، القيادة الثورية والسياسية اليمنية هي التي تدعم أبناء الشعب الفلسطيني المتواجدين في اليمن.

 هل من كلمة توجهها الجهاد الإسلامي من صنعاء للشعب الفلسطيني واليمني والأمة العربية والإسلامية؟
نقول للشعب الفلسطيني إنهم يستطيعون أن يراهنوا على اليمن قيادة وشعبا، وسيكون للشعب اليمني كلمة هامة في القضية الفلسطينية ستغير مسار هذه القضية.
ومن هنا من اليمن نحن نتضامن مع أهلنا في داخل فلسطين في ما يعانون الآن تحت هذا الاحتلال، ونقول نحن في الخارج لم ولن ننسى فلسطين وكل همومها ومشاكلها، وكل ما نستطيع أن نقدمه من هنا سنقدمه لهم، لن نتأخر عن ذلك، وهذا واجبنا كفلسطينيين وواجب إخواننا اليمنيين، ونترحم على شهدائنا ونتمنى الشفاء لجرحانا والانعتاق لأسرانا.
بالنسبة للشعب اليمني، كلمة تقال للتاريخ وللحق، اليمني الشعب اليمني من أفضل الشعوب التي وقفت إلى جانب فلسطين بكل ما استطاعوا، ولم يقصروا في كل مراحل القضية الفلسطينية، وكلما احتاج الشعب الفلسطيني إلى اليمنيين وجدهم بجواره.
نشكر سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والإخوة في المجلس السياسي والحكومة، والإخوة في الأحزاب، ونشكر الشعب اليمني بشكل عام بكل طوائفه وفئاته، ونتطلع إلى أن يكون لهم الدور الذي يتمنونه هم في القتال مع فلسطين ضد العدو الصهيوني وتحرير الأرض الفلسطينية وطرد الاحتلال.
وبالنسبة للأمة العربية والإسلامية، القضية الفلسطينية قضية عربية وإسلامية في الأساس وهناك تقصير من الأنظمة، أما الشعوب فهي مغلوبة على أمرها وتريد أن تجاهد وتقاتل في فلسطين لكن هناك انفصاما ما بين النظام الحاكم وبين الشعب.
وعلى الأنظمة المطبعة أن تعي أن التطبيع لن يحافظ لهم على عروشهم وكراسيهم، و»إسرائيل» تعبث في أراضيهم بشكل كبير جدا، وستكون هي العنصر الهام جدا في القضاء على حكم هذه الأنظمة، لذا عليهم أن يتركوا التطبيع ويعودوا إلى شعوبهم وقضاياهم.
أدعو الأنظمة الإسلامية أيضاً لدعم فلسطين ولها دور كبير جداً تجاه القضية الفلسطينية ومقدساتها، والفلسطينيون شرفوا بالدفاع عن فلسطين والمقدسات ولكن هذا لا يعفي بقية المسلمين من دورهم في دعم ومساندة المقاومة، وكل حر في العالم يجب أن يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ونحن لسنا قلقين من تبدل الأحداث وتغيرها لصالح القضية الفلسطينية، وما يحدث من علو صهيوني في المنطقة الآن هو عابر.