حاوره: أنور عون / لا ميديا -
تمرغ بالكشافة منذ طفولته. استوعب المبادئ والقيم والخدمة المجتمعية التي دعا إليها اللورد بادن باول في حركته الكشفية.
آمن بأن السعادة الحقيقية تكمن في مساعدة من يحتاج إليها، فانطلق في عالمها عاما بعد آخر. سنوات من الجد والمثابرة كونت شخصية القائد محمد البدوي، أحد رموز الحركة الكشفية في بلادنا. عرف أن من خصائص القائد أن يكون رقيق المشاعر ومؤمناً بأهمية وصدق الرسالة التي يؤديها، فقاد الحراك الكشفي اليمني بسهولة؛ لأنه قبل ذلك تعلم الالتزام.
اليوم، وبعد أربعين عاما من النضال الكشفي، اخترنا محاورته كدردشة عابرة للتذكير برائد من رواد الحركة الكشفية يقف على تاريخ وعمل يستحق صفحات وحلقات للحديث عنه.
وقبل أن ندلف في تفاصيل الحوار نضع بين أيديكم نبذة موجزة عن هذا القائد:
محمد يحيى أحمد البدوي، متزوج من القائدة والمرشدة المخضرمة فاتن حمود عيسى، ولهما 3 أولاد و4 بنات.
انتسب للحركة الكشفية مطلع السبعينيات، وكان طفلا في مدرسة جمال جميل بالعاصمة صنعاء.
تقلد شارة القيادة الكشفية في كل مرحلة دراسية؛ لكن رحلته العملية بدأت في المفوضيات، حيث تقلد مناصب عدة، منها مفوض أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وقائد مسؤول في الفتية والمجتمع، وعمل في لجان جمعية الكشافة والمرشدات، ثم عُين مفوضا لتنمية القيادات ومفوضا للعلاقات والإعلام، وآخرها أمين عام الكشافة والمرشدات. كما عمل في اللجان العربية، وشارك في العديد من الدورات العربية والدولية. حصل على الإجازة العالمية للتأهيل والقيادة. وأسهم في وضع الاستراتيجية الوطنية لإدماج الشباب في التنمية.
 ماذا عن الحركة الكشفية وتعرجات مراحلها وما آلت إليه اليوم؟
- بصراحة، الحركة اليوم غير فاعلة، لقد فقدت مهامها التي وجدت من أجلها. هي خلاصة قيم ومبادئ قائمة على خدمة المجتمع، ولا يوجد مكان فيها للأنانية، وإذا توفر الحب بين أفرادها يسهل بعدها طريق النجاح، فهي الروح التي تجعل المجتمع يشعر بمعنى الحياة.
هذا التراجع ليس وليد اللحظة، وإنما خلاصة مراحل من التذبذبات. وإذا ما استثنينا حقبة الثمانينيات وبعض سنوات التسعينيات التي كانت في أوج ازدهارها، فإن مطلع الألفية الثالثة شهد بداية تراجع نسبي في سنوات معينة. غير أن المؤتمر الكشفي في عهد معمر الإرياني كان القشة الذي قصمت ظهر الحركة الكشفية وأصابتها في مقتل؛ لأن السياسة حضرت فيها، فتم استبعاد قيادات كشفية مؤهلة مستقلة، ودخل بدلا منها عناصر لا علاقة لها بالكشافة. ضف لذلك انقسام قيادات الحركة فيما بينها بحسب الأهواء والأمزجة التي غلبت مصالحها على مصالح الحركة الكشفية. ومثل هذا التشرذم وطغيان السياسة في المؤتمر الكشفي عام 2013، أضعف الحركة الكشفية وسمح بدخول أشخاص لم يكونوا ضمن القيادات.

الحركة الكشفية العربية والدولية متواطئة
 أين أنتم كحركة كشفية في العاصمة صنعاء من الجمعيتين العربية والدولية؟
- مع هذا العبث السياسي بحركة مستقلة تعد من أرقى المنظمات السامية إن لم تكن الأرقى في العالم برسالتها السامية، فإن سنوات العدوان على البلد زادت الطين بلة؛ إذ كان يتوجب على جمعيتي الكشافة الدولية والعربية ألا تقحم الكشافة بالسياسة وتشرعن لشخص واحد وتترك قواما كاملا منسيا في صنعاء. ساهم في ذلك أيضا الزملاء في الداخل، ولم يتواصلوا من البداية لإثبات شرعية الجمعية، كونهم القوام الأكبر؛ لذلك ظلت الحركة الكشفية اليمنية بعيدة عن المشهد الدولي مع استمرار حلف العدوان في دك المنشآت، ومنها المعسكر الكشفي للجمعية في العاصمة صنعاء، الذي ضُرب من قبل العدوان، ولم يتحرك أحد لإبلاغ الكشافة العربية والدولية.
 وماذا تحتاج الكشافة اليمنية الآن لتبدأ في العودة تدريجيا؟
- تحتاج أولا للعمل بروح الفريق الواحد كما كانت في العام 2006 على الأقل. العمل بشكل منظم وقائم على أسس واختصاصات. التواصل مع الكشافة العربية والدولية لإثبات الحق في شرعية الجمعية اليمنية.
 لكن ألا ترى أن جمعية الكشافة مشلولة الحركة؟
- صحيح؛ هي معذورة إلى حد ما، بسبب الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد. وما يحز في النفس فعلا أن الحركة الكشفية، بما تمتلكه من كوادر بشرية مؤهلة، قادرة على مواجهة العدوان بطرقها ودورها المجتمعي المعروف؛ لكنها مغيبة اليوم.
أيضا من أسباب غياب دور الجمعية عدم توافر المال. وهنا أدعو وزير الشباب والرياضة، محمد حسين مجد الدين المؤيدي، بصفته رئيسا لجمعية الكشافة، إعادة النظر في دعم الكشافة وجعلها مرتبطة به ارتباطا مباشرا، لكي يسهل مهامها، فالجمعية لم تعد تتسلم الدعم المنوط بها. والثقة في معالي الوزير كبيرة؛ لأنه شخص راقٍ ومحترم ويريد مصلحة الوطن ويعمل على تطوير الرياضة والكشافة، وبالتأكيد يؤمن بدورهما في مواجهة العدوان.
 هل يوجد خلافات بينك وبين بعض قادة الكشافة؟
- ليس هناك أي خلافات، وتربطني بالجميع -بمن فيهم قادة جمعية الكشافة- كل حب واحترام. وإن حدث خلاف فهو من أجل مصلحة الكشافة. وكيف ستأتي خلافات شخصية ونحن من تعلم القيم والمبادئ السامية؟!
 رسالتك الأخيرة ماذا فيها؟
- أكرر دعوتي للإخوة القيادات الكشفية المؤهلين المعروفين أن يعملوا بروح الفريق الواحد، ويغلبوا مصلحة الوطن على أي مصلحة أخرى. كما أدعو إلى تشكيل رواد وقدامى الحركة الكشفية كهيئة استثنائية للجمعية والمفوضيات، وإعداد الدراسات التي تسهم في إعادة الحركة الكشفية، وترتيب البيت الكشفي من الداخل بما يواكب مصلحة اليمن قبل أي شيء.