حاورتها: بشرى الغيلي / لا ميديا -
طفولة وجهها قادتها لتكون من أهم الإعلاميات اللواتي تخصصن في برامج الأطفال، وكرسن حياتهن لذلك، أسلوبها جعلها تكسب قاعدة عريضة من الأطفال على مستوى الوطن، تشعرُ معها أنك تحاور مَدرسة طفولة، تعي احتياجات ، ومشاكل الطفل والحلول التي يجب أن تكون، قامت بدراساتٍ عن دور الإذاعة والتلفزيون في تعليم الأطفال، وخصصت رسالة الماستر عنهم، مثلها كان يجب الاستفادة من خبرتها الطويلة بالأطفال الممتدة  من تسعينيات القرن الماضي..
 بثينة القرشي أم لسام، وسهام، وشهد، تقول في وصفهم: «هذا الجيل يتصف بالذكاء والقدرة على التحليل»، قُدمت لها الكثير من المغريات لتغادر الوطن وكان ردها: «لن أقبل أن أكون مرتزِقة على حساب الدماء التي سُفكت». 
فضلتِ البقاء رغم الظروف الصعبة للبلد ومازالت تقدم رسالتها كمدير إدارة المرأة والطفل باليمن الفضائية، ورئيس مؤسسة سام للطفولة والتنمية، .. الكثير والكثير من التفاصيل في هذا الحوار.

وجدتُ نفسي في برامج الأطفال
 ارتبط اسم بثينة القرشي ببرامج الأطفال.. هل طفولة وجهكِ من قادتكِ لتقديم برامج الأطفال؟
أسلوب التقديم، والبساطة مع الأطفال، وربما كما ذكرتِ.

 حدثي متابعيكِ عن سيرة طموحكِ التي جعلتكِ من أبرز مقدمي برامج الأطفال، وكيف كنتِ تخططين لذلك؟
كنت إحدى أبرز الطالبات في تقديم الإذاعة المدرسية وبشكل جيد رغم صغر سني، وكان ما يشد مشرفة الإذاعة فصاحتي والجرأة التي كانت في شخصيتي، ورغم كل هذا كنت أتمنى أن أكون محامية وهى مهنة لا تبعد عن الإعلام،. لم أخطط ولكن لعدم وجود مذيعين في هذا الجانب والفراغ الكبير وجدت نفسي في برامج الأطفال، وواصلت المسيرة ووجدت مجال الأطفال رحبا وواسعا ومهما لأن الأطفال يتأثرون كثيرا في هذه المرحلة.

عدم دعم الكوادر المتخصصة بالطفل
 قمتِ بدراسة عن دور الإذاعة والتلفزيون في تعليم الأطفال، كذلك رسالة الماجستير كانت عنهم، من وجهةِ نظركِ لماذا التلفزيون تراجع عن أداء وظيفته ورسالته الموجهة للطفل؟
عندما تكون القيادات في رأس الهرم الإعلامي غير مهتمة بشريحة الأطفال وتصب جل اهتمامها ببرامج السياسة يكون القصور واضحا لبرامج فئة الأطفال، أيضاً عدم دعم الكوادر التي تتخصص في الكتابة للأطفال، ومن تبقى من هؤلاء يعانون من إهمال، وعدم وجود حوافز وتدريب وتأهيل ما ينفر الجميع من الإعداد والكتابة للأطفال، كما أن الاهتمام بشريحة الأطفال مغيب، كل هذا خلق تراجعاً في الأداء للأسف.

قاعدة جماهيرية
 برنامج «نادي الأصدقاء» أول برامجكِ الخاصة للأطفال تقريبا، على قناة اليمن الفضائية.. هل بالإمكان أن تعودي بالذاكرة إلى الصدفة التي قادتكِ للإطلالة الأولى؟
لم يكن نادي الأصدقاء أول برنامج لي، بل كان برنامج «جيل الغد» و»حديقة المنوعات» في 1998 وجولات من البرامج: الفارس الصغير، زهور وزهرات، ونادي الأطفال، والبراعم، والكثير من البرامج المنوعة والمناسبات الوطنية والدينية، أما برنامج «نادي الأصدقاء» فاستطاع أن يكوّن قاعدة جماهيرية كبيرة وصادف ظهوره مع البث الفضائي للفضائية اليمنية، ويعتبر أول برنامج عبر البث الفضائي.

لم يلب أحدٌ دعوتي
 ذكــرت فــي إحدى المقابلات التلفزيونية معكِ أنكِ مستعدة أن تقدمي برنامج أطفال على حسابكِ الشخصي تعاونا منكِ لإعادة برامج الطفل إلى الواجهة.. هل لبى أحد ما دعوتكِ؟ وهل ماتزال الفكرة قائمة؟
نعم، ومازلت أقدم استعداداً تاماً لتقديم برنامج مجاناً لأطفال الوطن المحرومين من أبسط الحقوق وهي الترفيه والتعليم والمهارات، لكن للأسف لم يلب أحد دعوتي، لأنهم غير مهتمين بهذه الشريحة. وأقول: «لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي».

قناة اليمن تحتضر
 قناة اليمن (المستنسخة) أوالـ(copy) كما يطلق عليها.. هل أثّرت على جمهور قناة اليمن الأصلية والتي تبث من أرض الوطن، ومن العاصمة صنعاء؟
قناة اليمن المستنسخة لم تؤثر، ولكن السياسة أثرت على قناة اليمن الأم التي تبث من صنعاء والتي تحتضر الآن من عدم وجود الدعم الكافي لها ولكوادرها المحبطين والقابعين في المنازل بدون عمل للأسف رغم امتلاكهم الخبرة الطويلة.

من باعوا أنفسهم ومهنتهم من أجل النقود أغبياء
 بكل شموخٍ وإباء ذكرتِ في مقابلة تلفزيونية أنه قُدمت لكِ الكثير من المغريات لترك بلدكِ، لكنكِ فضلت أن تكوني في وطنكِ ورفضت أن تكوني بوقا لأحد، ما رأيكِ بمن جعل رسالته الإعلامية للتطبيل؟
نعم، رغم المغريات لكنني فضلت أن أكون في وطني رغم الظروف الصعبة ولن أقبل أن أكون مرتزقة على حساب دماء الأطفال والنساء الأبرياء، بلادي وإن جارت عليَّ عزيزةٌ.. من باعوا أنفسهم ومهنتهم من أجل النقود أغبياء، والوطن ليس شعارات تردد، الوطن حبه أسمى بكثير من الجميع.

تطبيق اتفاقية الطفل على أرض الواقع
 كونكِ رئيسة مؤسسة سام للطفولة والتنمية.. ماذا تقدم المؤسسة للأطفال؟ وما هي برامجها؟
مؤسسة سام للطفولة والتنمية، مؤسسة خيرية غير ربحية ومن أهدافها ورؤيتها تطبيق اتفاقية الطفل على أرض الواقع، أيضا الحد من ظاهرة العنف الموجه للأطفال، والحد من ظاهرة التسرب من التعليم، كذلك الحرص على مصلحة الطفل الفضلى والدعم النفسي، أي العمل في مجال الحماية.

العنف بكافةِ أشكاله
 قلتِ ذات مرة إن الطفل الذي يعيش في الشارع ويتعرض للابتزاز بلا شك سيتربى مجرماً وتكون بداخله نزعة الانتقام.. برأيكِ لماذا يغيب دور الجهات المختصة في احتواء هؤلاء الأطفال؟
نعم، نحتاج إلى خطة ودعم لكي نتفادى هذه المشكلة وهي ظاهرة أطفال الشوارع والتي عملت الدولة سابقا على الحد منها، وتحتاج إلى تكاتف الجميع الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، وبالفعل عندما يتعرض الطفل إلى الكثير من المشاكل اليومية وهو بدون مكان يحتويه يصبح عنصراً غير جيد، وربما يصبح مجرماً يوماً من الأيام، لأنه لم يحصل على حقوقه التي كفلها له الدستور والتشريعات السماوية والدولية، والمشاكل تتمثل في العنف بكافة أشكاله، والتحرش واكتساب السلوك غير الجيد، وهنا رسالة نوجهها من خلال صحيفتكم الغراء إلى أصحاب القرار بأن يهتموا بهذه الشريحة لأنها جيل الغد، وهم من يبني الوطن.

أحاول أن أكون مثالية
 بثينة الأم.. لا شك أنها أم مثالية وتتعامل مع أطفالها برقي.. ما هو برنامجكِ اليومي معهم؟
لا لست مثالية، بل أحاول أن أكون أما مثالية بقدر المستطاع لأن هذا الجيل يتصف بالذكاء والقدرة على التحليل، وشخصياتهم قوية ومحاورون من الدرجة الأولى، أيضا التكنولوجيا نتصارع معها في تحديد شخصيات أطفالنا، وأعتقد أنها سبقتنا إلى ميولهم، وتشكيل شخصياتهم نتيجة لظروف العمل والانشغال خارج المنزل والتي نحاول تعويضهم هذا الوقت، ولكن الحمد لله استطعت زرع الثقة بأنفسهم واحترام الآخرين والمتابعة المستمرة لتعليمهم وإكسابهم المهارات الحياتية، والله يحفظهم.
 ونحن ندخل عامنا الثامن من العدوان علـــى بلدنا.. كيف تقرئين مستقبل الطفولة خاصة وأنهم الفئة الأكثر التي انتهكت حقوقها؟
العام الثامن من الصمود تحت وطأة العدوان الذي دمر الحرث والنسل، وهدم البنية التحتية للوطن الغالي، وأطفالنا هم الشريحة الكبيرة المستضعفة التي تعرضت للكثير من القسوة وفقدنا كثيرا من الأطفال الأبرياء الذين قتلهم العدوان بدون ذنب والكثير ممن فقدوا أجزاء من أجسادهم ودمرت المدارس، والحدائق، وأصيب الكثير بحالة الخوف والقلق الذي تسبب في حصولنا على أطفال محرومين من أبسط مقومات الحياة الطبيعية، ومعقدين في شخصياتهم لفقدان العائل أو الأسرة بأكملها، هذا الجيل يحتاج إلى دعم نفسي كبير وإعادة بناء شخصياتهم من جديد وتأهيل أسرهم للعمل والإبداع والإنتاج حتى يستطيعوا تقديم ذلك الدعم لأطفالهم.

شكراً صحيفة «لا»
 بماذا تختم «ماما بثينة» لجمهورها عبر صحيفة «لا».. المساحة لكِ؟
أختم بالتحية لكل مواطن ومواطنة شرفاء يحبون الوطن بصدق، ويخلصون لأسرهم نقول: لهم شكرا جزيلا والصبر مفتاح الفرج، ونسأل الله أن يزيح هذه الغمة التي نتمنى أن تكون سحابة صيف وسترحل، ونقول للجميع الوطن ليس شعارات تُردد، الوطن تضحية وحب، وسلام الله على الشهداء والشفاء للجرحى الأوفياء من أبناء الوطن، وشكراً لإدارة تحرير صحيفة «لا» ورئيس تحريرها الأستاذ صلاح الدكاك وجميع الطاقم، ولكِ أنتِ سيدتي.