ربما لم يكن لأي شاعر أو أدب في اليمن، مقدار الزهد عن الأضواء، مثلما كان للشاعر للراحل عبدالرحمن فخري (2016/1936) بالرغم من أنه يمثل حالة شعرية خاصة تجاوزت محليتها إلى العالمية، وقد ربطته علاقات متينة بكبار الشعراء العرب، وفي مقدمتهم أدونيس ودرويش وحجازي والبياتي وغيرهم، وكان حضوره في المهرجانات العربية يطغى على حضوره المحلي.
فخري، الذي حلت ذكرى رحيله الرابعة، أمس الأول في (الـ22 من أغسطس)، يكاد يكون هو المؤسس لحركة الحداثة الشعرية في اليمن وعلى نهجه سار العشرات من الذين اختطوا مغايرة الشكل الشعري العمودي وأوزان التفعيلة، إلا أنه رغب في حياة هادئة بعيدة عن الأضواء والضجيج «لدرجة أنه من الندرة أن نجد له صورا، على أي من محركات البحث على الشبكة العنكبوتية»، كرفاقه وأصدقائه الشعراء من أبناء جيله وسواهم. 
عن مجموعته الشعرية «من الأغاني ما أحزن الأصفهاني» كتب الدكتور عبدالعزيز المقالح أن «الشاعر عبدالرحمن فخري واحد من المجددين الذين كتبوا شعرهم أو معظمه بمنأى عن الالتزام ببحور الخليل بن أحمد، وشهادة حق فقد كان في طليعة رواد قصيدة النثر في اليمن، ولا يخفي عدد من الشعراء الذين كانوا شبانا في السبعينيات، تأثرهم بفخري، بل حاولوا في بداية أمرهم محاكاة طريقته في الكتابة الشعرية، ليس على مستوى التمرد ضد الأوزان فحسب، وإنما في بناء الجملة الشعرية المكتنزة بقدر من الغموض وفي اجتراح المغامرة المؤدية إلى ابتداع نوع من المعنى المثير للجدل».
وأضاف: «لن ينسى تيار الشعر الجديد في اليمن دور الشاعر الراحل عبدالرحمن فخري في الدفاع عن هذا الاختيار ومقاومة أنصار المحافظة الأدبية بعامة والشعرية بخاصة».
ترجمت بعض أعماله إلى عدة لغات، وصدرت له مختارات باللغة الإنجليزية بعنوان «ليالي الأدب العربي الحديث» عام 1988م. وبموازاة ذلك صدرت له أعمال شعرية ونقدية هي: «نقوش على حجر العصر»، و»من جعبة الفراسة»، و»الكلمة والكلمة الأخرى».
تشير سيرته العلمية والمهنية في جانب منها، إلى أنه «في العام 1958 إعلان الإضراب العام من قبل عدد من النقابات ضد انتخابات المجلس التشريعي، فاتخذت إدارة معارف مستعمرة عدن قرارها بفصل عدد كبير من المدرسين، كان عبدالرحمن فخري في مقدمة هؤلاء الذين طالهم قرار الفصل، فتم استيعاب عدد منهم في المعهد الإسلامي، وأوفدت رابطة أبناء الجنوب عدداً من المدرسين للدراسة الثانوية في الجمهورية العربية المتحدة، منهم الراحل فخري وأخوه علي. وبعد إكمال دراسته الثانوية في مصر، تم إيفاده للدراسة في لبنان فالتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت، ودرس الاقتصاد والعلوم السياسية».
وعقب الاستقلال من الاحتلال البريطاني، التحق بوزارة الاقتصاد، ثم بوزارة الثقافة، ووزارة العدل، وعين وكيلا لوزارتي الثقافة والعدل.
يعد فخري من الأعضاء المؤسسين لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وقد شغل موقع نائب الأمين العام للاتحاد قبل أن يغادر للعمل في «اليونيسكو» ممثلا لجمهورية اليمن
 الديمقراطية الشعبية سابقا.