الحسن بن علي بن جابر الهبل

أَيُغنيك دَمعٌ أنتَ في الرَّبع ساكبُهْ
وقد رَحلَتْ غِزْلانهُ ورباربُهْ
تُهَوِّنُ أَمرَ الحُبّ مُدّعياً لَهُ
وما الحُب أهلٌ أن يُهوَّنَ جانبُهْ
لِكُلِّ مُحبٍّ كأسُ هجرٍ وفُرقةٍ
فإِن تُصْدقِ الدعوى فإنكَ شاربُهْ
عَجبتُ لِصَبّ يَسْتلذُّ معاشَه
وقد ذهَبَتْ أحبابُه وحبائبُهْ
فلا حُبَّ مَهْما لَمْ يبتْ وهْوَ في الْهوى
قَريحُ المآقي ذاهلُ القَلْب ذاهبُهْ
ومُكْتَئبٍ يشكو الزّمانَ وقد غَدَتْ
مشارقُه مَسْلوكةً ومغارِبُهْ
ومُلْتزم الأوطان يشكُو مُجرّداً
من الْعَزمِ سَيفاً لا تكلُّ مَضَارِبُهْ
وحَسْبُك أدراعٌ من الصَّبر إنّها
لَتُحْمَدُ في جُلَّى الخُطوب عواقبُهْ
فأيُّ لئيمٍ ما الزّمانُ مُسَالمٌ
لَه وكريمٍ ما الزَّمَانُ مُحاربُهْ
فلاَ كَانَ مِنْ دَهْرٍ بهِ قَد تَسوَّدت
على الأسْدِ في آجامهنّ ثعالبُهْ
وما أنْسَ لا أنْسَ الشّهيدَ بِكَرْبلا
وهَيهات إنّي ما حييتُ لَنَادِبُهْ
سَبَوْا بَعْدَ قَتْلِ ابنِ النبيّ حريمَهُ
وَمَا بَلِيَتْ تَحتَ التّرابِ تَرائبُهْ
وباتَ يزيدُ في سرورٍ ولَوْ دَرى
بما قَدْ جَرَى قامَتْ عليهِ نوادبُهْ
وكم قَتلُوا مِن آل أحمد سيّداً
إماماً زَكتْ أعراقُهُ ومَناقبُهْ
فَلِمْ لاَ تَمُورُ الأَرض حُزْناً وكَيْفَ لا
من الفَلكِ الدوَّارِ تهوي كَواكبُهْ
وكلُّ مُصَابٍ نَالَ آلَ محمَّدٍ
فَليسَ سوى يَوم السَّقيفةِ جالِبُهْ

* بتصرف من قصيدة طويلة 
** شاعر يمني، ولد في صنعاء ونشأ فيها، خلال القرن 17م/ 11 هجرية، واشتغل بالعلوم والأدب، حتى لقب بأمير شعراء اليمن في زمانه. أصله من قرية بني هبل هجرة من هجر خولان. له ديوان شعر. وتوفي وهو دون الثلاثين.