طاهر علوان الزريقي / مرافئ -
فيلم أمريكي يظهر بكل فخر واعتزاز وبلقطة مجسمة تعكس حلم النظام الأمريكي بدقة، ومن أتيحت له رؤية فيلم البحارة الأمريكيين لا بد أن تستوقفه تلك الإشارة الغريبة التي تلتصق بقبعة البحارة وتمثل خريطة العالم مع ديك ودجاجة، أما الديك فيعني جغرافية أمريكا الشمالية والدجاجة جغرافية بقية القارات، هذه الإشارة الفظة تعكس شبق الأمريكي وإرادته الفجة للسيطرة على العالم بتلك الطريقة الوقحة وضحالة ثقافية مذهلة لن تقنع العالم بمشروعيتها.
لقد حقق الإنسان عبر مشواره الطويل وبكثير من الألم والعذاب، الكثير مما يجعله يرتفع إلى مصاف الحياة الكريمة، ولا تفعل الثقافة الأمريكية الضحلة اليوم سوى إعادته إلى الصفر المكعب وإرجاع الزمن إلى ذروته الأولى وإلى العبث اللامعنى وإباحة القتل وشريعة الغاب، وكل ذلك يجري أمام أعين الجميع.
لقد وجد الأمريكي الحل ببساطة: البطش والمزيد من البطش والدمار والحصار والعقوبات وتحطيم القيم لإلغاء الذاكرة البشرية تماماً حتى ينسى الجميع مفاهيمه البائدة أمام إبهار الهامبرغر والكاوبوي ورامبو، وهكذا يتعرض العقل البشري لعملية غسل دماغ ببرمجة بهدف إدخاله في نفق بربرية جديدة أكثر ظلاماً، وأعمق هولا ً، وأشد قمعاً وفتكاً مما شهدته البشرية على امتداد تاريخها الطويل، فهل تنجح ثقافة الديك والدجاجة؟  
إن منطق التاريخ لا تحتمل أبداً نشازاً كهذا في مساره، وسرعان ما تأتي اللحظة التي يلقي فيها بالعصر الأمريكي إلى مزبلة التاريخ.